العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-12-2003, 09:01 PM   رقم المشاركة : 1
شامل
( ود جديد )
 





شامل غير متصل

غاضبون...غاضبون

غاضبون...غاضبون


استقرت الآن على السطح الأبيض الذي بدأ لها متراميا ً، فركت أطرافها بحركات روتينية، ثم وقفت بهدوء ترمق السطح بخمول، تحركت على السطح الزلق بلا هدف، ثم بلا مقدمات اندفعت تعبر السطح بسرعة وانحرفت منه إلى حائط زجاجي عملاق نفذت من فوقه ثم استقرت على سطح أحمر ناعم، عادت من جديد لتفرك أطرافها ورأسها وتحركت ببطء، وارتمى بجانبها ظل ضخم ما لبث أن احتواها، وفي غفلة منها كانت الضربة قد جاءتها من حيث لا تحتسب، فسقطت فاقدة الرشد.
* * *
بدأ جسده جميلا ً في البذلة الرياضية السوداء التي تكشف عن قوة كتفيه وعضديه، جعل يرمق نفسه في المرآة بلا اكتراث، للحق كان في السابق يستمتع بالنظر إلى شكل عضلاته وانقساماتها ويظل يربت عليها بفخر واعتداد، وعندما لا يكون هناك من يراقبه كان يعري صدره ويستمتع بشد عضلاته وإرخاءها، والتمتع بمنظر تلك الكتل التي تظهر وتختفي.
ولكن الآن ما الفائدة ؟؟ زفر بضيق وهو يندفع خارج البيت جاذبا ً الباب لينصفق خلفه، وعبر الشارع الذي تآكلت أرضيته وانتشرت فيه الندوب وغطته أوراق الشجر الجافة، كانت سيارته واقفة تحت الشجرة الوحيدة التي أبقى الخريف أوراقها في هذا الشارع المنسي، زفر بضيق وهو يرى مخلفات الطيور تغطي سيارته، فتح الباب وألقى بنفسه خلف المقود وأدار المحرك، وانتظر لحظات قبل أن يندفع بالسيارة، تجاوز عددا ً من الشوارع الصغيرة قبل أن يدفع سيارته إلى الشارع الرئيسي، كان سارحا ً فلم ينتبه للسيارة المسرعة التي نجح قائدها في تفاديه، ولكنه أفاق من شروده على صوت نفير السيارة وصاحبها يشير له بيده إشارة بذيئة، أجتاحه غضب رهيب وفكر باللحاق بصاحب السيارة وتأديبه، ولكن نظرة للسيارة التي أصبحت بعيدة الآن، علم بأنه لن يستطيع اللحاق بها، فعدل عن الفكرة وما لبث أن انعطف يمينا ً مع شارع فرعي ثم يسارا ً ثم أوقف السيارة بجانب أرض فضاء ضخمة، فتح النافذة قليلا ً عله يظفر بنسمة تنعش قلبه المحروق، وجعلت الأفكار تتجاذبه وكاد أن يغوص في بحارها اللجية، ولكن قطع خواطره ذبابة عبرت النافذة نصف المفتوحة وحطت على المقعد بجواره، عاد الغضب يداهمه على مقاطعتها له وبهدوء تناول علبة المناديل التي أمامه، وأثناء انشغال الذبابة بحركاتها الروتينية، هوى بالعلبة عليها وعندما رفعها كانت لا تتحرك، هم بضربها ثانية ولكنه تراجع وهو يقول لنفسه( امنحها فرصة ثانية، مادام أنه لا أحد فكر بمنحك فرصة ثانية فلتكن أنت كريم مع هذه الذبابة وامنحها فرصة ثانية).
أغلق النافذة وترك الذبابة في مكانها وترجل من السيارة، أعاد إصلاح شأنه، ثم دفع المفتاح في القفل وجذبه بعدما أداره، بدأ في المشي بتمهل قاطعا ً المسافة المحيطة بالأرض، وعندما أتم الدورة الأولى بدأ بالجري بسرعة خفيفة ثم زاد السرعة، وعندما أتم الدورة الثالثة كانت أنفاسه تتردد في صدره بقوة، توقف شاعرا ً بعضلات ساقيه متصلبة، وعندما انتظمت أنفاسه سار ببطء متجها ً إلى الشارع الرئيسي القريب، توقف قليلا ً أمام سيل السيارات التي تندفع فيه، ثم عبره هرولة عندما خفت السيارات، وصل إلى محطة للسيارات على الجانب الآخر تحتوي على محل تجاري، حيث انتزع زجاجة مياه باردة من الثلاجة بالإضافة إلى مرطب، وضعها في كيس أزرق ودفع إلى البائع السوداني ريالين، ثم عاد ليقطع الطريق من جديد، وعاوده التفكير والشرود، ولذلك لم ينتبه للسيارة الصغيرة التي برزت من شارع جانبي واندفعت بسرعة، وبدا أن سائقها لم ينتبه له، إلا عندما أصبح على مقربة منه، وأفاق هو من شروده على صوت صرير الإطارات وفي لحظة أظلمت الدنيا.
* * *
مؤسسة العبد السميح للأثاث هذا ما تقوله اللافتة المعلقة على واجهة المحل، كان المحل متوسط الحجم ويحتوي على قطع متنوعة من الأثاث المصنع في مصنعها الكائن في ضاحية من ضواحي الرياض، توقفت سيارة نقل قديمة، وترجل منها محمد عبد السلام السائق المصري لدى المؤسسة، الذي سارع بالدخول وبيده مجموعة من الأوراق، وخلف مكتب صغير في مؤخرة المحل كان يجلس أبو تركي صاحب المحل الذي نظر إلى محمد بغيظ وقال وهو يأخذ منه الأوراق:
- كالعادة متأخر...دائما ً تتأخر.
- يا عمي...زحمة...ما كل الرياض بتخرج دلوقتي.
- لا والله إلا طبيعة بك، هذا (يسري) ما عمره تأخر، دائما ً على الوقت، لكن أنت علة باطنية.
احتقن وجه محمد، وتململ في وقفته، فيما كان أبو تركي يضع الأوراق على المكتب الذي انتشرت عليه دوائر من بقايا الشاي، تعين الأماكن التي وضع فيها كوب الشاي، ارتدى أبو تركي نظارات القراءة، ثم ألقى على الأوراق نظرة فاحصة، ومن باب خلفي بلون الطين الجاف، خرج شاب طويل بشعر مائل للشقرة، في يديه منديل ورقي يمسح به يديه المبلولتين، وقال عندما لمح محمد:
- ولك يا ميت أهلين وسهلين، كيفك محمد.
ومد ذراعه بدلا ً من يده التي لم تجف، ومد محمد يده ليقبض على الذراع الممدودة له وهو يتمتم بكلمات مبهمة، فيما قال أبو تركي وهو يرفع رأسه عن الأوراق ويده تحط على لحيته المشذبة بعناية:
- سامر...رح مع محمد للمصنع، عشان تشوف المخططات الجديدة...ترى بعضها ما جازت لي، بس أبو سليمان يقول زينة...شفهن أنت وقل لأبو سليمان رأيك.
- تكرم عينك أستاذ، بدي شوفون، وإذا كانوا مو محرزين بدي اقنع أبو سليمان يغيرون.
- يعطيك العافية.
- يا لله تؤمر بشيء أبو تركي.
- سلامتك.
- الله يسلمك.
وخرج محمد وسامر من المحل، واستقلا السيارة وقال محمد عندما أغلق سامر الباب:
- احنا مش حنروح عالمصنع طوالي، فاضل معاي أوراق حأوصلها لأبو سليمان.
- أعمل اللي بدكياه.
زفر محمد ليطرد الضيق الذي يشعر به، بعد تعنيف أبو تركي وأيضا ً لبعض المشاكل التي تعصف بأسرته الصغيرة في مصر، حيث أن فوقية زوجة أخوه تركت المنزل هي وأولادها، وطلبت الطلاق من أخوه رضا، الذي انسدت الدنيا في وجهه، وكان البارحة يبكي وهو يكلمه على الهاتف، قال لنفسه ( وهو أنا حعملك ايه يا رضا بس، مانا برضه لولا حتة الفلوس اللي ببعتها لأم أيمن مراتي كان سابت البيت ومشيت من زمان)، زفر مرة أخرى وهو يتعجل الإشارة الحمراء، وعندما أصبحت خضراء سارع بإطلاق نفير السيارة، وهو يقول بغضب ( امشي يا مدهول، امشي ياله منك لوه)، ربط سامر الذي يخاف من السيارات من صغره حزامه وهو يقول:
- شوي...شوي، ولك الدنيا ما طارت.
- يا عمي وهوا أنا حوقف هنا لحد المساء.
ثم عاد يطلق النفير وهو يقول ( ياللة يا خونا ياللة )، واستطاع النفاذ من الإشارة أخيرا ً، واندفع بالسيارة بسرعة، فصاح سامر به:
- الله...الله...ولك حاسب يا بني آدم...والله بتودينا في داهية، ولك على مهلك مو هيك.
ولكن محمد اندفع في شارع جانبي محاولا ً تفادي إشارة مزحومة أخرى، ومن هذا الشارع اندفع إلى شارع رئيسي، وفجأة من الجانب الآخر للطريق ظهر رجل يمشي، كان الرجل قريبا ًً جدا ً عندما رآه محمد، ضغط بكل قوته على الكابح فيما كان سامر يصرخ( حاااااااااااااسب) ولكن السيارة انزلقت، لتصطدم بالرجل وتلقيه على بعد أمتار.
خيم الصمت ثواني على الاثنين ثم وجد سامر لسانه فصرخ بصوت مبحوح:
- الله يخرب بيتك...دعستوا؟؟؟
- والله ماشفتوش هوا نزل من فين...مانا كنت...
ولكن سامر لم ينتظر لسماع بقية هذا الهراء، وإنما اندفع نحو الجسد الملقى، كانت بقعة من الدم بدأت تتكون تحت الجسد، وبدأت الناس تتجمهر حول موقع الحادث، البعض اتصل بالشرطة والبعض الآخر اتصل بالإسعاف، وعلى مسافة قصيرة من التجمهر كانت هناك على الأرض علبة ماء صغيرة، بدأ الماء يتسرب منها ليسيل على شقوق الأرض الجافة.
* * *
أحكم من وضع الحزام حول خصره، ثم غمس يديه تحت الماء المنهمر، ومسح وجهه متخللا ً بأصابعه لحيته الصغيرة، ثم خرج من دورات المياه متفاديا بقعة ماء عند المدخل تدل على تسرب في مكان ما، قال لخالد زميله الذي كان خلف المقود وقد غطت أكثر وجهه النحيل نظارة شمسية:
- عطني منديل تكفى.
- يا للة سنة... أعوذ بالله...وش تسوي...تسبح؟
- يا خوي منب ناقص هالموال واللي يرحم والديك.
قالها ثم اندفع راكبا ً إلى جانبه، كان هذا عندما وصلهما البلاغ، دفع خالد الكراون فيكتوريا الجديدة التي يركبانها، عبر عدد من الشوارع متجها ً إلى موقع الحادث وحالما اقترب منه، أطلق لسرينة سيارته العنان فيما كانت أنوارها تتراقص معلنة عن وصول أصحاب الاختصاص، ترجل حمد وأعاد التأكد من ثبات حزامه، ثم اقترب من المسعفين الذين كانوا ينقلون الرجل الذي تدل بقعة الدم على ما حدث له، سأل المسعفين:
- كيف حاله؟
- كسور...وكدمات وفقدان للوعي، ما كانت الضربة قوية، وجسمه رياضي وتحمل الضربة.
- وين المتسبب بالحادث.
كان هذا عندما اقترب منه شاب مصري وجهه أحمر من الشمس وكذلك أذناه محمرتان ولكن ليس من الشمس، وقال:
- أنا بس والله العظيم مكونتش قاصد، أصل هوا اللي طلع لي مش عارف من فين.
أشار له حمد بملل وقال:
- بعدين... بعدين الآن خاونا للقسم ويصير خير.
- القسم... يا خبر ولزومه ايه القسم يابيه؟؟
- عجيب... الرجل طايح بين الحياة والموت وتقول لي وش لزومة.
- خاف الله يا بيه... حياة وموت ايه...ماالدكتور بيقولك قبل شوية كدمات وكسور، هوا اللي طلع لي.
- مضبوط الكلام اللي عم بيقولوا(كانت هذه من أشقر كان يقف بجانب المصري) أنا كنت معه وقت ما صار الحادث، وهالشب طلع مثل الشبح، ماني عرفان من وين.
- طيب...طيب...تعالوا معنا أنتم الحين، ونأخذ أقوالكم وإذا صحي الرجل وتنازل طلعناك.
وباستسلام مشى الشابان مع حمد للسيارة وركبا في المقعد الخلفي، فيما عاد حمد لإكمال الإجراءات الاعتيادية.
* * *
كانت الدفاتر تبدو كجبل الآن، جبل يجثم على روحه ويخنقه، تتراص بألوانها المختلفة على مكتبه منتظرة التصحيح، وضع كوب الشاي، واستل قلمه الأحمر، وتناول أول دفتر وفتحه، رشف من كوبه رشفة ثم قرأ السؤال الأول: من هو قائد الروم الذي رفض دفع الجزية للخليفة العباسي هارون الرشيد
الجواب: مسيلمة الكذاب.
زفر وهو يضع علامة خطأ، ثم السؤال الثاني: أكمل الفراغات التالية:
وكان قائد المسلمين في معركة القادسية بلال ابن رباح.
زفر بضيق وهو يضع علامة خطأ أخرى، وقال وهو يقلب الدفتر حتى يرى اسم الطالب( من هذا الحمار؟)، وعندما رأى الاسم هز رأسه باقتناع، وعاد يصحح باقي الدفاتر وكانت أغلب الإجابات كأنها مأخوذة من تاريخ آخر غير الذي نعرفه، تاريخ يكون فيه عبد الله ابن أبي السرح مثلا ً هو قاد الفرس في القادسية، ومضى يتبحر في هذه الفضائح عندما أحس بتنميل في فخذه، وكأن شيء يدب عليها، وكان هذا جواله يهتز، فقد كان قد وضعه على هذا الوضع في المسجد ونسي أن يعيده إلى وضعه الطبيعي، أخرج الجوال ليرى رقم نسيبه يتألق على الشاشة، وحالما ضغط على زر الرد، آتاه الصوت كأنه من بئر عميق:
- إبراهيم...السلم عليكم.
- وعليكم السلام...هلا.
- أنا الحين مقبل على بيتك...البس ثيابك وأطلع الله لا يهينك.
- ليش عسى ما شر؟
- ما يجيك، صالح صار عليه حادث وبنروح المستشفى.
- آمنا بالله...وش حادثه؟؟؟
- حادث سيارة... صدمته سيارة وهو يقطع الشارع، والحين بنروح نشوفه.
- وهو شلونه عسى ما تعور.
- والله ما أعلم...نروح ونشوف.
- ياللة...ياللة...بتلقاني عند الباب.
* * *
كانت السيارة في المكان الذي وصفه له عبد المحسن، بدأ يجرب المفاتيح حتى دار في يده أحدها، مسح وجهه بضيق ودفع نفسه في المقعد، أدار المحرك وسرح بتفكيره، صالح في حال سيئة ولم يفق من الغيبوبة حتى الآن، لا حول ولا قوة إلا بالله…الله ييسر له أمره ويرفع عنه كربته، عليه الآن أن يعيد سيارة صالح إلى البيت، فقد طلب منه عبد المحسن ذلك، وحالما انطلق بالسيارة أحس بشيء صغير يحط على وجهه، مد يده ليبعده عن وجهه، كانت ذبابة جعلت تزن وهي تدور في السيارة، فتح لها النافذة فانطلقت إلى الخارج وحلقت مبتعدة.‏الثلاثاء‏،



‏‏22‏/10‏/1424‏
01:53 م







قديم 16-12-2003, 10:19 PM   رقم المشاركة : 2
nowras
الإدارة العامة للمنتدى
 
الصورة الرمزية nowras
 





nowras غير متصل

شامل،،،،


اخي سلمت انا ملك والله يعطيك العافية


تحياتي


النورس







التوقيع :
[flash=http://nada3.jeeran.com/wafa.swf]WIDTH=380 HEIGHT=200[/flash]


[poem font="Traditional Arabic,6,white,normal,normal" bkcolor="black" bkimage="" border="double,6,black" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
قل لمن دبّجوا الفتاوى رويداً= رب فتوى تضج منها السماء
حين يدعو الجهاد يصمت حبر = ويراع والكتبُ والفقهاء
حين يدعو الجهاد لا استفتاءُ = الفتاوى، يوم الجهاد الدماء [/poem]

قديم 20-12-2003, 09:41 AM   رقم المشاركة : 3
شقـShQaoUaـاوه
( وِد ذهبي )
 
الصورة الرمزية شقـShQaoUaـاوه
 






شقـShQaoUaـاوه غير متصل

شامل،،،،


اخي سلمت انا ملك والله يعطيك العافية



ماقصرت يابعدي على القصه

تحياتي*3







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:01 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية