العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-09-2005, 01:54 PM   رقم المشاركة : 1
الــــغــــادي
( ضيف الــود )
 





الــــغــــادي غير متصل

هذيان المطر (قصة )

اولا ارجو ان تتقبلوني بصدر رحب عضو جديد في منتداكم

وثانيا ارجو ان اسمع رايكم بصراحة مطلقة

وثالثا عذرا على ما قد تواجهونه من اخطاء أملائية فلم اقم بتدقيق القصة


هذيان المطر
بقلم:الـــغــادي
بعدما أدار أخر واحداًمنهم ظهره ,وأعلن ارتطام الباب عن بدء وحدتي,ولم يبقى في مسمعي سوى صدى أصواتهم وسخافات التلفاز,
أخذت نفساً عميقاً,وحنت كفي لملامسة خدي,
تمددت رجلاي أمامي ,نضرة عيناي لساعتي,
أخبرتني بأن الوقت متأخر,لكن لا يهم.....

بدأت أتأمل المكان من حولي,علب البيبسى الفارغة(رغم المقاطعة),أوراق اللعب المبعثرة(منهكة),بقايا الطعام الذي أحضره أحدهم من المطعم,فناجين قهوة مستفرغة,منافض ممتلئة,دفتر المصروفات وبجانبه دفتر ألبالوت الذي أعلن فوز أحدهم وانتصاره على الفريق الأخر,جهاز العاب السوني واسطوانة كرة القدم,التلفاز ينعق بأغنيةٍ تحمل معان سخيفة,موقد الجمر لازال به بعض الدفء رغم موته,مجلة تركت مفتوحة على صفحة اختبر ذكائك....

الساعة الآن الواحدة بعد منتصف الليل,غداً
بداية الفصل الدراسي الثاني,معظم حديث هذه الليلة كان مكرراً ماعدا الحديث عن الغد,اللوازم المدرسية,استغلال المكتبات لموسم الصيد الوفير,إفلاس أوليا الأمور,

الكل ذهب للنوم ولكني مازلت في الاستراحة
وحدي ,لا اشعر برغبة في النوم....

أخذت أفكاري تأخذني إلى أماكن كثيرة...
أخذتني تارة فأصبحت ثرياً,وتارةً وجدة نفسي في عش الزوجية مع زوجةً تفوق في وصفها فتيات الشاشة,وتارة رأيتني أسافر حول العالم,ووجدت نفسي اسكن قصرا واملك مجمعات,ورأيت ورأيت ..............

قطع أفكاري رنين الجوال , دسست يدي في جيبي متعجلاً , أخرجت هاتفي ولكن لم يكن هذا صوته؟؟
تتبعت الصوت وأخذت ابحث عن مصدره,الفوضى تعم المكان ,كيف سأجده وسط هذه الجثث ,أخيراً وجدته, يقبع هنا وقد وضع بشكل أنيق وبجانبه ميدالية مفاتيح
وقداحة زرقاء,ترددت في الرد على المتصل
ولكني أخيراً فعلت :ـ
ـ الو
=آيوا بدر
ـ هلا وليد
= شوف..أنت للحين في البر؟
ـ أجل تكفى هذا جوالي أنا ناسيه وأنت جاي البلد جبه لي مع المفاتيح والولاعة,ولما توصل كلمني على رقم غرفتي
ـ أو كية ابشر ولا يهمك
= بآي
ـ حياك.

المكان أصبح موحشاً,الريح لا تكف عن مضايقة النافذة, مروحة الشفط ما زالت تلهو.. أطفأتها بعدما أخرست التلفاز, لملمت أغراضي ,لبست قفازاتي الجلدية,لففت شما غي حول رأسي ووجهي,هاتفه والمفاتيح احتلا جيبي الأيمن لينعما بالدفء في ثوبي الصوف , فتحت الباب , هممت بالخروج,زمجر في وجهي صوت الرعد, لمع في عيني ضوء البرق, أرعشني البرد...., يا الهي ستمطر, علي أن اطفىء
مولد الكهرباء !! لكن سيبللنني المطر,السيارة بعيدة قليلاً!!!!!!!

احترت... نزل المطر بشدة,زمجر الرعد وبرق البرق معلنا نهاية حيرتي وأن الحل هو العودة للداخل, لم أكن بعد قد أخرجت قدمي الأخرى من الباب ,عدت أدراجي ,أغلقت الباب ....,

فتحت الستارة تأملت المنضر بالخارج على ضوء القمر والذي كان هو الأخر قابعا هناك وحده,ضوء البرق يفزعني ,لكنه يعطيني مساحة رؤية أكبر بالخارج ,أستمر هذيان المطر,الغيوم يشق سوادها التماع البرق,
ازداد غضب الريح,بحيرات صغيرة تكونت فوق الرمال, أضواء السيارات تهرب نحو البلدة
أنا ما زلت أقف خلف الزجاج المزخرف بخرائط القطرات,ألصقت وجهي به تحسست برودته وعيناي ترقب المطر,..المكان هنا دافئ,لكن المنضر أرعش أطرافي,استدرت لأرى ذاك الغطاء ,
أغراني مظهره ,فكرت في مقدار دفئه وحنانه,لقد تركه أحمد عندما خرج من نوم الدفء الذي أسره فيه, التففت به..
شعرت بالدفء والأمان,وبينما أنا وسط حصاري الجميل ارتعشت إضاءة الغرفة,
طبعا هي لا تشعر بالبرد,لكن وقود المولد ينفذ...... لن أتمكن من الوصول إليه لتعبئته,ماذا أفعل , ليت المضلة التي اسخر من حاملها كانت معي,واصلت الأضواء رقصاتها وسط إيقاع المطر وصفير الريح,
أخيرا أعلنت نهاية الاحتفال .. رحلت...
انطفاء المولد...ذهب صوته المزعج...
أظلم المكان.... مات النور.......

أصابني سكون داخلي غريب لا أعرف ما جرى بي؟, جالت في ذهني أحداث سابقة....أماكن ضيقة.....صور قديمة...خيالات أشخاص...كلها كانت بدون ألوان,

شعرت بالخوف....

بداءة أحاول أن أجد ما أكسر به قيد الظلام الذي كبلني...,
>
>
>أه تذكرت ..... قداحة وليد
أخرجتها وقمت بمحاولة إشعالها,لكن دون جدوى, كانت فارغة فقد كنت أخذها كل ليلة وأتسلى بإشعالها وبحرق أشياء صغيرة وسط غضب صاحبها وصياحه وكان ردي المعتاد عليه باني سأشتري له واحدة عوضا عنها,
أدركت شنيعة فعلتي وقلت((جنت على نفسها براقش))

تذكرت أن هاتفه يحمل إضاءة زرقاء قوية
أخرجته ....ضغطت إحدى أزراره...انبعث ضوئه...بداءة أحركه أمامي ...أتفقد ما حولي..... منضر الأشياء غريب؟؟
يخاطبني..ينهرني ...يأمرني بالرحيل‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!!
علي أن أغادر المكان...

حمد لله توقف المطر وسكنت الريح...,
خرجت مسرعا, أغلقت الأبواب,أخذت أسير وسط تلك المياه المستلقية فوق الرمال, امتلاء الحذاء بالطين...ركبت سيارتي الجيب...أدرت المحرك..أشعلت المصابيح..وبدون أن اعرف السبب وعلى غير عادتي أقفلت الأبواب ,شعرت بالراحة والاطمئنان......,
كانت رائحة المعطر تسبح داخل السيارة فلقد كان ذلك اليوم يوم استحمامها,لكن المطر ضيع المجهود, ...
جلست انتظر فالسيارة كـ المرأة لا تعطي حتى تجد الدفء والحنان ,حركت ماسحتي الزجاج مبعد بها بقايا المطر,
ألان حان وقت الرحيل

اتجهت وسط أكوام الوحل والمياه ووسط لعب سيوف البرق .......... وصلت إلى البلدة
كانت أضواء الشارع تبدو في حلةً جميلة وقد بدا الإسفلت نظيفاً لامعاً يعكس الأضواء,
لا أحد غيري بالخارج الكل خلد للنوم استعدادً للغد, وصلت لبيت وليد ..سلمته الهاتف والمفاتيح...سألني عن القداحة ..أخبرته بمصيرها...ولولا استدراكه للخدمة التي قدمتها له لانهال علي بوابل من جمله وكلماته المعتادة عند الغضب,
أغلق الباب بعد جملة( تصبح على خير) وقبل أن يسمع مني (وأنت من أهله)

ما زال الشعور بعدم الرغبة في النوم يلازمني...
أخذت أجوب الشوارع باحثاً عن لاشي وهارباً من كل شيء
السكون يعم الطرقات إلا من صوت سيارتي,
المياه نائمة ولكن الإطارات أيقظتها,
لا أحد غيري, الأضواء تنتهز الفرص لدخول سيارتي كلما مررت بجانبها لكنها سرعان ما تخرج كما دخلت ...حتى هي تبحث عن الدفء لكن ليس لها مكان عندي,
واصلتُ سيري غير مكترثِ بصوت القِطط,
بدء الضباب يتكاثف فوق نوافذي...حجب الرؤية عني ...توقفت..اصطدت قطعة قماش كانت مختبئة تحت المقعد...بدأت امسح النوافذ.......صوت رضيع؟؟؟؟..ينبعث من هذا البيت القديم‍‍ ‍‍!!!!
مازال البكاء مستمر ...الصوت واضح..البيت قريب...خرج صوت امرأة يفيض بالمشاعر والحنان...مكبلاً بقيود النوم...
يحمل معاني التعب والإرهاق....مغادراً قصور النوم والأحلام تاركا دفء السرير والغطاء...مبتهلاً بأعظم الكلام..عبقا بذكر الله ...قائلاً :ـ لا إله إلى الله بسم الله عليك يا ولدي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..... أدركت أنها امرأة من جيل سابق وليست من بنات أجيالنا الحاضرة,
سمعتها تهدهد الطفل بأرق الكلمات وتسمعه اشرف الذكر والآيات , وسط هذه الأجواء خرج صوت رجل قائلا :ـ ارضعيه يا أم عبد العزيز
ردت المرأة :ـ إنشاء الله,هدئ صوت الطفل وما زال صوت الأم ينهل بذكر الله ...,,

أتممتُ تنظيف الزجاج ...ركِبت السيارة...ما سمِعته لم يغب عني لحظة وفتح في ذاكرتي نوافذ كثيرة أطلت على العديد من الأحداث والصور الغير ملونة..,

وبينما أنا وسط أفكاري وذكرياتي قادني الشوق والحنين ودخلت صدري رغبة قوية في رؤية منزلنا القديم والذي عشت فيه طفولتي , أدرت المقود توجهت للمنزل...
زاد الشوق في صدري ...سرى في جسدي..انتقل من صدري ليضغط على دواسة الوقود بشدة,رغم أن جرس السرعة ينادي إلا أني اشعر ببطء في السيارة وكأنها لا تسير, وبعد معانات دامت لدقيقتين كانتا أشبه بسنتين ,وصلت للحارة القديمة...
أوقفت سيارتي....اسكت صراخها بعد أن أغمضت عينيها.....
قفزت منها متوجها لمنزلي السابق, لم أكن اقصد المنزل وحده فالمكان كله يعني لي الكثير ,هاأنذا أقترب من منزلي ,وصلت المكان المنشود, أخذت أتأمل كل ما حولي,
كل شبر هنا يحمل الكثير من الذكريات والصور الغير ملونة.......,

هذه الساحة هي ذاتها التي كانت تجتمع فيها النساء صباحاً...كل واحدة تأتي مبكراً هي وأبنها ويجلسن ليتحدثن مع بعضهن البعض بانتظار قدوم باص الروضة ويودعن فلذات أكبادهم ...يكملن حديثهن...تبدأ الشمس نشر حرارتها معلنة ذهابهن....طبعا بعضهن لا تأتي لتركب طفلها الباص ولكن لتأخذ وتستقي أخر الأخبار...,
أما أنا وهي فكنا نقف وحدنا أمام بيتنا,

>سرت قليلًا نظرت لتلك الأرض الخالية!!!!

يا إلهي!!! هنا كان بيت (بو عدنان)...كيف..
متى....لقد هدم البيت أزيل تمام و لم يبقى سوى ارض خالية وأقواس ألبنا جر على الجدران الداخلية.......حز في نفسي هذا المنضر ...وحزنت على البيت لما يحمله من ذكريات جميلة ومشاهد غير ملونة...

هذا البيت يقع مقابل لبيتنا تماما ...
أبو عدنان هو من أوصل جدتي وأمي للمستشفى عندما حان فجأة وقت ولادتي دون وجود أبي الذي كان يعمل وقتها خارج البلدة...كان بالنسبة لأبي اكثر من الأخ
وكنت أناديه ب عمي .

سرح فكري ....هاجت ذاكرتي ...استرجعت مشهداً من فلم حياتي وكان بلا ألوان:ـ

أنزل من الباص عائداً من الروضة أدخل مباشرة بيت بو عدنان قبل أن ادخل بيتنا.... أم عدنان بالمطبخ والرائحة تملا المنزل...ترحب بي:أهلن بدر جيت من الروضة.....أبادرها بسوائلي :وين عيالك
ـ روح داخل هم يطالعون التلفزيون ...
أتوجه للغرفة هما يشاهدان كالعادة مسلسل
(عدنان ولينا) ..الجدة جالسة على دكه واضعة المسند على رجليها لأنها لا تستطيع الوقوف وتودي صلاة الضحى ...أخذ مكاني مستلقياً بجانبهم متابعا للكرتون....
تنتهي الحلقة وتنهي قبلها الجدة صلاتها
تقبلني كالعادة كل يوم وكأنها لم ترني من سنوات......يأخذوني الأطفال معهم نلعب ونلهو ...نتجول في أنحاء البيت الصغير...ندخل غرفة الأب والأم نقفز ونلهو فوق السرير.....نصعد سطح المنزل....ندخل حوش الأغنام....نداعبها نعتلي فوقها...,
صوت آم عدنان ينادي:تعالوا كلوا يا عيال
...الأب سيتأخر فوضعت لنا الغداء...
نواصل اللعب بعد الغداء......
سمعت صوت طرق الباب...... أدركت من الطارق اختبأت..... تدخل أمي قلقة وتسلم على أم عدنان وتسألها في قلق :بدر ماجا من الروضة ما شفتوه؟؟
ـ ام عدنان: الله يهديكي بس نسيتي أنه كل يوم يجينا أول ما ينزل من الباص..

أمي:والله مفشلني معكم هـ الولد
ام عدنان:بالعكس والله يتسلى ويلعب مع العيال ويونسون بعض..

تنادي أمي:ـ بدر......بدر......بدر يالله تعال بسرعة نروح البيت ..
اخرج لها:ـ ما أبغا أروح بجلس هنا وبنام عندهم .... تحاول إقناعي دون جدوى...
تستخدم طريقة أخرى تسحبني ..يرتفع صوتي
بالبكاء مختلطا مع صوت الشبشب الذي تلبسه....يزداد صراخي..مابي...مابي..مابي..نصل خارجاً ارمي بنفسي على الأرض...تطلب مني الوقوف أرفض ,تستخدم آخر الحلول ..تنهال علي بالضرب...
شدة الضرب تجعلني أقف على قدماي...تسحبني وتدخلني البيت..مغلقةً الباب بعدها.... أرتمي بين أحضان جدتي التي تؤنبها على ضربها لي تضعني على رجليها وتطبطب على ظهري وتمسح على رأسي ورائحة خمارها تفوح بريح العود والبخور
ورنين الذهب يصدر من مظاعدها التي بيديها كلما تحركتا.... تعود أمي لإكمال طبخها..........
} أصحو من هذا المشهد متبسماً{

أدرت وجهي... توجهتُ لباب منزلنا....,
يا لله ما يزال أسمي الذي كتبه عمي على باب المنزل....نضرت للباب من الأسفل كانت أثار الصدأ قد أكلت أجزاء منه, مفتاح البيت كان بجيبي ولكنني لم أخرجه فقد كنت في صغري اركل الباب وادخل ....
كنت أحسب نفسي قويا وأتظاهر بذلك أمامها .....وكانت تقول لي أنت قوي....كانت كلماتها تزيد من قوتي وأحس بأني فعلا بطل خارق ......,
أردت أن ادخل البيت كما كنت أدخله في صغري ..بل أردت لبدر الصغير أن يكون هو الزائر وليس بدر الكبير....
تناثر الغبار من فوقه بعدما ركلته ...
أخذت نفساً عميقاً وغصت في أعماق البيت ..
الغبار يملا المكان , العنكبوت استغلت كل شبر لنصب خيامها... أدوات جدي الفلاح ما تزال موجودة...مررت بالدهليز..على يميني يقع المجلس ..فتحت بابه..مددت يدي أبحث
عن زر الإضاءة ...لكنني اضطررت لخلع إحدى الخيام...أضاء النور...المكان خال ً لا يوجد به أي قطعة أثاث ....بدا لي صغيرا جدا على غير ما اذكر....
ولكنني تذكرت أن عين الصغير تصور له الأشياء بحجم أكبر بكثير من الواقع ....,

أمعنت النظر بدأت استرجع المشهد الحقيقي لهذا المكان ولكن بدون ألوان:
السجاد ....الراديو....ورق اللعب...الدلال ولآواني الفضية.....لعبت المن وبولي ونقودها المزيفة التي سرقها ذات يوم عزوز المجنون عندما دخل مجلسنا على غفلة منا ...........أطفأت المصباح ولا أعلم ما سبب تركي للباب مفتوح , توجهت للداخل مررت بغرفة عمي صلاح ...لقد أزعجته في أيام زواجه الأولى ..كنت أطرق عليه الباب رغبة في الدخول
(لا زالت زوجته تذكرني بهذا الموقف)... تلك غرفة المعيشة التي طالما سهرنا فيها سوياً نشاهد
التلفاز الغير ملون ....نلعب ...نتشاجر
نتشقلب...أتابع التلفاز واضع رأسي فوق رجل أمي وهي تمسح على رأسي بكل عاطفة وحنان....
هذه غرفة عمي الأخر والتي هجم عليها ذات يوم خروف جلبه جدي للبيت وربطه استعداد لعيد الأضحى المبارك ..فهاج بعد مضايقتنا له ليدخل غرفة العم ويستقر وسط خزانة الثياب...
المطبخ الصغير ..صحيح أنه لم يعرف البيتزا ...ولا الحلويات...لم يعرف ما هو الكعك..ولم يسمع بالمعجنات والمقبلات
لكن كانت تخرج منه ألذ الآكلات رغم بساطتها... فمهارة أمي في الطبخ والرضى بالعيشة البسيطة كانتا كفيلتين بتحويل طعامنا إلى ما يفوق طعام السلاطين...

آه...يا الهي!!!!!!!!هذه الزاوية
هنا قبضت علي جدتي عندما كنت أحاول نحر أبن خالي من رقبته مستخدم سكين جدي مقلد إياه في ذبحه للخراف ..فقد اتفقت معه على أن أقوم بذبحه وبعدها يقوم هو بذبحي
ولكن إرادة الله أنقذته من سكيني ليلقى نصيبه من الضرب ...لقد أنقذته جدتي ليعيش حتى يلقى حتفه ولكن هذه المرة ليس بسكيني بل بذاك الحادث المريع الذي وقع له بسيارته عندما كان في سن السابعة عشر من عمره.........

كل غرفةً في البيت تحمل ذكرى..كل زاويةً تحمل صورة(بدون ألوان)..غرفة جدتي وماكينة الخياطة...حوش الماعز ورائحته المميزة...النخلة التي غرسها جدي وسط البيت..... أثار أقدامي الصغيرة والتي أحدثتها عندما مشيت فوق الأسمنت الرطب بعد وضعه بفترة بسيطة وقبل أن يجف...
المكان الذي كان جدي يذبح ويسلخ فيه على مراء منا ونحن نتابع ونساعد قليلا بإمساك الذبيحة.........

الذكريات تملئ المكان ........

رائحة الطفولة تعج في الزوايا, المعيشةُ المتواضعة..,النفوس الصافية...,السعادة الحقيقية............,

لملمت أشلائي التي تبعثرت في أنحاء المنزل,أطفأت الأنوار توجهت للدهليز..
وعندما أغلقت باب المجلس فتحت باب الشارع

مر أمامي خيالها وطيفها, سميت الله..تعوذت من الشيطان الرجيم.........لكن الخيال مازال هنا ....وكأنها تريد أن تقول :أليس لي نصيب في ذكرياتك هذه الليلة ..
تذكرت كل شيء ونسيتني ...,خرجت من الباب
وأخذت أنظر فهاج بوجداني ذلك المشهد الذي طالما حاولت محوه من ذاكرتي ومن دفتر حياتي لكن النقش يصعب أزالته....

نعم إنه الصباح ..النساء يجلسن كالعادة
أطفالهن بجانبهم ...أقف عند الباب بعدما
أنهيت استحمامي ألبستني والدتي لباس الروضة وسرحت شعري...جعلتني أتناول فطوري....ما يزال الوقت مبكراً على وصول الباص...لكن لم أكن أنتظر الباص وحده ..
بل كنت أنتظر وصولها لكي نتبادل أحاديثنا....نلعب قليلا...أستعرض لها قوتي برفس الباب وفتحه من أول ركلة....
أخبرها بأني أذبح الغنم مع جدي....وأن أبي سيشتري لي دراجة وإذا كبرت سيبدلها بسيارة....وأني أقوى من قرندايزر وأن الرجل الحديدي صديقي.......
أحاديث كثيرة وأمور عدة نقوم بها كل صباح ونحن نقف أمام باب بيتنا وحدنا ثم نذهب للركوب الباص........
نعم هاهي تقترب وهي في أجمل صورة وأبها حلة ....رائحة العطر تسبقها..شعرها يلمع
...لهفتي عليها تكاد تخطفها من هناك لتحضرها لي بأسرع وقت....تلوح لي بيدها
تناديني.بدر..بدر..جبت لك هدية(مخفية إحدى يديها خلفها)
كانت تتبع إرشادات أمها وتسير تحت جدران المنازل في الطرف المقابل,وصلت إلى بيت بوعدنان وتوقفت لكي تعبر الشارع باتجاهي مباشرة ....ظللت أحدق بها مشتاق لوصلها قربي ....هي تنتظر ذهاب تلك السيارة القادمة حتى تتمكن من عبور الشارع ...
وبمجرد أن مرة تلك السيارة حتى تقدمت هي وسط شوقي وتحرقي لها وأخذت تسير نحوي وهي تلوح لي بيدها التي كانت مزخرفة بالحناء مخفية يدها الأخرى خلفها ...لم تكن تعلم أن خلف تلك السيارة سيارة أخرى مجنونة ...رفعتها تلك السيارة عالي ويدها ما زالت تلوح لي وألقت بها أرض .......
علت صرخات النساء التي كن هناك.....
وبكل براءة الطفولة هرعت لامي بعد أن سددت لبابنا أقوى ركلة نالها مني ...
أخبرتها ....لبست عباءتها....خرجت متعثرة ....وصلنا لها كانت على الأرض النساء حولها يبكين ....الدماء تخرج من فمها وأنفها...وكانت إحدى يديها ممسكة بشدة على قطعة حلوى ولم تفلتها رغم الحادث....حملتها أمي للداخل وهي تبكي وأنا ورآها......كنت وسط ذهول غريب....
حملوها ليذهبوا بها للمستشفى....سقطت من يدها قطعة الحلوى ...التقطتها ....كانت الحلوى التي احبها .....
عادو من المستشفى بعد أن أعلمهم الطبيب بأن روحها فارقت جسدها............................................. ...................
لم أكل أي شي أصابتني حالة فزع وخوف وبكاء ....رفضت أن أصدق فكرتهم بأنها ذهبت إلى الجنة وقلت لهم خذوني لها هناك
....عان الأهل معي ...لم أكن أنام جيداً كنت خائفا....هي لا تفارقني ....أراها في أحلامي...والحلوى ما تزال معي ......

عدت للذهاب إلى الروضة:
أقف في الصباح عند الباب ...لا انتظر سوى الباص.... لا يوجد من أرفس أمامه الباب ...لا أحد يجلس بجانبي داخل الباص....
النساء ينظرن لي بشفقة....
كيف ستكون الروضة ممتعة....كيف سأذهب وحيداً وأرجع وحيداً ...هلا فعلا هي لن تعود
...من سيخرج معي يوم (القرقيعان).....
من سيجوب معي الأزقة في الأعياد....
من سيركب معي في دراجتي........
عندما يشتري لي أهلي لعبة من سيعطون الأخرى .....مع من سألعب عندما أذهب لمنزلهم برفقة أمي
_من الذي سيتقاسم معي علبة البيبسى
_من الذي سيعيب على سمار لوني
_من الذي سأشد شعره
_من الذي ٍسأعض يده
_من الذي سيذهب معي للدكان
_من...ومن....
أسئلة كثيرة تجول في ذهني الصغير ولا أجد إجابةً غير بكاء أهلي عندما أطرح عليهم هذه التساؤلات ........

صحوت من هذا المشهد( الغير ملون ..فقط كان هناك لون الدم والحناء وشريطة شعرها الحمراء) وقد اختلطت دموعي بقطرات المطر الذي بدء يهطل ...... توجهت لسيارتي....
كفكفت أدمعي....أدرت المحرك ..انطلقت,
حضرت في ذهني صورا كثيرة لها وهي ترتدي المر يول وأيضاً وهي ترتدي البخنق يوم القرقيعان....

أخذت استعرض ملامحها في ذاكرتي فأدركت أني قد نسيت بعض الملامح ..واحترت في لون شعرها وعينيها.....آه لقد تذكرت يوجد لدينا صورة لها...انطلقت مسرعا نحو المنزل ...ركنت السيارة....دخلت مهرول ..قدماي تسبقني .....المطر يبللني....
وصلت للداخل بحثت عن البوم الصور القديمة...وجدته....نفضت غباره.....قلبت صفحاته....البعض مفقود...تمنيت آلا تكون ضمن المفقودات ..,,أخيراً وقعت عيني عليها اختطفتها...رميت بالباقي أضأتُ مصباحً قوياً ...وأخذت أنضر لصورتها محاولا التعرف على لون الشعر....يا لله...
>ما هذا
>
>
>
>

مع الأسف كانت الصورةُ بدون ألوان.

من دفتر حياتي تقبلوا خالص تحياتي
الـــغـــادي
Bdb251@hotmail.com







قديم 23-09-2005, 04:09 AM   رقم المشاركة : 2
][دلــع نجد][
Band
 






][دلــع نجد][ غير متصل






اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الغـــــــــــــــادي

هلا وغــــــــــــلا فيكـ أخوي
منور الإبداعـــــــــــات ،،
قصــــــــــهـ رائعه ،،
بإســـــــــلوب مبدع ،،
يعطيكـ ألف عــــــــافيه
بإنتظـــــــار جديدكـ
دمت بود ،،

،،

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

برنــــــــسيسة الكلمـــــــه

`•.¸ )
¸.• )´
(.•´
×´¨)(¨`×
¸.•´¸.•´¨) (¨`•.¸`•.¸
(¸.•´ ( * دلــــــع نجـد* ) `•.¸)
(¨`•.¸`•.¸ ¸.•¨)

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة








قديم 23-09-2005, 11:42 AM   رقم المشاركة : 3
طيف الورد
( ود جديد )
 





طيف الورد غير متصل

خاطرة رائعة بورك بقلمك







موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:45 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية