في أبها صورة الاصطياف والسياحة لم تكتمل بعد، كل شيء جميل، الأمطار المتواصلة ولاتنقطع، تتخللها زخات البرد، ورخات الثلوج، والخضرة بجمالها، والطبيعة بنضرتها، وطيب أهل الجنوب وكرمهم، ومشروعات للسياحة والاصطياف ولتنمية المنطقة، يجرى تنفيذها تؤهل عسير إلى مكانة بارزة في المستقبل- بإذن الله-..
وفي المقابل مشكلة السكن متفاقمة، وصار الحصول على شقة من ضروب المستحيلات، الأسعار نار في مدينتي أبها وخميس مشيط، ووصل سعر الشقة التي تضم غرفة نوم واحدة 450 ريالاً، أما التي تضم غرفتي نوم فقد وصل سعرها إلى 600 ريالاً، إضافة إلى مشكلات التلوث من عوادم السيارات، وعدم التزام قواعد المرور، والتعاون مع رجال الأمن، وضعف الرقابة الصحية على بعض المطاعم والباعة الجائلين، .
" الوفاق" عاشت الأجواء وسط السياح والمصطافين الذين قدموا مع بداية شهر أغسطس- آب- إلى منطقة عسير، من الأجواء الحارة في المملكة، ومن مدن الخليج، وحاولا أن تقدم صور واقعية صادقة، لمنطقة مؤهلة في المستقبل لتكون موطن للسياحة الداخلية بدلا من الهروب إلى الخارج.
في مدينتي أبها والخميس، حشود من المصطافين والسياح، جاءوا من كافة مناطق المملكة، لاقتناص عدة أيام للراحة والاستجمام، والتمتع بالأجواء الباردة وقد تجاوزت الأعداد كل ما هو متوقع، بل أننا نؤكد أن المسئولين في المنطقة فوجؤوا بهذه الأعداد وكثرتها..
الأجواء مغرية، أمطار... ثلوج.. براد.. خضرة.. أمن وأمان، مناخ يغري أي سائح أن يجلس ويتمتع به..
الجميع يجوبون شوارع أبها وخميس مشيط بحثا عن شقة للسكن، الإجابة التي حفظها المصطافون " السكن فل "، وبعبارة صريحة لا توجد شقق، وصلت الأسعار إلى أرقام فلكية، أحرقت الجيوب، في الوقت الذي لم تبرد فيه القلوب من الأمطار والثلوج..فهناك من يستغل حاجة السياح من رجال الأعمال وأصحاب الشقق المفروشة لينهك ميزانية السائح !
صار " النوم" المشكلة الرئيسية، البعض ذهب إلى القرى القريبــة، ليبحث عن مكان يقضي فيه ليلته أو جزء من الليل هو وأسرته، رغم عدم وجود المرافق والامكانات في هذه القرى، والبعض الآخر لديه الاستعداد للدفع وأي مبلغ، مقابل أن يحصل لأولاده على المبيت في شقة متوسطة الحال، ولو لليلة واحدة.
و" يفرجها الله" في اليوم الثاني..
جهود إمارة منطقة عسير ملموسة، ويحاول المسئولون تقديم ما يمكن في حدود الامكانات والاستطاعة، والقدرات، ولكن الأعداد الكبيرة، والحشود الهادرة، سببت لهم الكثير من الإرباك، وجعلت المشكلات تزيد عن الحدود..
مصطافون أصيبوا بحالة من التوتر، بعد أن أضناهم البحث الشاق عن مكان للراحة والمبيت، والبعض الآخر أرهق نفسياً وهو يرى أولاده ينامون في السيارة، أو يفترشون مكانا في شقة متواضعة، ودفعهم إلى مغادرة المكان بدلا من العيش تحت "كابوس" البحث عن شقة.
جهود التطور السياحي والعمراني لم تكتمل حتى الآن ، والمتوافر من الشقق محدود، وسماسرة الشقق يحققون مكاسب خيالية، وصار "النوم" أو " المبيت" بـ الساعة " كم ساعة تريد؟!"..
الأسعار معقولة بالنسبة للمأكولات والمشروبات، والمصطافون يقبلون على الأكلات الشعبية التي تحتل المرتبة الأولى ، والفواكة البلدية متوافرة بكثرة وتحظى بالاستحسان خاصة " التين" و" الذرة" ولكن العمالة السائبة والعشوائية من القادمين من اليمن، تجعل الشك يرتاب في النفوس..
فلا يعرف هل هناك رقابة صحية على هؤلاء ؟! وهل لديهم شهادات من الصحة تجعلهم يبيعون مايريدون على قارعة الطريق ؟!
عوادم السيارات التي تلوث البيئة ظاهرة في أبها والخميس، وهناك استهتار في الالتزام بقواعد المرور، ونقص حاد في سيارات الأجرة والتاكسيات، وإذا وجدت فالأسعار مرتفعة، بعض أهالي المنطقة على طريقة أهل مكة في موسم الحج والعمرة، استغلوا سياراتهم الخاصة في توصيل المصطافين، وقطعا يبالغون في الأسعار، لأنهم يعرفون أن المصطاف لا يعرف بُعد المسافة التي يريد الوصول إليها..
وإذا لم يكن لديك سيارة وتريد البحث عن شقة، وتستقل سيارة تاكسي أو سيارة أحد المواطنين مقابل أن تدفع له الأجر، الفاتورة تتضخم، وقد تدفع مبلغاً كبيراً للسائق ولا تعثر على الشقة..
الخدمات غير جيدة، خاصة في بعض أحياء أبها والخميس، وحتى في المطار وأنت قادم لا تجد ولا كلمة ترحيب كما نشاهد في العواصم التي تنشط فيها السياحة والابتسامة غير موجودة ، بل لا وجود لهيئة تنشيط السياحة في المطار، مجرد مجموعة من النشرات والأوراق ملقاة على مكتب في المطار..
ولا توجد " استعلامات" ترد على أسئلة المصطافين وترشدهم إلى المناطق التي يجب الذهاب إليها، والتكلفة التقريبية، وما يسمى بـ " خدمات السائح" أو " ثقافة الاصطياف"..
تبقى هناك مشكلة أن البعض يقع في مخالفات كبيرة فلا يلتزم بتعليمات السلطات الأمنية بعدم إشعال النار في المناطق القريبة من المساكن للشواء والتدفئة وشرب الشاي، الأمر الذي يخل بتعليمات الدفاع المدني، وقد يؤدي إلى مخاطر وحرائق.
ورغم كل ذلك تبقى أبها عروس المصايف ولايقلل كل ذلك من كونها خطت خطوات رائعة في هذا المجال على مستوى السياحة في المملكة .
العرض العادي
