العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-10-2002, 05:09 AM   رقم المشاركة : 1
طيبي يوسف
( ود جديد )
 







طيبي يوسف غير متصل

ممارسة النقد الذاتي (1)

إشعاع : -قال تعالى:"قد أفلح من زكاها*وقد خاب من دساها" ( الشمس/10) .

ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين، وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات القصيرة المدى ، والطويلة المدى، لتخلص من الهنات التي تزري به.
ولكن
مواجهة الذات(*)، هي ذلك الحقل المملوء بالصخور والشوك، والعناء والمجهول، وهذا يعني أن أعظم اكتشاف لم نمارسه بعد ، هو معرفة حقل النفس الداخلي ،الدي نتعامل بواسطته مع العالم كل لحظة.
والمدخل الوحيد الذي يجعلنا نحس بذلك، هو الشعور بأننا ننضج بعد، نعم إن القصور البشري هو الذي يعطي المشروعية للنقد والمراجعة والتصحيح ، فالبناء الفكري بناء هش، ولذا فإنه يحتاج دائما إلى رعاية وحياطة ، والنقد هو الذي يساعد على تجديده ودوام توهجه.
إن وعي الذات هو أرفع أنواع الوعي، لأنه يمثل انقلابا نوعيا في تصور المشاكل وهندسة معالجتها، فالبشر اعتادوا ولا يزالون، عند اندلاع المشاكل ، اتهام الآخر وتنزيه الذات، وهذا يحمل مجموعة من الأخطاء القاتلة. منها نكون قد أحيينا آلية "تنزيه الذات" وتقديسها بعصمتها من الخطأ، فالعلاقة –مرتبطة وبشكل مباشر- بين "إدانة الآخر"و"تقديس الذات".ثم وبإطفاء روح المراجعة الذاتية، وتجميد آلية نقد الذات :يكون حقل المشكلة، قد زحزح تماما ، وهذا الضرب من التفكير ، ليس فقط ، أنه لايقود إلى حل المشكلة، والخروج من الورطة بسلام ، بل يقود إلى نوع من المرض النفسي الخطير ، فطالما كانت ذواتنا خارج حقل المشكلة ، بقي الحل في الظلام ، بعيدا على متناول اليد ، وبقيت بالتالي ذواتنا مبرأة عن أي خطأ ، والمساهمة في أي خلل، فذواتنا فوق الخطأ ، ودون النقد، ولا تقترب منها يد التشريح ، وأدوات السبر ، واستمرار الخطأ يقود إلى مزيد من الخطأ،بتعطيل آلية الخطأ. أما اتهام الآخرين ، وتنزيه الذات فإنها تلحق الشلل الكامل، بآلية تطهير الذات ، وإمكانية تصويبها.
ففي الوقت الذي نعترف بمشاركتنا ، ولو الجزئية في المشكلة ، نكون قد بدأنا بالحراثة في الحقل الخصب.
لم يكن عبثا ذكر قصة آدم والشيطان ، في القرآن الكريم ، لأنها تحمل مجموعة ضخمة من الرموز . فالشيطان اختار الأسهل ، فأخرج نفسه من المشكلة ،فهو غير متهم ، و لاملام عن موقفه، حين أحال خطأه إلى مصدر خارجي، فعزاه إلى الله " فبما أغويتني : (الأعراف/16) فهو لم يخطئ .. هو إذن كامل. في حين كان موقف آدم ، أنه قام بمراجعة قاسية للذات ، وكانت المرأة(1) [زوجه حواء] معه ، يدا بيد في هذا الاختبار القاسي ،فردد كلاهما " ربنا ظلمنا أنفسنا " [ الأعراف/23]. ومع هذه المراجعة النفسية ،ومواجهة الذات والاعتراف بالخطأ. أمكن لنا نحن البشر ، أن ندشن إمكانية الارتفاع ،دون توقف في رحلة العروج الروحية إلى الله ، في الوقت الذي فشل الشيطان في الرهان.
الملاحظ أن فلسفة القرآن تؤسس لفكرة لم يعتد عليها الناس ، وهي " ظلم الناس" ، فالناس اعتادوا وهم مستعدون أن يلوموا كل أحد ، واتجاه وقوة موهومة ، إلا أنفسهم ، والقرآن يمشي بشكل مخالف، تماما، فهو يدربنا على أن نلوم أنفسنا فقط " وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"[النحل/ 36].
فكثيرا من شرائح المفكرين والسياسيين ، عندهم استعداد للوم كل القوى -كسبب لعجزنا- من ( الصهيونية والماسونية ،والاستعمار والصليبية والشيطان)، بل إحالتها في النهاية إلى مصدر ، يخرس كل متحدث ، عندما تنسب فضائحنا اليومية ، إلى إرادة الله ، ولكن ليس عندهم استعداد ، ولو لوضع (احتمال) أن نفوسهم شاركت في توليد الهزيمة ،وتراكم العجز ، واتساع الخرق.
- يتبع إن شاء الله-

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)النقد في جوهره ناتج عن مطابقة يسيرة بين ما هو كائن، وبين ما ينبغي أن يكون.
(1)المرأة هنا لعبت الدور المصيري ، في إنقاذ الجنس البشري، خلافا للأسطورة الشائعة، أن حواء هي التي أغوت آدم بالخطيئة.







التوقيع :
ليس لمصباح الطريق أن يقول:" إن المكان مظلم "،إنما قوله إذا أراد كلاما أن يقول :"هأنذا مضيء".

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:39 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية