روى مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة فيقال له ياابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول لا و الله يارب . ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة بالجنة فيقال له ياابن آدم هل رأيت نعيما بؤسا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا و الله مامر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط "
أشد الناس بؤساً
هنا نجد المؤمن من أهل الدنيا الذي كان يعيش حياة مليئه بالبؤس من تعذيب وفقر وتشريد ورغم تزاحم مناظر البؤس التى عاشها ورآها بشتى أنواعها و بالرغم من معاناته الطويلة إلا أنه يقسم بالله في تلك اللحظة وإنه ليس يكذب ، ولكنه ذلك الشعور الذي تملكه عندما صبغ صبغة في الجنة رأى من خلالها قصور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ورأى الأنهار تطرد من تحتها أنهار اللبن و العسل و الخمر و الماء في منظر لم يعهده في الدنيا ورأى ترابها من الزعفران ، وطينها من المسك وحصباءها من اللؤلؤ ، ورأى حورياتها اللاتي لو نظرت إحداهن من السماء لغطت شعاع الشمس ورأى قصورا كالخيام صنعت من لآلئ مجوفة فيها زوجات المؤمنين ، ورأى طيورها بألوانها الزاهية ، ورأى ورأى ورأى ...مما جعله ينسى كل بؤس ...
هذا البائس في الدنيا كان يعرف حقيقة الدنيا ويعلم أنها أرض اختبار ومرور فكان يعيش فيها كالغريب امتثالا لأمر النبي عليه السلام [ كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ]
كان كل همه في الحياة التزود و الإكثار من الصالحات التى يعينه للوصول إلى موطنه ومبتغاه الأصلى وهو الجنة ..
نعم إخوتى إلى متى نركن لهذه الحياة أما آن لنا أن نشمر سواعدنا ونجد لطلب الجنة
آه من طول السفر وقلة الزاد ...