قال تعالى ( فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب )
اتجه العالم لأسباب تاريخيه إلى فصل العلم عن الدين والابتعاد عن قبضة الكنيسة ورجال الدين
ولسوء حظ بلاد العرب والمسلمين فقد استورد هذا الأتجاه بما فيه من خطر عظيم
لعدم وجود البديل وهو الفكر الأسلامي
قرأت تفسير الآية السابقة في أكثر من مرجع
فإذا هي خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يتوجه إلى الله بالعباده بعد أن يفرغ من شغله مع الناس وأن ينصب في ذلك ويتوجه إلى الله بكل ما يفعله .
المعنى الذي استشعرته من الآية والذي ينطبق على كل إنسان مهما كان هو معنى الفراغ بمعناه الشامل
أي إذا انتهى الإنسان من أي عمل كان ووجد نفسه فارغاً لا يجد شيئاً يفعله توجهه الآية الكريمة أن يبحث عن شيء يشتغل به
ولكن الآية لا تترك التوجيه هكذا عائماً يفسره كل على حسب هواه
إنها توجهنا
ألا يكون ما نشتغل به لمجرد شغل الفراغ ولكن يجب أن يخضع لضابطين أساسيين هما : النصب , والنية الصالحة
وإذا انتقلنا الى الفراغ وما يجر اليه من مفاسد وذلك في ظلال هذه الآية وهذا المفهوم نجد :
أولاً
أن الفراغ سبب أساسي في الكثير من أمراض العصر النفسية والجسمية , لا يختلف الأطباء أبداً في أثر الفراغ في الجسم البشري أو حتى الحيواني وأنه يؤدي الى تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والروماتيزم و الجلطات القلبية والدماغية
وهم أيضاً لا يختلفون كذلك أن الفراغ وراء الاكتئاب والقلق النفسي والهم .
ثانياً
الفراغ يجعل الإنسان يشعر بأنه لا فائدة له وأنه عضو مشلول في المجتمع لا ينتج ولا يفيد .
فالانسان الفارغ لا يترقب شيئاً تهفو اليه نفسه كنتيجة لعمله فهو بلا هدف في الحياة وأي حياة هذه التي لا هدف لها .
ثالثاً
الفراغ وسيلة من وسائل إبليس يوسوس فيها للأنسان فيثير فيه كوامن الغرائز ويلهبها فتحرقه وتفات من لجامها لتحرق ما حوله . وهذه حقيقة لامراء لها .
رابعاً
الفراغ سبب للمشاكل الأخلاقية والجريمة ويشهد بهذا علماء الأجتماع إذ وجد نسبة الجرائم والمشاكل الأخلاقية تتناسب طرداً مع نسبة البطالة في اي زمان ومكان .
خامساً
الفراغ سبباً في كسب الذنوب مثل التفكير في المعاصي والحديث في الناس وما الى ذلك .
سادساً
الفراغ تعطيل للطاقة وقد قال صلى الله عليه وسلم مامعناه: أنه لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع ... ومنها : وعن عمره فيما أبلاه . فلا حول ولا قوة الا بالله .
لنعد مرة أخرى إلى الشرطين الذين وضعتهم الآية الكريمة لعلاج هذا الداء ( الفراغ ) :
أولهما : النـَّـصـَـب
أي إن مشاهدة التلفزيون وقضاء الساعات أمامه وقراءة الجرائد الهزلية وقياس على ذلك ليس مما يداوي هذا المرض ويمنع الخلل الذي يجره الأنسان ومن خلفه المجتمع الذي هو عضو فيه .
الشرط هنا هو التعب وحده هو الذي يصرفه عن ما ذكر من عواقب الفراغ الوخيم
ثانيهما : الرغبة الى الله :
أي التوجه إليه وقصده وحده بما تجهد فيه نفسك وهذا ليس فقط لربط الدنيا بالدين كما هو هدف القرآن في كل توجيه ولكن أيضاً الوسيلة الوحيدة لسلسلة أخرى من المشاكل
وهي التسيب وانخفاض مستوى الكفاءة والانتاجية في العمل وهذا من اكبر المعضلات في علم الادارة
هذا الخوف من الله هو المقصود بالآية فالعامل يخلص العمل ليس رغبة في تقدير صاحب العمل وحفنة من المال ولا خوفاً من العقاب أن هو قصر ولكن رغبة في ماعند الله
ومن ثم الجزاء نقداً ( حاضراً ) بالشعور بالراحة النفسية والسمعة الحسنة والكسب المادي ومؤجلاً بما عند الله جزاء النية الصادقة والضمير اليقظ
منقووووووووووول