من معاني " يا من رغم لك أنفي "
كثيرا ما نقول في دعائنا لله سبحانه وتعالى يا من ذلت لك نفسه ورغم لك
أنفه , فما هو معنى أن يرغم أنفك لله , والجواب في صورة إجمالية هو
" الحكم بما أنزل الله ولو كان شديد المخالفة لهواك وصعبا وشاقا على
نفسك راضيا بذلك حابا غير كارها " ,
فلو أساء إليك والديك أشد الإساءة لا بد أن ترغم أنفك وتطيعهما وتبرهما
, راضيا غير كاره ,
لأن الله قال
} وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا *
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا *
رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا }
{الإسراء/23-25} ,
وإن قطعك أرحامك وأساؤا إليك , فلا بد أن ترغم نفسك وتصلهما ,
راضيا غير كاره , لأن الرسول قال في صحيح البخاري عن عبد الله
بن عمرو رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ).,
وإن تزوج الرجل على إمرائته فلا بد أن ترغم المرأة أنفها ولا تطلب
الطلاق بغير حق ولا تضيع حقوق زوجها راضية غير كارهة لأن الله قال
} وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء
مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ { ,
ولو طلق الرجل زوجته فلا يحاول منعها من الزواج بآخر بتهديدها بعدم
رؤية أولادها , ويقبل بالشرع راضيا غير كاره , لأن الشرع أحل لها ذلك
, ولو قال الحاكم والعلماء " حي على الجهاد " لا بد أن تترك أهلك ومالك
وولدك والنعيم الذي كنت فيه من أجل تلبية نداء الله راضيا غير كاره ,
وخلاصة ذلك :- لا بد أن نقول لكل أمر من عند الله ولو كان مخالفا لهوانا
وشاقا على أنفسنا تقبله " سمعنا وأطعنا ورضينا " , ولو طبق المسلم
حكم الله وهو كاره له فهوعلى خطر عظيم , ويدخل أيضا ماذكر بأعلاه
في قولنا
" رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا
و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبيا و رسولا "
العرض العادي
