العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > منتدى القصص والروايات
إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-08-2014, 04:51 PM   رقم المشاركة : 1
قلم مضطرب
( ود نشِـط )
 
الصورة الرمزية قلم مضطرب
 





قلم مضطرب غير متصل

قصة كتبت بليل

قصة كتبت بليل


مها امرأة غير متزوجة تبلغ من العمر 36 عاما كانت كبقية النساء تحلم بذلك اليوم الذي ترتدي فيه الثوب الأبيض وتزف إلى عريسها , ألا أن ذلك الحلم بدا القبر أكثر قربا منه , فالعمر قد مضى بها طويلا دون أن يأتي فارس الحلم على حصانه الأبيض .

كانت تعاني مشكلة أخرى غير تلك .. إذ أنها تتحدر من عائلة ذات سمعة سيئة جدا "فوالدتها أحترفت الرقص وشقيقتيها يتكسبون من الدعارة" حيث أنحرفت العائلة بعد وفاة والدها وكأنهم ينتظرون أمرا كهذا , وهي الوحيدة بينهم التي لم تحذو حذوهم بل كانت متمسكة بدينها وتعاليمه وتطبق أصغر تفاصيله , لكن حتى ذاك لم ينفعها "فسمعة عائلتها تسبقها" .

ظلت مها في عزلتها بداخل غرفتها الصغيرة مغلقة على نفسها بأصلب الأقفال وأعتى السلاسل .. خوفا من أن تنجس من عائلتها ولكي تتجنب عيون الناس وألسنتهم .. كانت تعيش الوهم في وحدتها ترتدي الأبيض وتتخيل يوم زفافها الذي خططت له منذ صغرها .. وتارة أخرى تمسح دموعها التي ذرفت منها قهرا تمسحها بيديها الناعمتين التي ما لا مست الراحة والحنان قط .

الأيام تمر عليها وهي تعيش صراعات عدة "وحدتها , وحالتها النفسية , وسمعة عائلتها , وحلمها , ووساوس الشيطان" , كانت قواها العقلية في حالة متذبذبة مضطربة من كل ما في عالمها , فقررت الخروج من منزلها والأنتقال إلى مدينة اخرى علها تجد ضالتها وفارسها وتهرب من عار عائلتها .

لكن أنتقالها إلى تلك المدينة "زاد من حالتها سوء" , إذ راحت تتنقل بين الأسواق والمجمعات قليلا تتعرف ببعض الرجال وما أن يكلمها أحدهم كانت تطلب منه أن يتزوجها "أرادت من يسترها ويحقق أحلامها" , كانت سمعتها قد وصلت إلى الحضيض ومشاكلها كثرة , حتى في احدى الأيام راحت تتكلم مع رجل صادف بأن زوجته معه .. فحدثت مشكلة كبيرة تجمع على أثرها الناس مما توجب تدخل رجال الشرطة الذين حضروا إلى المكان وأقتادوها إلى مركز الشرطة .

أدخلوها على "الشرطي المناوب" في تلك الليلة وهي باكية مطأطأة الرأس تجر خلفها عار عائلتها الذي لم يطلها بل لفق لها في ليلة يكاد يخلو منها نور القمر ,

- سألها الشرطي : ما حكايتك يا امرأة ؟
ظلت مها على صمتها وحزنها وأحلامها التي باتت تراها كوابيس .. كانت تنظر إلى الأرض وتضع يديها على عينيها تبكي سمفونية تفور على أنغامها الدماء .. قالت بعد كل ذلك : أنه والدي , والدي .. الذي خدعني قبل أن يموت , وقال بأن باقي الفتيات يحسدونني على حياتي التي أعيشها , وقال لي أيضا بأنني أجمل النساء .. ليته أكتفى ولم يكمل .. بل قال لي كل الفتيان يريدون أن يتزوجوني .

سكتت مها للحظات تستمع إلى رنين ألحانها وذكرى والدها التي عزفتها ذات ليلة حينما كانت صغيرة .. أكملت بعد عبرتها : والدتي هي الأخرى تريد أن تجرني إلى عالمها وعارها وتجعلني ارقص على وقع الطبول والآخرين يشتروني بمالهم .. شقيقاتي ليس بأحسن حال منها فهم يرتدون ملابس الغانيات كل ليلة .. هذه عائلتي وأنا لم افعل مثلهم رغم أن الجميع يقولون عكس ذلك .. ظننت نفسي كما أوصاني والدي سأتزوج قبل سن الـ 25 ألا أنه ظل حلم وليتني لم أحلم به ذات مرة .

كان الشرطي هادئا يستمع لها دون أن يقاطعها .. لربما هذه قضية أعتاد سمعها أولربما العكس هي قضية يسمعها لأول مرة .. أكملت مها قصتها التي هزت وجدانها : كنت كل ليلة اذهب إلى قبر والدي وأقول له "أبه ! لم يأتي إلي أحد كما وعدتني .. هل قلبك يحتمل أن تخدع أبنتك" ؟ لكنه لم يرد جوابيا .. قلت له "أبه ! أنظر ماذا جرى لأبنتك التي كنت تحبها .. أنظر لمن كنت تلعب معها .. أنظر لمن كانت معززة لديك و لم يجرأ أحد على النظر إلى مجسمها .. لكنه ظل صامتا ولم يرد سؤاليا ؟ لا اعرف لما جرى لي كل ذلك .. عشت طوال عمري بداخل غرفتي .. حبست نفسي لعلي أبتعد عن أعين الآخرين .. فقط جلست على ذكرى والدي أنتظر حلمي الذي لم يأتي .. لا أحد يريد الزواج مني دون أن يخبروني السبب .. فلست سيئة كعائلتي .. منذ طفولتي حتى حيني وأنا ألعب بلعبتي التي أحضرها لي والدي .. وهي "دمية ترتدي ملابس الزفاف" وقال لي سأكون مثلها حينما أكبر .. لم أختلط مع والدتي لكي لا أكون مثلها .. لم أوذي أحدا في حياتي .. حتى شقيقاتي التي يضربنني لم أفتعل مشاكل معهم .. كان كل همي أن أحافظ على سمعة والدي .. الذي رحل عن هذه الدنيا وليته أخذني معه .

بعد أن أنهت مها قصتها .. طأطأ الشرطي رأسه بعدما سمع حاول أن يقاوم دموعه لكنه لم يستطع .. تمتم في ذاته "لا حول ولا قوة ألا بالله" .. قال بعد أن تعاطف معها : حسنا , سأخلي سبيلك هذه المرة ولكن أرجو أن تبتعدي عن المشاكل .. هيا هيا أعطيني أوراقك الثبوتية .. لأنهي أجراءتك اللازمة ؟

سلمته مها ما عندها من أوراق .. فأخذها وراح يقرأ معلوماتها الشخصية .. قام يحك راسه تارة وتارة أخرى يمعن النظر في ملامحها .. أعادها مرارا وتكرارا وكأن هناك ذكرى قد تلاعبت بخلده ..
- سألها : من أي القرى أنتي ؟
- فأخبرته
- سألها مرة أخرى : من أي الأسارى أنتي ؟
- فأخبرته

همس الشرطي في نفسه :"ويحي , هل هذه المرأة من أظنها" ؟

- سألها في عجالة : هل والدك يدعى "أحمد فالح" ..؟
- أجابته في حيرة .. بنعم !

- لحظات قالت له والدهشة قد غلبتها وأنستها حزنها وما تمر به : ما بك ؟ هل هناك شيء ؟

توقف الشرطي من جلوسه مختنقا في عبرته , وباغتها بسؤالا نزل كالصاعقة عليها : (هل تتزوجيني بي يا مها) ..؟

وبرغم أنها كانت تنتظر هذا اليوم طوال حياته .. لكنها شعرت بشيئا ما داخلها .. قالت بأنفاس متقطعه : أنك تخيفني وتربكني .. هل تريد أن تتزوجني شفقة بي ؟
- الشرطي : لا لا
- مها : إذا , فما ؟
- الشرطي : بسبب وعدا قطعته ؟
- مها : أي وعد ؟ أرجوك أخبرني .. ما هنالك ؟

جلس الشرطي على كرسيه مرة أخرى , أنزل يده على رأسه وبكى من ذكرى بدا أنها قطعت نياط قلبه .. وقال وهو يذرف دمعا : قبل 27 سنة كنت ووالدتي فقراء وبؤساء لا نملك قوت يومنا .. كنا ننتقل من مكان لآخر نسكن الأكواخ وننام على الأرصفة .. في أحدى المرات حين كنت صغيرا كنت أعاني من مرض خطير جدا .. وتطلب الأمر أجراء عملية جراحية بمبلغا ضخما جدا .. لم تكن والدتي تملك شيء كما أخبرتك .. ذهبت والدتي إلى كل مكان تطلب المال من الناس ألا أن أحدا لم يعطيها شيئا .. كنت أصارع الموت وألتقط أنفاسي الأخيرة .. ووالدتي كانت في حاله يرثى لها .. لم يكن بيدها شيئا لتفعله لي .. ولشدة حزنها دخلت ذات مرة إلى أحد المساجد وهي تحملني وصرخت : "يا عرب .. أما فيكم مسلم .. أما فيكم من يشفق بي .. أما فيكم من يعطيني مالا لأنقذ طفلي هذا .. أما فيكم من يفرح قلب هذه الأم المسكينة في أبنها" ! ألا أن أحدا لم يتكلم .. ولكن بعد ثوان قام رجلا وقال : "أن أتكفل بعملية أبنك .. وسأعطيك مالا يكفيك لتعيشي بسلام لمدة طويلة" ! .. فرحت والدتي بذلك كثيرا وقامت تشكره وتدعو له بعد أن أخذت المال منه .. وسألته : ما أسمك ؟ قال : أحمد فالح .؟ فقالت له والدتي : سأصلي لك كل ليلة ؟ قال لها : ما فعلته هو لله .. وكل ما أريد منك أن تدعي وتصلي لأبنتي "مها" تلك صغيرتي المسكينة .

سكت الشرطي قليلا بعد ذكرى أرقته وقضت مضجعه .. وقال بعدها : قبل أن تتوفى والدتي .. أخذت مني عهدا ألا أتزوج عداك .. كنت أبحث عنك طوال هذه المدة .. أبحث عن العهد وأبحث عن الدين ورد الدين وأبحث عن الوعد والحلم .. وأبحث عن الفتاة العفيفة التي أختارتها والدتي .. فماذا قلتي يا مها ؟ هل تقبلين بي زوجا وخادما لك ....؟



قلم \ مضطرب






رد مع اقتباس
قديم 29-08-2014, 01:22 PM   رقم المشاركة : 2
شمس القوايل
المشرفة العامة
 
الصورة الرمزية شمس القوايل

سبحان الله
~. قلم مضطرب.~
يعطيك آلف عآفية على آلطرح
آلآكثر من رآئع
لآ تحرمنآ جديدك آلمميز
تقبل مروري
شمس القوايل ..~






التوقيع :


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:23 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية