[align=right]إعصار كاترينا
الآيات التي يرسلها الله إلى عباده هي لغرض التخويف ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا﴾ (الإسراء: من الآية 59)، ومن رحمته سبحانه أنه يُرسل بالآيات الصغيرة لعلنا نتوب أو نرجع، فالله سبحانه وتعالى لم يهلك فرعون وقومه بالغرق إلا بعد أن أرسل عليهم تسع آيات بينات ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ (الإسراء: من الآية 101).
وهذه الآيات هي ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ (الأعراف: 133)، فلما استكبروا وكانوا مجرمين واستهزأوا برسل الله أغرقناهم بذنوبهم ﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾ (الأعراف: 136).
وما أشبه اللية بالبارحة، فأمريكا بلغت بغطرستها ما بلغه فرعون وقومه، وأفسدت في الأرض جميعًا فلم تكتفِ بقتلِ ثلاثمائة ألف في مجزرة هوريشيما ونجازاكي في اليابان قبل 60 سنة، وكذلك لم تكتفِ بالجرائم التي فعلتها في فيتنام وكوبا، وها هي اليوم دمرت دولتيين تدميرًا شاملاً أفغانستان والعراق، بل لم ترع حرماتِ المسلمين فانتهكت أعراضهم في أسوأ فضائح أمريكا في أبو غريب، وانتهكت الأعراض المسلمة، وما قصة فاطمة عنَّا ببعيد.
وكان الأسوأ تدنيس المصحف الشريف في أكثر من موقعة وأمام ملأ من الناس وتدنيس بيوت الله وانتهاك حرماتها وتقتيل الأطفال والنساء ومصابي الحرب، وفي بيوت الله، كل هذه الجرائم والله سبحانه يمهل ولا يهمل.. أعطاهم الآيات الكثيرة من أعاصيرَ تمرُّ تقريبًا كل عام إلى أمراضٍ إلى انهيارٍ اقتصادي إلى غير ذلك من الآيات التي يعرفها متخصصو دراسة الحضارات، لكن أمريكا لم ترتدع، فاليوم أتتهم آيةٌ عظيمة أخرى ودمَّرت خليجًا بكامله وأحدثت دمارًا أكبر من دمارِ قنبلة هيروشيما حتى علَّق عمدة أحدى المناطق المنكوبة بقوله: "إن الإعصار كان أعظم من قنبلة هيروشيما منذ 60 عامًا"، وأكد عمدة مدينة نيو أورليانز الأمريكية غرق 80% من المدينة، كما أشار إلى وجود معلومات غير مؤكدة عن وجود جثث في المياه.
وقال إنَّ الكارثة بالنسبة لهم تعادل تسونامي؛ فهنالك أكثر من مليون مشرَّد اليوم وثلاث ولايات خاوية ومدمرة، وتوقف إنتاج 600 ألف برميل يوميًا وقُدِّرت الخسائر الأولية بـ25مليار دولار، ويعتقد أنَّ الإعصار قتل مئات في ولايتي لويزيانا ومسيسبي حين ضرب خليج المكسيك برياح بلغت سرعتها 220 كم/ساعة، وبجدار من الأمواج بلغ ارتفاعها تسعة أمتار.
كما أعلنت الإدارة الأمريكية حالةَ الطوارئ الصحية في المناطق المنكوبة، إذ يخشى المسئولون من تفشي الأمراض، وبعد جولةٍ له على متن طائرته الخاصة فوق المناطق المنكوبة، وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش إعصار كاترينا بأنه واحد من أسوأ الكوراث الوطنية في تاريخ بلاده، مشيرًا إلى أنَّ إصلاح ما خلَّفته الكارثة سيستغرق سنوات... أليس هذا من باب التخويف بالآيات وعدم محاربة الله والاستكبار عليه؟!
وإنه مما يؤسف له أنَّ كل وسائل الإعلام لم تُشر إلى حقيقة أنَّ هذا الإعصار هو آية من آيات الله واستجابة لدعواتِ المظلومين والمجروحين ودعوات المؤمنين في جوفِ الله أن يهلك الظالمين وأن يُخوفهم كما أخافوا أطفال ونساء المومنين.
أليس هذا الإعصار جنديًا من جنود الله الذين ندعو الله سبحانه أن يُسلِّط على أمريكا جندًا من جنوده؟! أليس هذا استجابةً لدعواتِ من قُتلوا بالقنابل الأمريكية التي تدك بيوت الآمنيين كل يوم في حديثة وتلْعفر والقائم والفلوجة.
كل هذا الدمار وأمريكا قد عملت كل احتياطاتها لمواجهة الإعصار وعلمت بوصوله مسبقًا، ورغم ذلك كان ذلك الدمار الذي نشاهده اليوم، ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾ (المدثر: من الآية 31)، ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10)﴾ (الطلاق).
أقول وبالله التوفيق: لقد ظلَّ المرجفون يملئون قلوب المسلمين- بل الإرجاف تلو الإرجاف- حتى ظنَّ كثير من المسلمين أنَّ الأمريكان يستطيعون أن يمنعوا الزلازل وأن يمنعوا البراكين، وأن يمنعوا الأعاصير وأن يحركوا الكون كله لضعف اليقين بالله عزَّ وجل.
فنحن جميعًا كمسلمين نحتاج أن تتعلق قلوبنا من جديدٍ بالله عزَّ وجل الملك ﴿قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (آل عمران: 26) تتعلق قلوبنا من جديدٍ بالله ﻻ بوسط أوروبا ولا بالأمم المتحدة وﻻ بمجلس الأمن، وأن تتعلق قلوبنا بالملك.
نسأل الله أن يرينا فيهم عجائب قدرته، وأن يحفظ بلاد المسلمين من شرورهم وعدوانهم وأن ينصرنا عليهم[/CENTER]
[move=right]مع تحيات S.B [/move]