الحمد لله حبيب قلوب الصادقين الحمد لله ملاذ المستضعفين المفتقرين
الأخروية الحقيقية تستهين بمُلك العالم
****************************
بسم الله وبالله والصلاة على خير الأنام محمد وعلى آله الأطهار والحمد لله رب العالمين
كثيرون لا يعرفون معنى الأخروية ، ويتصورون أن الأخروية ، هي أن يجلس الإنسان في بيته ، ويترك العمل ، ويترك الإختلاط مع الناس ، وهذا تصور باطل عن الأخروية ، وهو من نتاجات النفس الأمارة بالسوء التي تسعى الى تشويه سمعة الأخروية وإبعاد الناس عنها ..
الأخروية هي أن لا تحترم ما يمتلكه الآخرون مهما كان كبيراً من الناحية المادية ، فيكون كل ما يمتلكونه من ماديات هو تحت قدميك ولا قيمة له على الإطلاق .. فالأخروية هي حالة الثورية بوجه كل الأملاك الدنيوية ..
والأخروية هي رفض الخنوع أمام الأموال والمغريات وأصحاب الأموال وأصحاب الجاه والنفوذ الدنيوي ، هكذا نفهم أن الأخروية هي كبرياء المؤمنين بوجه الدنيا الفانية الزائلة وبوجه كل ما يمتلكه أولئك الدنيويون وما يفرحون به ..
الأخروية هي أن تكون ثائراً تستهين بمُلك كل ملوك الأرض وتراه كله صغيراً ضئيلاً حقيراً وكأنه غير موجود .. والأخروية هي أن لا تنبهر بكل الإنجازات المادية والإكتشافات العلمية مهما كانت وتراها لا قيمة لها على الإطلاق أمام عظمة الله جل جلاله ..
الأخروية هي تكبرٌ على المال والسلاح .. فعندما يأتي أصحاب المال والسلاح الى الإيمان عليهم أن يأتوا حفاة مشاة ساجدين ، أي أن يتحفون معنوياً من كل ما يملكوه ويأتون كأناس عاديين وبسطاء ، ولا يتفاخرون بأي شيء يملكوه لأن الملك لله سبحانه ولأن الإيمان هو الملك العظيم..
هذه هي الأخروية ، إنها هي التي تصنع الفرسان على مدى التأريخ ، أما أولئك الذين ينظرون الى الأموال وتضعفهم مغريات الدنيا فلن يكونوا فرسان في ساحة الله أبداً لأنهم لا يملكون الأخروية التي تجعلهم ينظرون الى السماء والى رحمة الله ولا ينحنون الى ملوك الأرض أبداً ..
والأخروية في المستويات العالية جداً ليس فقط أن لا يكون النظر الى ما بيد الناس من ماديات الحياة التافهة ، بل أيضاً لا يكون النظر حتى الى الكرامات المادية ، لأن الإنسان الأخروي لا يريد سوى رضا الله ولا يطلب أي نفع في الدنيا ، إنما هدفه هو القرب من خالقه سبحانه ..
فالأخروية بهذا المعنى غير موجودة لدى أولئك الدنيويين المتسترين بالدين الذين يسيل لعابهم على الأموال ويجعلونها غايتهم والذين يحترمون التجار ويجاملونهم ويتقربون إليهم أكثر من إحترامهم للبسطاء ولأهل الإيمان من الفقراء ..
هذا هو منطوق الأخروية الحقيقية الذي يجب أن نسعى لنجعله موجوداً في وجداننا ونجعله منهجاً حقيقياً في تديننا ، وعلينا أن نعلم أن التدين بدون هذه الأخروية لن يكون سوى ستاراً للنفاق وللرياء وللسمعة وللجاه وللخداع لا أكثر .
الأنبياء والأولياء (ع) جاءوا بمنهج الأخروية والقرآن دعى الى الآخرة والله سبحانه أراد للإنسان أن يملك الأخروية في منهجه الحياتي ، لكن الدنيويون شوهوا الدين وأبعدوه عن الأخروية
والحمد لله رب العالمين
العرض العادي
