السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحاً , عندما أخذت( هدى) الجوال من على الطاولة وبدأت في طلب رقم زوجها!!
ألو : السلام عليكم فهد كيف حالك ؟
فهد يرد ببرود ودون أن يرد السلام قائلاً: الحمدلله بخير !! بسرعة ماذا تريدين لدي اجتماع الآن(الأخ لديه وببساطه اجتماع مع السيد فول والأخ الفاضل تميس ولا يريد أن يشغله أحد عنهما فالأمر حامي الوطيس)!!
هدى: طيب لن أطيل عليك يا عزيزي, فقط كنتُ أريد أن أعرف ماذا تريد أن أعد لك على الغداء , مقلوبة باذنجان أم مكرونة بالباشميل أم تريد شيئاً آخر يكمن في بالك؟
رد فهد قائلاً : أي شيء ياهدى أي شيء ياهدى !! دائما أقول لك لاتسأليني مثل هذه الأسئلة المملة!! يا سبحان الله!!
تغير وجه هدى ثم اعتذرت منه وقالت : طيب يا فهد لا تزعج نفسك سأعد ما يناسبنا!!
أغلقتِ هدى الخط , ثم أخذت تضرب بإصبعها السبابة على شفتيها وقالت بإصرار : سأطبخ أرزاً أبيض وملوخية محترمة!! لم يمضي وقت طويل حتى كان كل شيء جاهز , فقد أيقظت أبنها الصغير (زياد) وحممته وألبسته طقما سماوياً رائعاً , ولم يتبقى إذن سوى حضور سعادة الأخ المحترم (الفهد)
جلست هدى تلاعب صغيرها في صالة البيت منتظرة السيد فهد , وهي تنظر إلى ساعة الحائط , كانت الساعة تقترب من الثالثة , وجوال ذاك الفهد مغلق!!
في الثالثة والنصف , رن جوالها , وكان (السير فهد) على الطرف الآخر , بادرها قائلاً : أهلا أم زياد لقد نسيت أن اتصل بك وأخبرك , لقد تناولت الغداء مع أبو عبد الرحمن , وسأعود بعد صلاة العصر إن شاء الله !!
قالت هدى : لكن لماذا لم تخبرني لقد كنت أنتظرك على الغداء لقد قلقت عليك عندما لم ترد على اتصالي!!
قال فهد : لا تضخمي الأمر يا هدى , بالله عليك الأمر لا يستحق كل هذا الكلام!! أنتِ دائماً تكبرين الأمور!!
أنهت هدى المكالمة , وهي مبتئسة !! ثم توجهت إلى المطبخ وأخذت لها طبقاً وأرادت أن تضع فيه ما تأكله , ولكنها تراجعت فقد شعرت بأن نفسها مسدودة عن الأكل!!>>>>(من وين يجيها نفس)؟!
عاد (الفهد) وكما قال أخينا في الله : بعد صلاة العصر مباشرة!! وما إن دخل من الباب حتى ركض إليه الصغير (زياد) وتعلق به , ولكنه لم يعره كثيراً من الاهتمام , وكأنه قد مرَّ من أمام قطعة أثاث صغيرة!!
استقبلته السيدة هدى بابتسامة( جاهدت نفسها كثيراً كي تصنعها)!! أدار لها ظهره وهو يقول : أريد أن أنام ولا أحب أن أسمع أي صوت أي صوت فرأسي يكاد ينفجر من الألم (أتوقع من كثرة ما أكله من الفول)
دخل الغرفة وألقى بغترته على الطاولة وألقى أيضاً بنفسه على السرير (أو بالأصح ارتطم جسمه بالسرير) دخلت هدى خلفه وجلست على طرف السرير وقالت : يبدو أنك متعب جداً هذا اليوم؟
وقبل أن تكمل جملتها تلك قال : اسكتي يا هدى, ماذا أقول وماذا أترك لقد امتلأ المكتب بالمراجعين , ولا أعرف من أين يتوافد هؤلاء الناس !! أنهم كالجراد المنتشر!! وليت الأمر على كثرتهم فقط بل إنهم من أردى طبقات المجتمع وأخلاقهم رديئة جداً جداً(يا عيني على أخلاقك يا فهيدان)!!
اقتربت هدى من فهد ووضعت يديها على ظهره ثم بدأت تضغط بهما عليه بخفة ونعومة , ثم قالت له : فهد ما رأيك لو ذهبنا هذه الليلة وتناولنا العشاء مع والدتك؟
ولكن الشيخ فهد (لم ينطق ببنت شفة)!! ثم كررت عليه السؤال ولم يردْ!! نظرت إليه هدى وقبل أن تقع عينيها على وجهه , جاوبها صوت(خواءه) ( عفواً أقصد صوت شخيره) !! فارتجع السؤال والإجابة إلى داخلها مرة أخرى!!
وتكررت الأسئلة في داخل هدى ومعها الأجوبة الحائرة , التى لا أب لها ولا أم ولا منزل تلتجئ إليه , كانت هدى تودُّ من فهد أن يشاركها أي شيء حتى ولو كان تافهاً من منظوره هو!! كانت هدى زوجة وأماً وربة بيتٍ مثاليةً , كانت هدى رقيقة وهادئة بطبعها !!
لم تكن هدى تطلبُ الكثير من ذلك (أللا فهد) فقط كانت تريد قليلاً من الوقت الذي يعطيه لصديقه أبو عبد الرحمن !! أو قليلاً من الوقت الذي يقضيه في متابعة مباراة النصر والهلال!! أو قليلاً من تلك الأيام التي يقضيها في مخيمهم البري!!
كانت هدى وكانت!!
فهل تبقى هدى كما كانت؟ وهل تستمر هدى على هذا الصمود , هل تستطيع هدى أن تبقى كما هي هدى , ولوحدها على خط النار ؟ أم لابد أن يأتي أحد ويشاركها الوقوف عليه؟
دمتم بخير
العرض العادي
