العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > منتدى القصص والروايات
إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-05-2013, 10:04 AM   رقم المشاركة : 1
ملكة الرومنس
( مشرفة العام والمكتبه الادبيه )
 
الصورة الرمزية ملكة الرومنس
*,’أنياب صديقة’,*







*






* إذا تقاطع ضوءان على طريق واحد،اختفى عن الأبصار ما بينهما..






حين فرغ عمد قرى منطقة "أمّ اللّحاف" من صلاة العصر مجتمعين،توجّهوا مباشرة إلى مكتب نائب المنطقة اثنين،اثنين و قد صرّوا برانيسهم و معاطفهم الطّويلة،كي لا تعطّلهم و هم يدخلون من بابه الضيّق.كان بانتظارهم و قد رسم ابتسامة مزيّفة ،أصبح في الآونة الأخيرة يشكّ بأنّها لا تزال تختلهم ،دلّت عليها قسمات وجهه غير المنسجمة، ففيما كانت شفتاه منفرجتان و أسنانه مصرورة كأنّه يمسك بها مسمارا دقيقا،كانت عيناه تلقي بريقا وقحا.أراهن أن لو أجبر على الحفاظ على قسماته مشدودة كذلك ساعة زمن لأجهش باكيا بعد تمامها..وقف النّائب إجلالا لهم باسطا يده،ليسلّم عليهم دون أن يحدّد لها مسارا و تقافزت وسط التّحيّة أصوات مرحة،و بعض عبارات العتاب المشحونة بالودّ،التي إنّما أراد أصحابها أن يتبارزوا بها أمام بعضهم متباهين بمقدار الحميميّة التي تربط كلّ واحد منهم بالنّائب.في الحقيقة ،المسألة فطريّة و غير مقصودة، تماما كتلك الرّكلة التي تقوم بها الفرس – حتّى غير المدرّبة - مع أوّل ضربة على الطّبل..و ما من أحد يفسّر سلوكهم ذاك على هذا النّحو سوى من لفرط تكرار المشهد صار ظاهرهم و باطنهم مألوفا شفّافا لديه لا يغشّه أبدا.




الرّيح القويّة في الخارج مقوّسة مضطربة و محمّلة بأتربة الطّبقة العلويّة لأراضي الزّياتين التي تحدّ المدينة و رمل الوادي المحاذي لها.ممّا جعل الذين يلبسون معاطف طويلة و خشنة ،بعد أن اصطبغت باللّون البنّي ،يبدون تحت ضوء مصباحي مكتب النّائب الأبيضين كأنّهم جنود سفيات أيّام الحرب الثّانية.




كانوا عشرة أنفار،و الكراسي المحيطة بطاولة الاجتماعات كانت على أعدادهم بالضّبط .دعاهم النّائب للجلوس ،ففعلوا مستعينين ببعض كلمات الاستغفار و التّوحيد،غير المتشابهة في معظمها،لكنّهم اتّفقوا جميعهم على أن يرسلوا معها زفرة ارتباك، بدت كأنّها:" هيّا تكلّم و أرحنا ؟ أيّ مصيبة جعلتك تبعث وراءنا بهذه السّرعة و على غير العادة؟"




وضع النّائب مرفقيه على المكتب و شبك أصابعه وشرد قليلا و هو ينظر إلى حافظة أوراق مغلقة أمامه،و ران صمت مزعج على القاعة كان كفيلا بأن يمحو ما بقي من ابتسامات منسيّة على وجوه البعض،و تناهت إلى المسامع من بعيد أغنية رديئة كالنّحيب من تلك المسلوقة جيّدا في استوديوهات التّسجيل،حتّى لكأنّ ديكا أو قطّا يغنّيها.




تمنّى النّائب في سرّه لو أنّها تتوقّف،حتّى لا تشوّه هيبة المجلس،و اشتغلت بديهته و أذناه المدرّبتان في جزء من الثّانية فأدرك أنّها من ذاك النّوع الذي لا ينتهي أبدا،عندها رفع رأسه و قال و قد غلب التّأثّر على صوته.تأثّر يشبه إلى حدّ بعيد لحن الوعظ و الأسف المزوّر،الذي يُلبسه غالبا المنتفعون من ضرر لهم من ورائه غنم كبير لعلّهم يضيّعون عفونة نواياهم :




- تعلمون يا سادة أنّي أعوّل عليكم كثيرا في تسيير شؤون المنطقة و أمن العشائر،و تعلمون أيضا أنّي لا أرضى لكم بأقلّ من الكرامة و الوقت الطيّب..و يشهد الله أنّي في غيابكم لا أدع مناسبة إلاّ و أشدت بكفاءتكم ..و..




أومأ الكثير منهم برؤوسهم إيجابا،و توزّعت تمتمات عرفان ،و سعال خفيف هنا و هناك، ثمّ أضاف :..و يعلم الله وحده مدى معزّتكم و علوّ شأنكم عندي..و لكن..




(تحرّكت بعض الأحذية على الأرض،تعلن نيابة عن أصحابها نفاد صبرهم).




تناول النّائب من جهاز الفكس على يمينه ورقة كان بعث بها لنفسه ذات الصّباح. الورقة في مكانها كأنّها مبعوثة للتوّ..طبعا ،شعور الخوف من المجهول و الحيرة و ثقل الموقف كلّها عوامل صرفت العمد عن مجرّد الانتباه إلى حمق أن يكون النّائب قد قرأ المراسلة داخل الجهاز،أو أن يكون قد أعادها إليه بعد قراءتها.




ثمّ واصل:..و لكن وصلني هذا القرار بالأمس..الأوامر هي الأوامر كما تعلمون. و أردف بنبرة تحامل :إنّهم يطلبون منّي أن أتخلّى عن خمسة منكم، لأسباب واهية لست أصدّقها..يقولون بأنّهم ينوون ضمّ القرى و العشائر ضمن حيّز واحد..و..و لكنّي لن أسكت،أعدكم أنّي لن أسكت أبدا..لن أطاوعهم ..إن هم سوّلت لهم أنفسهم أن يستغنوا عن خمسة منكم،فأنا لا غنى لي عنكم..و لن أرضى بأقلّ من عشرة،و ليس هذا فقط،بل و أنتم بالذّات..




هنا في هذه اللّحظة سمح بعض العمد لأنفسهم وسط حماس النّائب بالقليل من الفوضى،يحثّونه على التّشبّث بما وعد.فأشار بيده يعيد الهدوء للمجلس ،ثم قال بحزم أكبر:




- سأصنع المستحيل من أجل إبقائكم لا تخافوا..غدا سأذهب لألتقي المسؤولين بنفسي(مشيرا ببنانه إلى الأعلى)..و لن أعود إن شاء الله إلاّ بأخبار تسرّكم...إلاّ إذا..




عادت الفوضى و الصّخب من جديد،ففضّل النّائب أن ينهي الاجتماع و يودّعهم..و اعتبره ناجحا.




أقلّ ما يمكن أن نصف به المعادلة التي بفضلها استطاع العمد أن يسوقوا هداياهم ليلتها إلى بيت النّائب من غنم و دنان زيت و عسل،فرادى و دون أن يصادف أحدهم الآخر،هو أنّها معقّدة ، مع ذلك قد يريحنا تشبيهها بالحيل التي يطوّرها البسطاء بوسائل بدائيّة و لا يفسّرها إلاّ العلماء.




التأم مجلسهم مرّة أخرى بعد أيّام ثلاث تغيّب خلالها النّائب عن المنطقة. طمأنهم بأنّه قاتل من أجلهم و هدّد المسؤولين باستقالته إن هم نفّذوا قرارهم و حدّثهم بشراسة بأن لا معنى لوجوده دون نصف العمد،و بشّرهم بأنّه نجح بضراوة في افتكاك أماكنهم و الحفاظ عليهم جميعا.و علم الشّيخ محمود بعد أسابيع أنّ النّائب كان في ضيافة أحد أصدقائه القدامى طوال الأيّام التي تغيّبها و استغلّها في صيد طير " الحبارة " ، و بأنّ ساقه لم تطأ المحافظة،و حدّث بذلك بقيّة الشّيوخ كلّما التقى أحدهم،و طلب منه الشّيخ العيّاشي لمّا التقاه في السّوق الأسبوعي ردّا على النّحس الذي بدأ يكتسح ضيعته غير عابىء بما جاء يُخبره به ،أن يستبدل معه التيس بالتّيس؛يقول إنّه يودّ تغيير عتبة الحظّ..و كان للشّيخ محمود تيس جامح شرود،لا يستكين من قفز أو جري،فأجابه فورا:ماذا تقول يا عيّاشي؟و صفّق يدا بيد متعجّبا و قال: تيس كتيس يا عيّاشي ،تيس كتيس و المطاردة ذخر..و أصبحت كلماته تلك مثلا متداولا بين النّاس..و علم النّائب بالقصّة و أحاط بالموضوع ما يستحقّه من اهتمام و تركيز..أن يصنع البدو – قاع الهرم - مثلا يتداولونه بينهم، فهذا يعادل قيام حزب معارض في قمّة الهرم..و النّائب لا يغفل على خطر من هذا القبيل..بل ما نفعه إذن لو غفل؟




صفّق العمد في مكتب النّائب و هلّلوا فرحا و تداولوا على تقبيله و شكره،و ساد جوّ من الضّحك و العناق.قطعه رنين هاتف النّائب.صمتوا.تناول النّائب السمّاعة و هو يضع سبّابته فوق شفتيه و أتمّ المكالمة واقفا:- كيف حالك سيّدي..نعم سيّدي..خيرا إن شاء الله..حاضر سيّدي تأمرون..احترامي..




ثم أعاد السمّاعة إلى مكانها بعصبيّة،ممتعضا و تهالك على كرسيّه و رفع وجها شاحبا ..و حدّق في الشّيخ ابراهيم حتّى ظنّ أنّ المكالمة كانت بشأنه.و قال الشّيخ في نفسه :معقول أن تكون حوريّة قد اشتكت؟ و آثر أن يسكت و يطأطىء رأسه..




و تكلّم الشّيخ الطّالب ،يحفّزه المال الذي جمعه بنفسه تبرّعا لأحد المهدّدين بالسّجن من أبناء قريته إن لم يسدّد نفقة طليقته في غضون عشرة أيّام،و قرّر في سرّه أن يحتفظ بها لنفسه،ففرح لما توصّل إليه و قال : خيرا سيّدي النّائب ، لا بأس؟




ردّ النّائب بعد صمت قصير ،بصوت خافت ،دون أن يحوّل عينيه على الشّيخ ابراهيم ،و قد ارتسمت على وجهه سحنة الواقع في كمين كان ساهم في نصبه:




- حضرة الوالي يقول بأنّ كلّ نوّاب المنطقة الجنوبيّة مدعوّون غدا في مكتبه لأمر طارىء..







اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة










رد مع اقتباس
قديم 15-05-2013, 12:42 AM   رقم المشاركة : 2
شمس القوايل
المشرفة العامة
 
الصورة الرمزية شمس القوايل

يعطيج العافيه ملكة الرومنس ع الطرح الرائع

ننتظر المزيد لاهنتي







التوقيع :


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 17-05-2013, 02:20 AM   رقم المشاركة : 3
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

مرحبا يالغلااا
يعطيك العافيه ياغاليتي يسلموو وربي
تقبلي شكري تقديري واحترامي
مع تحياتي قلب الزهور
بباي







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 10-06-2013, 04:03 PM   رقم المشاركة : 4
ملكة الرومنس
( مشرفة العام والمكتبه الادبيه )
 
الصورة الرمزية ملكة الرومنس

كل الشكر لتواجدك الغالي شمس القوايل والمميز هنا
ودي وتقديري







رد مع اقتباس
قديم 10-06-2013, 04:04 PM   رقم المشاركة : 5
ملكة الرومنس
( مشرفة العام والمكتبه الادبيه )
 
الصورة الرمزية ملكة الرومنس

كل الشكر لتواجدك الغالي قلب الزهوور والمميز هنا
ودي وتقديري







رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:14 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية