منتديات  الـــود

منتديات الـــود (http://vb.al-wed.com/index.php)
-   ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞ (http://vb.al-wed.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   ۩ تفسير سورة يونس عدد آياتها 109 (http://vb.al-wed.com/showthread.php?t=315970)

قلب الزهـــور 29-05-2014 03:42 AM

۩ تفسير سورة يونس عدد آياتها 109
 
تفسير سورة يونس عدد آياتها 109
مكية


قلب الزهـــور 29-05-2014 03:55 AM

الأية رقم ‏(‏1 ‏:‏ 2‏)‏
‏{‏ الر تلك آيات الكتاب الحكيم ‏.‏ 7 أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ‏}‏

أما الحروف المقطعة فقد تقدم الكلام عليها في أوائل
سورة
البقرة‏.‏
وقال ابن عباس ‏{‏الر‏}‏ أي أنا اللّه أرى، وكذلك قال الضحاك وغيره، ‏{‏تلك آيات الكتاب الحكيم‏}‏ أي هذه آيات القرآن المحكم المبين، وقال الحسن‏:‏ التوراة والزبور، وقال قتادة‏:‏ ‏{‏تلك آيات الكتاب‏}‏ قال‏:‏ الكتب التي كانت قبل القرآن، وهذا القول لا أعرف وجهه ومعناه‏:‏ ‏{‏أكان للناس عجبا‏}‏ يقول تعالى منكراً على من تعجب من الكفار، ومن إرسال المرسلين من البشر، كما أخبر تعالى عن القرون الماضين من قولهم‏:‏ ‏{‏أبشر يهدوننا‏}‏‏؟‏ وقال هود وصالح لقومهما‏:‏ ‏{‏أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم‏}‏‏؟‏ وقال تعالى مخبراً عن كفار قريش‏:‏ ‏{‏أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب‏}‏‏؟‏‏!‏ وقال ابن عباس‏:‏ لما بعث اللّه تعالى محمداً صلى اللّه عليه وسلم رسولاً أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم، فقالوا‏:‏ اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد، قال فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ ‏{‏أكان للناس عجبا‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏أن لهم قدم صدق عند ربهم‏}‏ اختلفوا فيه؛ فقال ابن عباس‏:‏ سبقت لهم السعادة في الذكر، وقال العوفي عنه‏:‏ ‏{‏أن لهم قدم صدق عند ربهم‏}‏ يقول‏:‏ أجراً حسناً بما قدموا وهو قول الضحاك والربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وقال مجاهد‏:‏ الأعمال الصالحة، صلاتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم، قال‏:‏ ومحمد صلى اللّه عليه وسلم يشفع لهم؛ وقال قتادة سلف صدق عند ربهم؛ واختار ابن جرير قول مجاهد‏:‏ إنها الأعمال الصالحة التي قدموها، كما يقال‏:‏ له قدم في الإسلام، كقول حسان‏:‏

لنا القدم العليا إليك وخلفنا * لأولنا في طاعة اللّه تابع
وقول ذي الرمة‏:‏
لكم قدم لا ينكر الناس أنها * مع الحسب العاديِّ طَمَّتْ على البحر

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قال الكافرون إن هذا لساحر مبين‏}‏ أي مع أنا بعثنا إليهم رسولاً منهم رجلاً من جنسهم بشيراً ونذيراً، ‏{‏قال الكافرون إن هذا لساحر مبين‏}‏ أي ظاهر، وهم الكاذبون في ذلك‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏3‏)‏
‏{‏ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون ‏}‏

يخبر تعالى أنه رب العالم جميعه، وأنه خالق السماوات والأرض في ستة أيام، قيل‏:‏ كهذه الأيام، وقيل‏:‏ كل يوم كألف سنة مما تعدون، كما سيأتي بيانه، ثم استوى على العرش، والعرش أعظم المخلوقات وسقفها، وهو ياقوتة حمراء، وقوله‏:‏ ‏{‏يدبر الأمر‏}‏ أي يدبر الخلائق ‏{‏لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض‏}‏ ولا يشغله شأن عن شأن، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير، في الجبال والبحار والعمران والقفار ‏{‏وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها‏}‏ الآية، ‏{‏وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين‏}‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ما من شفيع إلا من بعد إذنه‏}‏، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه‏}‏، وكقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن اللّه لمن يشاء ويرضى‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ذلكم اللّه ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون‏}‏ أي أفردوه بالعبادة وحده لا شريك له، ‏{‏أفلا تذكرون‏}‏ أيها المشركون في أمركم تعبدون مع اللّه إلهاً غيره، وأنتم تعلمون أنه المتفرد بالخلق، كقوله تعالى‏:‏
‏{‏ولئن سألتهم من خلقهم‏؟‏ ليقولن اللّه‏}‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏4‏)‏
‏{‏ إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ‏}‏

يخبر تعالى أن إليه مرجع الخلائق يوم القيامة لا يترك منهم أحداً حتى يعيده كما بدأه، ثم ذكر تعالى أنه كما بدأ الخلق كذلك يعيده، ‏{‏وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه‏}‏،{‏ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط‏}‏ أي بالعدل والجزاء الأوفى، ‏{‏والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون‏}‏، أي بسبب كفرهم يعذبون يوم القيامة بأنواع العذاب من سموم وحميم وظل من يحموم، ‏{‏هذا فليذقوه حميم وغساق‏}‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏5 ‏:‏ 6‏)‏
‏{‏ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون ‏.‏ إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون ‏}‏

يخبر تعالى عما خلق من الآيات الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه، وأنه جعل الشعاع الصادر عن جرم الشمس ضياء، وجعل شعاع القمر نوراً، هذا فن وهذا فن آخر؛ ففاوت بينهما لئلا يشتبها، وجعل سلطان الشمس بالنهار، وسلطان القمر بالليل، وقدّر القمر منازل، فأول ما يبدو صغيراً، ثم يتزايد نوره وجرمه حتى يستوسق ويكمل إبداره، ثم يشرع في النقص حتى يرجع إلى حالته الأولى في تمام شهر، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم‏}‏‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والشمس والقمر حسبانا‏}‏، ‏{‏وقدره‏}‏ أي القمر، ‏{‏منازل لتعلموا عدد السنين والحساب‏}‏ فبالشمس تعرف الأيام، وبسير القمر تعرف الشهور والأعوام، ‏{‏ما خلق اللّه ذلك إلا بالحق‏}‏ أي لم يخلقه عبثاً بل له حكمة عظيمة في ذلك وحجة بالغة، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما باطلا‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏نفصل الآيات‏}‏ أي نبين الحجج والأدلة، ‏{‏لقوم يعلمون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏إن في اختلاف الليل والنهار‏}‏ أي تعاقبهما إذا جاء هذا ذهب هذا، وإذا ذهب هذا جاء هذا، لا يتأخر عنه شيئاً كقوله‏:‏ ‏{‏يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏وما خلق اللّه في السماوات والأرض‏}‏ أي من الآيات الدالة على عظمته تعالى، كما قال‏:‏ ‏{‏وكأين من آية في السموات والأرض‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏قل انظروا ماذا في السموات والأرض‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏إن في خلق السموات والأرض واختلاف اليل والنهار لآيات لأولي الألباب‏}‏ أي العقول، وقال ههنا ‏{‏لآيات لقوم يتقون‏}‏، أي عقاب اللّه وسخطه وعذابه‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏7 ‏:‏ 8‏)‏
‏{‏ إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون ‏.‏ أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عن حال الأشقياء الذين كفروا بلقاء اللّه يوم القيامة ولا يرجون في لقائه شيئاً، ورضوا بهذه الحياة الدنيا واطمأنت إليها نفوسهم ‏{‏إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها‏}‏ الآية، قال الحسن‏:‏ واللّه ما زينوها ولا رفعوها حتى رضوا بها، وهم غافلون عن آيات اللّه الكونية، فلا يتفكرون فيها، والشرعية فلا يأتمرون بها بأن مأواهم يوم معادهم النار جزاء ما كانوا يكسبون في ديناهم من الآثام والخطايا والإجرام، مع ما هم فيه من الكفر باللّه ورسوله واليوم الآخر‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏9 ‏:‏ 10‏)‏
‏{‏ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ‏.‏ دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ‏}‏

هذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا باللّه وصدقوا المرسلين وامتثلوا ما أمروا به، فعملوا الصالحات، بأنه سيهديهم بإيمانهم، أي بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم اللّه يوم القيامة على الصراط المستقيم حتى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنة، ويحتمل أن تكون للاستعانة، كما قال مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏يهديهم ربهم بإيمانهم‏}‏ قال‏:‏ يكون لهم نوراً يمشون به، وقال ابن جريج‏:‏ في الآية يمثل له عمله في صورة حسنة إذا قام من قبره يبشره بكل خير، فيقول له‏:‏ من أنت‏؟‏ فيقول‏:‏ أنا عملك، فيجعل له نوره من بين يديه حتى يدخله الجنة، فذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يهديهم ربهم بإيمانهم‏}‏ والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة، فليزم صاحبه حتى يقذفه في النار‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد للّه رب العالمين‏}‏ أي هذا حال أهل الجنة، قال ابن جريج‏:‏ أخبرت أنه إذا مر بهم الطير يشتهونه قالوا‏:‏ سبحانك اللهم، وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه، فيسلم عليهم فيردون عليه، فذلك قوله‏:‏ ‏{‏وتحيتهم فيها سلام‏}‏، قال‏:‏ فإذا أكلوا حمدوا اللّه ربهم، فذلك قوله‏:‏ ‏{‏وآخر دعواهم أن الحمد للّه رب العالمين‏}‏، وقال مقاتل‏:‏ إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم‏:‏ ‏{‏سبحانك اللهم‏}‏ قال‏:‏ فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم مع كل خادم صحفة من ذهب فيها طعام ليس في الأخرى، قال‏:‏ فيأكل منهن كلهن، وهذه الآية فيها شبه من قوله‏:‏ ‏{‏تحيتهم يوم يلقونه سلام‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏إلا قيلا سلاما سلاما‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏سلام قولا من رب رحيم‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏وآخر دعواهم أن الحمد للّه رب العالمين‏}‏ فيه دلالة على أنه تعالى هو المحمود أبداً، المعبود على طول المدى، ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه، وفي ابتداء كتابه، وعند ابتداء تنزيله، حيث يقول تعالى‏:‏ ‏{‏الحمد للّه الذي أنزل على عبده الكتاب‏}‏،

‏{‏الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض‏}‏ إلى غير ذلك من الأحوال التي يطول بسطها، وأنه المحمود في الأولى والآخرة في جميع الأحوال، ولهذا جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏إن أهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس‏)‏، وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تزايد نعم اللّه عليهم، فتكرر وتعاد وتزداد، فليس لها انقضاء ولا أمد، فلا إله إلا هو ولا رب سواه‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏11‏)‏
‏{‏ ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون ‏}‏

يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده، أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أولادهم بالشر، في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفاً ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأولادهم بالخير والبركة، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏ولو يعجل اللّه للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم‏}‏ الآية‏:‏ أي لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك؛ كما جاء في الحديث الذي رواه جابر قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من اللّه ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم‏)‏ ‏"‏أخرجه البزار وأبو داود عن جابر بن عبد اللّه‏"‏، وهذا كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير‏}‏ الآية، وقال مجاهد في
تفسير هذه الآية‏:‏ هو قول الإنسان لولده أو ماله إذا غضب عليه‏:‏ اللهم لا تبارك فيه والعنه، فلو يجعل لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم‏.‏

قلب الزهـــور 29-05-2014 04:27 AM

الأية رقم ‏(‏12‏)‏
‏{‏ وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ‏}‏

يخبر تعالى عن الإنسان وضجره وقلقه إذا مسه الضر، كقوله‏:‏ ‏{‏وإذا مسه الضر فذو دعاء عريض‏}‏ أي كثير، وهما في معنى واحد، وذلك لأنه إذا أصابته شدة قلق لها وجزع منها، وأكثر الدعاء عند ذلك، فدعا اللّه في كشفها ورفعها عنه، في حال اضطجاعه وقعوده وقيامه وفي جميع أحواله، فإذا فرّج اللّه شدته وكشف كربته أعرض ونأى بجانبه وذهب، كأن ما كان به من ذلك شيء، ‏{‏مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه‏}‏، ثم ذم تعالى من هذه صفته وطريقته فقال‏:‏ ‏{‏كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون‏}‏، فأما من رزقه اللّه الهداية والسداد، والتوفيق والرشاد فإنه مستثنى من ذلك، وفي الحديث‏:‏ ‏(‏عجباً للمؤمن لا يقضي اللّه له قضاء إلا كان خيراً له، إن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له، وإن أصابته سراء فشكر كان خيراً له؛ وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن‏)‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏13 ‏:‏ 14‏)‏
‏{‏ ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ‏.‏ ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ‏}‏
أخبر تعالى عما أحل بالقرون الماضية، في تكذيبهم الرسل فيما جاءوهم به من البينات، استخلف اللّه هؤلاء القوم من بعدهم، وأرسل إليهم رسولاً لينظر طاعتهم له، واتباعهم رسوله، وفي صحيح مسلم‏:‏ ‏(‏إن الدنيا حلوة خضرة، وإن اللّه مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء‏)‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏15 ‏:‏ 16‏)‏
‏{‏ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ‏.‏ قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ‏}‏

يخبر تعالى عن تعنت الكفار من مشركي قريش الجاحدين المعرضين عنه،

أنهم إذا قرأ عليهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم كتاب اللّه وحججه الواضحة قالوا له‏:‏ ائت بقرآن غير هذا، أي رد هذا وجئنا بغيره من نمط آخر أو بدله إلى وضع آخر، قال اللّه تعالى لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏{‏قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي‏}‏ أي ليس هذا إليّ إنما أنا عبد مأمور، ورسول مبلّغ عن اللّه، ‏{‏إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم‏}‏؛ ثم قال محتجاً عليهم في صحة ما جاءهم به؛ ‏{‏قل لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به‏}‏ أي هذا إنما جئتكم به عن إذن اللّه لي في ذلك ومشيئته وإرادته، والدليل على أني لست أتقوله من عندي، ولا افتريته أنكم عاجزون عن معارضته، وأنكم تعلمون صدقي وأمانتي منذ نشأت بينكم إلى حين بعثني اللّه عزَّ وجلَّ، لا تنتقدون عليَّ شيئاً تغمصوني به، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون‏}‏ أي أفليس لكم عقول تعرفون بها الحق من الباطل‏؟‏ ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان قال له‏:‏ هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال‏؟‏ قال أبو سفيان‏:‏ فقلت‏:‏ لا، وكان أبو سفيان إذ ذاك رأس الكفرة وزعيم المشركين، ومع هذا اعترف بالحق والفضل ما شهدت به الأعداء فقال له هرقل‏:‏ فقد أعرف أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب ليكذب على اللّه‏.‏ وقال جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة‏:‏ بعث اللّه فينا رسولاً نعرف صدقه ونسبه وأمانته، وقد كانت مدة مقامه عليه السلام بين أظهرنا قبل النبوة أربعين سنة‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏17‏)‏
‏{‏ فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون ‏}
يقول تعالى‏:‏ لا أحد أظلم ولا أعتى ولا أشد إجراماً ‏{‏ممن افترى على اللّه كذبا‏}‏، وتقوّل على اللّه، وزعم أن اللّه أرسله ولم يكن كذلك، فليس أحد أكبر جرماً ولا أعظم ظلماً من هذا، ومثل هذا لا يخفى أمره على الأغبياء فكيف يشتبه حال هذا بالأنبياء‏؟‏ فإن من قال هذه المقالة صادقاً أو كاذباً فلا بدّ أن اللّه ينصب عليه من الأدلة على بره أو فجوره ما هو أظهر من الشمس، فإن الفرق بين محمد صلى اللّه عليه وسلم وبين مسيلمة الكذاب لمن شاهدهما أظهر من الفرق بين الضحى وبين حندس الظلماء، قال عبد اللّه بن سلام‏:‏ لما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة انجفل الناس يعني قومه اليهود‏.‏ وأما العرب وهم الأنصار فكانوا في أشد الغبطة والسرور فكنت فيمن انجفل، فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه رجل كذاب، قال‏:‏ فكان أول ما سمعته يقول‏:‏ ‏(‏يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام‏)‏، ولما وفد ضمام بن ثعلبة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قومه بني سعد بن بكر قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما قاله‏:‏ من رفع هذه السماء‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏اللّه‏)‏، قال‏:‏ ومن نصب هذه الجبال‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏اللّه‏)‏، قال‏:‏ ومن سطح هذه الأرض‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏اللّه‏)‏، قال‏:‏ فبالذي رفع هذه السماء ونصب هذه الجبال وسطح هذه الأرض آللّه أرسلك إلى الناس كلهم‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏اللهم نعم‏)‏، ثم سأله عن الصلاة والزكاة والحج والصيام ويحلف عند كل واحدة هذه اليمين، ويحلف له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال له‏:‏ صدقت، والذي بعثك بالحق لا أزيد على ذلك ولا أنقص، فقد أيقن بصدقه صلوات اللّه وسلامه عليه بما رأى وشاهد من الدلائل الدالة عليه، قال حسان بن ثابت‏:‏

لو لم تكن فيه آيات مبينة * كانت بديهته تأتيك بالخبر

وذكروا أن عمرو بن العاص وفد على مسيلمة، وكان صديقاً له في الجاهلية، وكان عمرو لم يسلم بعد، فقال له مسيلمة‏:‏ ويحك يا عمرو، ماذا أنزل على صاحبكم، يعني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، في هذه المدة‏؟‏ فقال‏:‏ لقد سمعت أصحابه يقرأون سورة
عظيمة قصيرة، فقال‏:‏ وما هي‏؟‏ فقال‏:‏ ‏{‏والعصر إن الإنسان لفي خسر‏}‏ إلى آخر السورة، ففكر مسيلمة ساعة، ثم قال‏:‏ وأنا قد أنزل عليَّ مثله، فقال‏:‏ وما هو‏؟‏ فقال‏:‏ يا وبر، يا وبر، إنما أنت أذنان وصدر وسائرك حفر نقر ، كيف ترى يا عمرو، فقال له عمرو‏:‏ واللّه إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب‏.‏ فإذا كان هذا من مشرك في حال شركه لم يشتبه عليه حال محمد صلى اللّه عليه وسلم وصدقه، وحال مسيلمة لعنه اللّه وكذبه، فكيف بأولي البصائر والنهى، وأصحاب العقول السليمة المستقيمة والحجى‏؟‏ ولهذ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فمن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون‏}‏، وكذلك من كذب بالحق الذي جاءت به الرسل، وقامت عليه الحجج، لا أحد أظلم منه كما في الحديث‏:‏ ‏(‏أعتى الناس على اللّه رجل قتل نبياً أو قتله نبي‏)‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏18 ‏:‏ 19‏)‏
‏{‏ ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون ‏.‏ وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون ‏}‏

ينكر تعالى على المشركين الذين عبدوا مع اللّه غيره ظانين أن تلك الآلهة أن تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند اللّه، فأخبر تعالى أنها لا تضر ولا تنفع ولا تملك شيئاً، ولا يقع شيء مما يزعمون فيها ولا يكون هذا أبداً، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏قل أتنبئون اللّه بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض‏}‏ قال ابن جرير‏:‏ معناه أتخبرون اللّه بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض‏؟‏ ثم نزه نفسه الكريمة عن شركهم وكفرهم فقال‏:‏ ‏{‏سبحانه وتعالى عما يشركون‏}‏، ثم أخبر تعالى أن هذا الشرك حادث في الناس كائن بعد أن لم يكن، وأن الناس كلهم كانوا على دين واحد وهو الإسلام، قال ابن عباس‏:‏ كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، ثم وقع الاختلاف بين الناس وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان، فبعث اللّه الرسل بآياته وبيّناته وحججه البالغة وبراهينه الدامغة‏:‏ ‏{‏ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ولولا كلمة سبقت من ربك‏}‏ الآية، أي لولا ما تقدم من اللّه تعالى أنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، وأنه أجلّ الخلق إلى أجل معدود، لقضى بينهم فيما اختلفوا فيه، فأسعد المؤمنين وأعنت الكافرين‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏20‏)‏
‏{‏ ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين ‏}

أي ويقول هؤلاء الكفرة المكذبون المعاندون‏:‏ لولا أنزل على محمد آية من ربه، يعنون‏:‏ كما أعطى اللّه ثمود الناقة، أو أن يحول لهم الصفا ذهباً، أو يزيح عنهم جبال مكة ويجعل مكانها بساتين وأنهاراً، أو نحو ذلك، مما اللّه عليه قادر، ولكنه حكيم في أفعاله وأقواله، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا‏}‏، وكقوله‏:‏ ‏{‏وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون‏}‏ الآية، يقول تعالى‏:‏ إن سنتي في خلقي أني إذا آتيتهم ما سألوا، فإن آمنوا وإلا عاجلتهم بالعقوبة، ولهذا لما خير رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين إعطائهم ما سألوا فإن آمنوا وإلا عذبوا، وبين إنظارهم، اختار إنظارهم، كما حلم عنهم غير مرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ولهذا قال تعالى إرشاداً لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الجواب عما سألوا‏:‏ ‏{‏فقل إنما الغيب للّه‏}‏ أي الأمر كله للّه وهو يعلم العواقب في الأمور، ‏{‏فانتظروا إني معكم من المنتظرين‏}‏ أي إن كنتم لا تؤمنون حتى تشاهدوا ما سألتم فانتظروا حكم اللّه فيَّ وفيكم، ولو علم أنهم سألوا ذلك استرشاداً وتثبتاً لأجابهم، ولكن علم أنهم إنما يسألون ذلك عناداً وتعنتاً فتركهم فيما رابهم، وعلم أنهم لا يؤمن منهم أحد لما فيه من المكابرة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولو فتحنا عليهم بابا من السماء‏}‏ الآية،

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن يروا كسفا من السماء ساقطا‏}‏ الآية، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين‏}‏ فمثل هؤلاء لا فائدة من جوابهم لأنه دائر على تعنتهم وعنادهم لكثرة فجورهم وفسادهم، ولهذا قال‏:‏
‏{‏فانتظروا إني معكم من المنتظرين‏}‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏21 ‏:‏ 23‏)‏
‏{‏ وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون ‏.‏ هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين ‏.‏ فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون ‏}‏

يخبر تعالى أنه إذا أذاق الناس رحمة من بعد ضراء مستهم كالرخاء بعد الشدة، والخصب بعد الجدب، والمطر بعد القحط، ونحو ذلك ‏{‏إذا لهم مكر في آياتنا‏}‏، قال مجاهد استهزاء وتكذيب، ‏{‏قل اللّه أسرع مكرا‏}‏ أي أشد استدراجاً وإمهالاً حتى يظن الظان من المجرمين أنه ليس بمعذب، وإنما هو في مهلة ثم يؤخذ على غرة منه، والكاتبون الكرام يكتبون عليه جميع ما يفعله ويحصونه عليه، ثم يعرضونه على عالم الغيب والشهادة فيجازيه على النقير والقطمير، ثم أخبر تعالى أنه‏:‏ ‏{‏هو الذي يسيركم في البر والبحر‏}‏ أي يحفظكم ويكلؤكم بحراسته، ‏{‏حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها‏}‏ أي بسرعة سيرهم رافلين، فبينما هم كذلك إذ ‏{‏جاءتها‏}‏ أي تلك السفن ‏{‏ريح عاصف‏}‏ أي شديدة، ‏{‏وجاءهم الموج من كل مكان‏}‏ أي اغتلم البحر عليهم، ‏{‏وظنوا أنهم أحيط بهم‏}‏ أي هلكوا، ‏{‏دعوا اللّه مخلصين له الدين‏}‏ أي لا يدعون معه صنماً ولا وثناً يفردونه بالدعاء والابتهال، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه‏}‏،{‏لئن أنجيتنا من هذه‏}‏ أي هذه الحال ‏{‏لنكونن من الشاكرين‏}‏ أي لا نشرك بك أحداً

ولنفردنك بالعبادة كما أفردناك بالدعاء ههنا، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏فلما أنجاهم‏}‏ أي من تلك الورطة، ‏{‏إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق‏}‏ أي كأن لم يكن من ذلك شيء، ‏{‏كأن لم يدعنا إلى ضر مسه‏}‏، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم‏}‏ أي إنما يذوق وبال هذا البغي أنتم أنفسكم، ولا تضرون به أحداً غيركم، كما جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏ما من ذنب أجدر أن يعجل اللّه عقوبته في الدنيا مع ما يدخر اللّه لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم‏)‏، وقوله‏:‏ ‏{‏متاع الحياة الدنيا‏}‏ أي إنما لكم متاع في الحياة الدنيا الدنيئة الحقيرة، ‏{‏ثم إلينا مرجعكم‏}‏ أي مصيركم ومآلكم، ‏{‏فننبئكم‏}‏ أي فنخبركم بجميع أعمالكم ونوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه‏.‏

شمس القوايل 30-05-2014 12:32 AM

بارك الله فيج وجزاج الله الخير

وجعله في ميزان حسناتج

طائر العشاق 30-05-2014 02:22 AM

بارك الله فيك


قلب الزهـــور 03-06-2014 03:17 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمس القوايل (المشاركة 5608393)
بارك الله فيج وجزاج الله الخير

وجعله في ميزان حسناتج

●●●
هلااااااااااوغلاااااااااااا

يسعدلي قلبك ويسلمووو وربي على الحضور الرائع بصفحتي
وجزاك الله كووول خير ويعطيك الصحة والسعادة يارب
تقبلي شكري وتقديري واحترامي
مع تحياتي : قلب الزهـــور ..بباي
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image366.gif


قلب الزهـــور 03-06-2014 03:18 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طائر العشاق (المشاركة 5608404)
بارك الله فيك


●●●
هلااااااااااوغلاااااااااااا

يسعدلي قلبك ويسلمووو وربي على الحضور الرائع بصفحتي
وجزاك الله كووول خير ويعطيك الصحة والسعادة يارب
تقبل شكري وتقديري واحترامي
مع تحياتي : قلب الزهـــور ..بباي
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image366.gif


قلب الزهـــور 03-06-2014 03:32 AM

الأية رقم ‏(‏24 ‏:‏ 25‏)‏
‏{‏ إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ‏.‏ والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ‏}‏

ضرب تبارك وتعالى مثلاً لزهرة الحياة الدنيا وزينتها، وسرعة انقضائها وزوالها،

بالنبات الذي أخرجه اللّه من الأرض، مما يأكل الناس من زروع وثمار، على اختلاف أنواعها وأصنافها، وما تأكل الأنعام، ‏{‏حتى إذا أخذت الأرض زخرفها‏}‏ أي زينتها الفانية، ‏{‏وازينت‏}‏ أي حسنت بما خرج في رباها من زهور نضرة مختلفة الأشكال والألوان ‏{‏وظن أهلها‏}‏ الذين زرعوها وغرسوها ‏{‏أنهم قادرون عليها‏}‏ أي على جذاذها وحصادها، فبينما هم كذلك إذ جاءتها صاعقة أو ريح شديدة باردة، فأيبست أوراقها وأتلفت ثمارها، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا‏}‏ أي يابساً بعد الخضرة والنضارة، ‏{‏كأن لم تغن بالأمس‏}‏ أي كأنها ما كانت حيناً قبل ذلك، وقال قتادة‏:‏ ‏{‏كأن لم تغن‏}‏ كأن لم تنعم، وهكذا الأمور بعد زوالها كأنها لم تكن، قال تعالى‏:‏ إخباراً عن المهلكين‏:‏ ‏{‏فأصبحوا في دارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها‏}‏، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏كذلك نفصل الآيات‏}‏ أي نبين الحجج والأدلة ‏{‏لقوم يتفكرون‏}‏ فيعتبرون بهذا المثل في زوال الدنيا عن أهلها سريعاً، مع اغترارهم بها وتفلتها عنهم، وقد ضرب اللّه تعالى مثل الدنيا بنبات الأرض في غير ما آية من كتابه العزيز فقال‏:‏ ‏{‏واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان اللّه على كل شيء مقتدرا‏}‏، وكذا في
سورة الزمر و الحديد‏"‏يضرب اللّه بذلك مثل الحياة الدنيا، وقوله‏:‏ ‏{‏واللّه يدعو إلى دار السلام‏}‏ لما ذكر تعالى الدنيا وسرعة زوالها، رغَّب في الجنة ودعا إليها وسمّاها دار السلام، أي من الآفات والنقائص والنكبات فقال‏:‏ ‏{‏واللّه يدعو إلى دار السلام، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‏}‏‏.‏روي عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه، أنه قال‏:‏ خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوماً فقال‏:‏ ‏(‏إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي، وميكائيل عند رجلي، يقول أحدهما لصاحبه‏:‏ اضرب له مثلاً، فقال‏:‏ إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ داراً، ثم بنى فيها بيتاً ثم جعل فيها مأدبة، ثم بعث رسولاً يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول، ومنهم من تركه؛ فاللّه الملك، والدار الإسلام، والبيت الجنة، وأنت يا محمد الرسول؛ فمن أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، من دخل الجنة أكل منها‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن جرير عن جابر بن عبد اللّه‏"‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏26‏)‏
{‏ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ‏}‏

يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح، ‏{‏الحسنى‏}‏ في الدار الآخرة ‏{‏هل جزاء الإحسان إلا الإحسان‏}‏‏؟‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وزيادة‏}‏ هي تضعيف ثواب الأعمال ويشمل ما يعطيهم اللّه في الجنة من القصور والحور والرضا عنهم، وما أخفاه لهم من قرة أعين، وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم،

فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته، وقد روى
تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم الجمهور من السلف والخلف، روى الإمام أحمد عن صهيب رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تلا هذه الآية‏:‏ ‏{‏للذين أحسنوا الحسنى وزيادة‏}‏، وقال‏:‏ ‏(‏إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، نادى مناد‏:‏ يا أهل الجنة إن لكم عند اللّه موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون‏:‏ وما هو ألم يثقل موازيننا‏؟‏ ألم يبيض وجوهنا‏؟‏ ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار‏؟‏ - قال‏:‏ فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فواللّه ما أعطاهم اللّه شيئاً أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم‏)‏ ‏"‏أخرجه أحمد ورواه مسلم وجماعة من الأئمة‏"‏‏.‏ وعن أبي موسى الأشعري، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن اللّه يبعث يوم القيامة منادياً ينادي‏:‏ يا أهل الجنة - بصوت يسمع أولهم وآخرهم - إن اللّه وعدكم الحسنى وزيادة، فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الرحمن عزَّ وجلَّ‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم‏"‏‏.‏ وسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قول اللّه عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏للذين أحسنوا الحسنى وزيادة‏}‏ قال‏:‏ ‏(‏الحسنى‏:‏ الجنة، والزيادة النظر إلى وجه اللّه عزَّ وجلَّ‏)‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يرهق وجوههم قتر‏}‏ أي قتام وسواد في عرصات المحشر، كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة، ‏{‏ولا ذلة‏}‏ أي هوان وصغار، بل هم كما قال تعالى في حقهم‏:‏ ‏{‏فوقاهم اللّه شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا‏}‏ أي نضرة في وجوههم وسروراً في قلوبهم، جعلنا اللّه منهم بفضله ورحمته آمين‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏27‏)‏
‏{‏ والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ‏}‏

لما أخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات عطف بذكر حال الأشقياء، فذكر تعالى عدله فيهم وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها لا يزيدهم على ذلك، ‏{‏وترهقهم‏}‏ أي تعتريهم وتعلوهم ذلة من معاصيهم وخوفهم منها، كما قال‏:‏ ‏{‏وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل‏}‏ الآية، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مهطعين مقنعي رؤوسهم‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏ما لهم من اللّه من عاصم‏}‏ أي مانع ولا واق يقيهم العذاب، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويقول الإنسان يؤمئذ أين المفر * كلا لا وزر‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏كأنما أغشيت وجوههم‏}‏ الآية إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يوم تبيض وجوه وتسود وجوه‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة‏}‏ الآية‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏28 ‏:‏ 30‏)‏
‏{‏ ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون ‏.‏ فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين ‏.‏ هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ويوم نحشرهم‏}‏ أي أهل الأرض كلهم من جن وإنس وبر وفاجر، كقوله‏:‏ ‏{‏وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا‏}‏، ‏{‏ثم نقول للذين أشركوا‏}‏ الآية، أي الزموا أنتم وهم مكاناً معيناً، امتازوا فيه عن مقام المؤمنين، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وامتازوا اليوم أيها المجرمون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون‏}‏، وفي الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏يومئذ يصدعون‏}‏ أي يصيرون صدعين؛ وهذا يكون إذا جاء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء، ‏{‏مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم‏}‏ أي أنهم أنكروا عبادتهم وتبرؤوا منهم، كقوله‏:‏ ‏{‏كلا سيكفرون بعبادتهم‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء‏}‏ الآية، ‏{‏فكفى باللّه شهيدا بيننا وبينكم‏}‏ الآية، أي ما كنا نشعر بها ولا نعلم بها، وإنما كنتم تعبدوننا من حيث لا ندري بكم واللّه شهيد بيننا وبينكم أنا ما دعوناكم إلى عبادتنا ولا أمرناكم بها ولا رضينا منكم بذلك، وفي هذا تبكيت عظيم للمشركين الذين عبدوا مع اللّه غيره وقد تركوا عبادة الحي القيوم القادر على كل شيء، العليم بكل شيء، وقد أرسل رسله آمراً بعبادته وحده لا شريك له ناهياً عن عبادة ما سواه، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون‏؟‏‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت‏}‏ أي في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كل نفس وتعلم ما سلف من عملها من خير وشر، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يوم تبلى السرائر‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وردوا إلى اللّه مولاهم الحق‏}‏ أي ورجعت الأمور كلها إلى اللّه الحكم العدل، ففصلها وأدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ‏{‏وضل عنهم‏}‏ أي ذهب عن المشركين، ‏{‏ما كانوا يفترون‏}‏ أي ما كانوا يعبدون من دون اللّه افتراء عليه‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏31 ‏:‏ 33‏)‏
‏{‏ قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون ‏.‏ فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ‏.‏ كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ‏}‏

يحتج تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على واحدنية إلاهيته، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏قل من يرزقكم من السماء والأرض‏}‏ أي من ذا الذي ينزل من السماء ماء المطر، فيشق الأرض شقاً يقدرته ومشيئته، فيخرج منها ‏{‏حبا وعنبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا‏}‏ أإله مع اللّه‏؟‏ فسيقولون‏:‏ اللّه ‏{‏أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه‏}‏‏؟‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أمن يملك السمع والأبصار‏}‏ أي الذي وهبكم هذه القوة السامعة، والقوة الباصرة، ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار‏}‏ الآية، وقال‏:‏ ‏{‏قل أرأيتم إن أخذ اللّه سمعكم وأبصاركم‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي‏}‏ أي بقدرته العظيمة ومنته العميمة، وقوله‏:‏ ‏{‏ومن يدبر الأمر‏}‏ أي من بيده ملكوت كل شيء، وهو المتصرف الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فالملك كله العلوي والسفلي فقيرون إليه خاضعون لديه، ‏{‏فسيقولون الله‏}‏ أي وهم يعلمون ذلك ويعترفون به، ‏{‏فقل أفلا تتقون‏}‏‏؟‏ أي أفلا تخافون منه أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجهلكم‏؟‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فذلكم اللّه ربكم الحق‏}‏ الآية، أي فهذا الذي اعترفتم بأنه فاعل ذلك كله هو ربكم وإلهكم الحق الذي يستحق أن يفرد بالعبادة، ‏{‏فماذا بعد الحق إلا الضلال‏}‏‏؟‏ أي فكل معبود سواه باطل لا إله إلا هو واحد، لا شريك له، ‏{‏فأنى تصرفون‏}‏ أي فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه‏؟‏ وأنتم تعلمون أنه الرب الذي خلق كل شيء والمتصرف في كل شيء، وقوله‏:‏ ‏{‏كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا‏}‏ أي كما كفر هؤلاء المشركون واستمروا على شركهم، وعبادتهم مع اللّه غيره مع أنهم يعترفون بأنه الخالق الرازق المتصرف في الملك وحده، الذي بعث رسله بتوحيده، فلهذا حقت عليهم كلمة اللّه أنهم أشقياء من ساكني النار، كقوله‏:‏ ‏{‏قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين‏}‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏34 ‏:‏ 36‏)‏
‏{‏ قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون ‏.‏ قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ‏.‏ وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون ‏}‏
وهذا إبطال لدعواهم فيما أشركوا باللّه غيره، وعبدوا من الأصنام والأنداد، ‏{‏قل هل من شركائكم من يبدؤ الخلق ثم يعيده‏}‏ أي من بدأ خلق هذه السماوات والأرض، ثم ينشئ ما فيهما من الخلائق، ويفرّق أجرام السماوات والأرض ويبدلهما بفناء ما فيهما ثم يعيد الخلق خلقاً جديداً ‏{‏قل اللّه‏}‏ هو الذي يفعل هذا ويستقل به وحده لا شريك به، ‏{‏فأنى تؤفكون‏}‏ أي فكيف تصرفون عن طريق الرشد إلى الباطل، ‏{‏قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق‏؟‏ قل اللّه يهدي للحق‏}‏ أي أنتم تعلمون أن شركاءكم لا تقدر على هداية ضال، وإنما يهدي الحيارى والضُلاّل، ويقلّب القلوب من الغيّ إلى الرشد اللّه رب العالمين، ‏{‏أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى‏}‏ أي أفيتبع العبد الذي يهدى إلى الحق ويبصر بعد العمى، أم الذي لا يهدي إلى شيء إلا أن يهدى لعماه وبكمه، كما قال تعالى إخباراً عن إبراهيم أنه قال‏:‏ ‏{‏يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا‏}‏‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فما لكم كيف تحكمون‏}‏ أي فما بالكم يذهب بعقولكم، كيف سويتم بين اللّه وبين خلقه، وعدلتم هذا بهذا وعبدتم هذا وهذا‏؟‏ وهلا أفردتم الرب جلّ جلاله بالعبادة وحده، وأخلصتم إليه الدعوة والإنابة‏؟‏ ثم بين تعالى أنهم لا يتبعون في دينهم هذا دليلاً ولا برهاناً، وإنما هو ظنٌ منهم أي توهم وتخيل، وذلك لا يغني عنهم شيئاً، ‏{‏إن اللّه عليم بما يفعلون‏}‏ تهديد لهم ووعيد شديد لأنه تعالى أخبر أنه سيجازيهم على ذلك أتم الجزاء‏.‏

قلب الزهـــور 03-06-2014 03:46 AM

الأية رقم ‏(‏37 ‏:‏ 40‏)‏
‏{‏ وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ‏.‏ أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ‏.‏ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ‏.‏ ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين ‏}‏

هذا بيان لإعجاز القرآن، وأنه لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله، ولا بعشر سور، ولا بسورة من مثله، لأنه بفصاحته وبلاغته ووجازته وحلاوته، واشتماله على المعاني العزيزة الغزيرة النافعة في الدنيا والآخرة، لا يكون إلا من عند اللّه، الذي لا يشبهه شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وأقواله، فكلامه لا يشبه كلام المخلوقين، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون اللّه‏}‏ أي مثل هذا القرآن لا يكون إلا من عند اللّه ولا يشبه هذا كلام البشر، ولكن تصديق الذي بين يديه‏}‏ أي من الكتب المتقدمة ومهيمناً عليه، ومبيناً لما وقع فيها من التحريف والتأويل والتبديل، وقوله‏:‏ ‏{‏وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين‏}‏ أي وبيان الأحكام بياناً شافياً كافياً لا مرية فيه من اللّه رب العالمين، كما تقدم في الحديث ‏(‏فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وفصل ما بينكم‏)‏ أي خبر عما سلف وعما سيأتي، وحكم فيما بين الناس بالشرع الذي يحبه اللّه ويرضاه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين‏}‏ أي إن ادعيتم وافتريتم وشككتم في أن هذا من عند اللّه، وقلتم كذباً إن هذا من عند محمد، فمحمد بشر مثلكم وقد جاء فيما زعمتم بهذا القرآن فأتوا أنتم بسورة مثله، أي من جنس هذا القرآن، واستعينوا على ذلك بكل من قدرتم عليه من إنس وجان، وهذا هو المقام الثالث في التحدي، فإنه تعالى تحداهم ودعاهم إن كانوا صادقين في دعواهم أنه من عند محمد، فليعارضوه بنظير ما جاء، ولسيتعينوا بمن شاءوا، وأخبر أنهم لا يقدرون على ذلك ولا سبيل لهم إليه، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا‏}‏، ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه، فقال في أول
سورة هود‏:‏ ‏{‏أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين‏}‏، ثم تنازل إلى سورة، فقال في هذه السورة‏:‏ ‏{‏أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين‏}‏، وكذا في سورة البقرة، وهي مدنية تحداهم بسورة منه، وأخبر أنهم لا يستطيعون ذلك أبداً فقال‏:‏ ‏{‏فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار‏}‏ الآية‏.‏ وهذا وقد كانت الفصاحة من سجاياهم وأشعارهم ومعلقاتهم إليها المنتهى من هذا الباب، ولكن، جاءهم من اللّه ما لا قبل لأحد به؛ ولهذا آمن من آمن منهم بما عرف من بلاغة هذا الكلام، وحلاوته وجزالته وطلاوته وإفادته وبراعته، فكانوا أعلم الناس به وأفهمهم له وأشدهم له انقياداً‏.‏

لهذا جاء في الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه اللّه إليَّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله‏}‏ يقول‏:‏ بل كذب هؤلاء بالقرآنن ولم يفهموه ولا عرفوه ‏{‏ولما يأتهم تأويله‏}‏ أي ولم يحصلوا ما فيه من الهدى ودين الحق إلى حين تكذيبهم به جهلاً وسفهاً، ‏{‏كذلك كذب الذين من قبلهم‏}‏ أي من الأمم السالفة، ‏{‏فانظر كيف كان عاقبة الظالمين‏}‏ أي فانظر كيف أهلكناهم بتكذيبهم رسلنا ظلماً وعلواً وكفراً وعناداً، فاحذروا أيها المكذبون أن يصيبكم ما أصابهم، وقوله‏:‏ ‏{‏ومنهم من يؤمن به‏}‏ الآية، أي ومن هؤلاء الذين بعثت إليهم يا محمد من يؤمن بهذا القرآن ويتبعك وينتفع بما أرسلت به، ‏{‏ومنهم من لا يؤمن به‏}‏ بل يموت على ذلك ويبعث عليه، ‏{‏وربك أعلم بالمفسدين‏}‏ أي وهو أعلم بمن يستحق الهداية فيهديه‏.‏ ومن يستحق الضلالة فيضله، وهو العادل الذي لا يجور، بل يعطي كلا ما يستحقه تبارك وتعالى وتقدس‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏41 ‏:‏ 44‏)‏
‏{‏ وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ‏.‏ ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ‏.‏ ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ‏.‏ إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ‏}‏

يقول تعالى لنبيّه محمد صلى اللّه عليه وسلم‏:‏
وإن كذبك هؤلاء المشركون فتبرأ منهم
ومن عملهم ‏{‏فقل لي عملي ولكم عملكم‏}‏، كقوله تعالى عن إبراهيم الخليل وأتباعه لقومهم المشركين‏:‏ ‏{‏إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون اللّه‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ومنهم من يستمعون إليك‏}‏ أي يسمعون كلامك الحسن والقرآن العظيم النافع في القلوب والأبدان، ولكن ليس ذلك إليك ولا إليهم، فإنك كما لا تقدر على إسماع الأصم، فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء إلا أن يشاء اللّه، ‏{‏ومنهم من ينظر إليك‏}‏ أي ينظرون إليك وإلى ما أعطاك اللّه من الخلق العظيم، والدلالة الظاهرة على نبوتك، وهؤلاء ينظرون كما ينظر غيرهم، ولا يحصل لهم من الهداية شيء كما يحصل لغيرهم، بل المؤمنون ينظرون إليك بعين الوقار، وهؤلاء الكفار ينظرون إليك بعين الاحتقار، ‏{‏وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا‏}‏ الآية، ثم أخبر تعالى أنه لا يظلم أحداً شيئاً، وإن كان قد هدى به من هدى وبصر به من العمى، وفتح به أعيناً عمياء وآذاناً صماء وقلوباً غلفاً، وأضل به عن الإيمان آخرين؛ فهو الحاكم المتصرف في ملكه بما يشاء لعلمه وحكمته وعدله؛ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن اللّه لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون‏}‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏45‏)‏
‏{‏ ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ‏}‏

يقول تعالى مذكراً للناس قيام الساعة، وحشرهم من أجداثهم إلى عرصات القيامة‏:‏ ‏{‏ويوم يحشرهم‏}‏ الآية، كقوله‏:‏ ‏{‏كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار‏}‏، وكقوله‏:‏ ‏{‏كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة‏}‏، وهذا كله دليل على استقصار الحياة الدنيا في الدار الآخرة كقوله‏:‏ ‏{‏قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين‏؟‏ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏يتعارفون بينهم‏}‏

أي يعرف الأبناء الآباء والقرابات بعضهم لبعض، كما كانوا في الدنيا ولكن كل مشغول بنفسه، ‏{‏فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم‏}‏ الآية، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يسأل حميم حميما‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏قد خسر الذين كذبوا بلقاء اللّه وما كانوا مهتدين‏}‏ خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ولا خسارة أعظم من خسارة من فرق بينه وبين أحبته يوم الحسرة والندامة‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏46 ‏:‏ 47‏)‏
‏{‏ وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ‏.‏ ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ‏}‏

يقول تعالى مخاطباً لرسوله صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏{‏وإما نرينك بعض الذي نعدهم‏}‏ أي ننتقم منهم في حياتك لتقر عينك منهم، ‏{‏أو نتوفينك فإلينا مرجعهم‏}‏، أي مصيرهم ومنقلبهم، واللّه

يشهد على أفعالهم بعدك، وقوله‏:‏ ‏{‏ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم‏}‏ قال مجاهد‏:‏ يعني يوم القيامة ‏{‏قضي بينهم بالقسط‏}‏ الآية، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأشرقت الأرض بنور ربها‏}‏ الآية، فكل أمة تعرض على اللّه بحضرة رسولها، وكتاب أعمالها من خير وشر شاهد عليها وحفظتهم من الملائكة شهود أيضاً، وهذه الأمة الشريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق، إلا أنها أول الأمم يوم القيامة، يفصل بينهم ويقضى لهم، كما جاء في الصحيحين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق‏)‏، فأمته إنما حازت قصب السبق بشرف رسولها صلوات اللّه وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الأية رقم ‏(‏48 ‏:‏ 52‏)‏
‏{‏ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ‏.‏ قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ‏.‏ قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون ‏.‏ أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون ‏.‏ ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عن كفر هؤلاء المشركين في استعجالهم العذابن وسؤالهم عن وقته قبل التعيين، مما لا فائدة لهم فيه، كقوله‏:‏ ‏{‏يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق‏}‏ أي كائنة لا محالة وواقعة وإن لم يعلموا وقتها عيناً، ولهذا أرشد تعالى رسوله صلى اللّه عليه وسلم إلى جوابهم فقال‏:‏ ‏{‏قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا‏}‏ الآية، أي لا أقول إلا ما علمني، ولا أقدر على شيء مما استأثر به، إلا أن يطلعني اللّه عليه، فأنا عبده ورسوله إليكم، وقد أخبرتكم بمجيء الساعة وأنها كائنة ولم يطلعني على وقتها، ولكن ‏{‏لكل أمة أجل‏}‏ أي لكل قرن مدة من العمر مقدرة فإذا انقضى أجلهم ‏{‏فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏ولن يؤخر اللّه نفسا إذا جاء أجلها‏}‏ الآية، ثم أخبر أن عذاب اللّه سيأتيهم بغته، فقال‏:‏
‏{‏قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا‏}‏‏؟‏ أي ليلاً أو نهاراً، ‏{‏ماذا يستعجل منه المجرمون * أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون‏}‏ يعني أنهم إذا جاءهم العذاب قالوا‏:‏ ‏{‏ربنا أبصرنا وسمعنا‏}‏ الآية، ‏{‏فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد‏}‏ أي يوم القيامة يقال لهم هذا تبكيتاً وتقريعاً كقوله‏:‏ ‏{‏اصلوها فاصبروا أولا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون‏}‏‏.‏

شمس القوايل 04-06-2014 04:04 PM

بارك الله فيج وجزاج الله الخير

وجعله في ميزان حسناتج

قلب الزهـــور 06-06-2014 01:41 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمس القوايل (المشاركة 5608768)
بارك الله فيج وجزاج الله الخير

وجعله في ميزان حسناتج

●●●
يمرحبا
هلااااااااااوغلاااااااااااا
يسعدلي قلبك ويسلمووو وربي على الحضور الرائع بصفحتي
وجزاك الله كووول خير ويعطيك الصحة والسعادة يارب
تقبلي شكري وتقديري واحترامي
مع تحياتي : قلب الزهـــور ..بباي http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image366.gif


قلب الزهـــور 06-06-2014 01:53 AM

الآية رقم ‏(‏53 ‏:‏ 54‏)‏
‏{‏ ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ‏.‏ ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ويستخبرونك ‏{‏أحق هو‏}‏ أي المعاد بعد صيرورة الأجسام تراباً ‏{‏قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين‏}‏ أي ليس صيرورتكم تراباً بمعجز اللّه عن إعادتكم كما بدأكم من العدم ‏{‏فإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون‏}‏، وهذه الآية ليس لها نظير في القرآن إلا آيتان أخريان، يأمر اللّه تعالى رسوله أن يقسم به على من أنكر المعاد في سورة سبأ، ‏{‏وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم‏}‏، وفي التغابن‏:‏ ‏{‏زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما علمتم وذلك على اللّه يسير‏}‏، ثم أخبر تعالى أنه إذا قامت القيامة يود الكافر لو افتدى من عذاب اللّه بملء الأرض ذهباً، ‏{‏وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط‏}‏ أي بالحق ‏{‏وهم لا يظلمون‏}‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏56‏)‏
‏{‏ ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون ‏.‏ هو يحيي ويميت وإليه ترجعون ‏}‏

يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض، وأن وعده حق كائن لا محالة،

وأنه يحيي ويميت وإليه مرجعهم، وأنه القادر على ذلك العليم بما تفرق من الأجسام وتمزق في سائر أقطار الأرض والبحار والقفار‏.‏

http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏57 ‏:‏58‏)‏
‏{‏ يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ‏.‏ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ‏}‏

يقول تعالى ممتناً على خلقه بما أنزله من القرآن العظيم على رسوله الكريم‏:‏ ‏{‏يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم‏}‏ أي زاجر عن الفواحش، ‏{‏وشفاء لما في الصدور‏}‏ أي من الشبه والشكوك وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس، ‏{‏وهدى ورحمة‏}‏ أي يحصل به الهداية

والرحمة من اللّه تعالى، وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وننزل من القرآن ما فيه شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا‏}‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء‏}‏ الآية‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا‏}‏ أي بهذا الذي جاءهم من اللّه من الهدى ودين الحق فليفرحوا فإنه أولى ما يفرحون به، ‏{‏هو خير مما يجمعون‏}‏ أي من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏59 ‏:‏60‏)‏
‏{‏ قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ‏.‏ وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون ‏}‏

قال ابن عباس ومجاهد‏:‏ نزلت إنكاراً على المشركين فيما كانوا يحلون ويحرمون من البحائر والسوائب والوصايل، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وجعلوا للّه مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا‏}‏ الآيات، وقد أنكر اللّه تعالى على من حرم ما أحل اللّه، أو أحل ما حرم بمجرد الأراء والأهواء التي لا مستند لها ولا دليل عليها، ثم توعدهم على ذلك يوم القيامة فقال‏:‏ ‏{‏وما ظن الذين يفترون على اللّه الكذب يوم القيامة‏}‏ أي ما ظنهم أن يصنع بهم يوم مرجعهم إلينا يوم القيامة‏؟‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إن اللّه لذو فضل على الناس‏}‏ قال ابن جرير‏:‏ في تركه معاجلتهم بالعقوبة في الدنيا، ويحتمل أن يكون المراد ‏{‏لذو فضل على الناس‏}‏ فيما أباح لهم مما خلقه من المنافع، ولم يحرم عليهم إلا ما هو ضار لهم في ديناهم أو دينهم، ‏{‏ولكن أكثرهم لا يشكرون‏}‏ بل يحرمون ما أنعم اللّه به عليهم، ويضيقون على أنفسهم فيجعلون بعضاً حلالاً وبعضاً حراماً‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏61‏)‏
‏{‏ وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ‏}‏

يخبر تعالى نبيّه صلى اللّه عليه وسلم أنه يعلم جميع أحواله وأحوال أمته، وجميع الخلائق في كل ساعة وأوان ولحظة، وأنه لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين، كقوله‏:‏ ‏{‏وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين‏}‏، فأخبر تعالى أنه يعلم حركة الأشجار وغيرها من الجمادات وكذلك الدواب السارحة، ‏{‏وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها‏}‏ الآية، وإذا كان هذا علمه بحركات هذه الأشياء فكيف علمه بحركات المكلفين المأمورين بالعبادة‏؟‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين‏}‏، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه‏}‏ أي إذ تأخذون في ذلك الشيء نحن مشاهدون لكم راءون سامعون، ولهذا قال صلى اللّه عليه وسلم لما سأله جبريل عن الإحسان‏:‏
‏(‏أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك‏)‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏62 ‏:‏ 64‏)‏
‏{‏ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ‏.‏ الذين آمنوا وكانوا يتقون ‏.‏ لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ‏}‏

يخبر تعالى أن أولياءه ‏{‏الذين آمنوا وكانوا يتقون‏}‏ كما فسرهم بهم، فكل من كان تقياً، كان اللّه ولياً ف‏{‏لا خوف عليهم‏}‏ أي فيما يستقبلونه من أهوال الآخرة، ‏{‏ولا هم يحزنون‏}‏ على ما وراءهم في الدنيا‏.‏ وقال عبد اللّه بن مسعود‏:‏ أولياء اللّه الذين إذا رأوا ذكر اللّه ورد هذا القول في حديث مرفوع رواه البزار عن ابن عباس قال، قال رجل‏:‏ يا رسول اللّه من أولياء اللّه‏؟‏ فذكره وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن من عباد اللّه عباداً يغبطهم الأنبياء والشهداء‏)‏، قيل‏:‏

من هم يا رسول اللّه لعلنا نحبهم‏؟‏ قال‏:‏
‏(‏هم قوم تحابوا في اللّه من غير أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس‏)‏

ثم قرأ‏:‏ ‏{‏ألا إن أولياء اللّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏}‏ ‏"‏أخرجه ابن جرير عن أبي هريرة ورواه أبو داود قي سننه‏"‏، وقال الإمام أحمد، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله‏:‏ ‏{‏لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة‏}‏، قال‏:‏ ‏(‏الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له‏)‏ وقال الإمام أحمد، عن عبادة بن الصامت، أنه سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول اللّه أرأيت قول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة‏}‏ فقال‏:‏ ‏(‏لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي - أو قال أحد قبلك - تلك الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له‏)‏؛ وعن أبي ذر الغفاري رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ يا رسول اللّه‏:‏ الرجل يعمل العمل ويحمده الناس عليه ويثنون عليه به، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏تلك عاجل بشرى المؤمن‏)‏ ‏"‏رواه مسلم وأخرجه أحمد عن أبي ذر‏"‏‏.‏ وعن عبد اللّه بن عمرو عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏‏{‏لهم البشرى في الحياة الدنيا‏}‏ الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن جرير، وقد روي عن جمع من الصحابة والتابعين تفسير البشرى بالرؤيا الصالحة ‏.‏ وقال ابن جرير، عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏{‏لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة‏}‏ - قال - في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له وهي في الآخرة الجنة‏)‏ وروي موقوفاً عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ الرؤيا الحسنة بشرى من اللّه وهي من المبشرات ، وقال ابن جرير، عن أم كريز الكعبية‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏ذهبت النبوة وبقيت المبشرات‏)‏؛ وقيل‏:‏ المراد بذلك بشرى الملائكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون‏}‏، وفي حديث البراء رضي اللّه عنه‏:‏ إن المؤمن إذا حضره الموت جاءه ملائكة بيض الوجوه بيض الثياب، فقالوا‏:‏ اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان ورب غير غضبان، فتخرج من فمه كما تسيل القطرة من فم السقاء ‏.‏ وأما بشراهم في الآخرة فكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏لا تبديل لكلمات الله‏}‏ أي هذا الوعد لا يبدل ولا يخلف ولا يغير بل هو مقرر مثبت كائن لا محالة، ‏{‏ذلك هو الفوز العظيم‏}‏‏.
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏65 ‏:‏ 67‏)‏
‏{‏ ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم ‏.‏ ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ‏.‏- هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ‏}‏

يقول تعالى لرسوله صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏{‏ولا يحزنك‏}‏ قول هؤلاء المشركين واستعن باللّه عليهم وتوكل عليه فإن ‏{‏العزة للّه جميعا‏}‏ أي جميعاً له ولرسوله وللمؤمنين، ‏{‏هو السميع العليم‏}‏ أي السميع لأقوال عباده العليم بأحوالهم؛ ثم أخبر تعالى أن له ملك السماوات والأرض وأن المشركين يعبدون الأصنام وهي لا تملك شيئاً، لا ضراً ولا نفعاً ولا دليل لهم على عبادتها، بل إنما يتبعون في ذلك ظنونهم وتخرصهم وكذبهم وإفكهم، ثم أخبر أنه الذي جعل لعباده الليل ليسكنوا فيه، أي يستريحون فيه من نصبهم وكلالهم وحركاتهم، ‏{‏والنهار مبصرا‏}‏ أي

مضيئاً لمعاشهم وسعيهم وأسفارهم ومصالحهم، ‏{‏إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون‏}‏ أي يسمعون هذه الحجج والأدلة فيعتبرون بها ويستدلون على عظمة خالقها ومقدرها ومسيرها‏.‏

قلب الزهـــور 06-06-2014 02:05 AM

الآية رقم ‏(‏68 ‏:‏70‏)‏
‏{‏ قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون ‏.‏ قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ‏.‏ متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ‏}‏

يقول تعالى منكراً على من ادعى أنه له ‏{‏ولداً سبحانه هو الغني‏}‏ أي تقدس عن ذلك هو الغني عن كل ما سواه وكل شيء فقير إليه ‏{‏له ما في السماوات وما في الأرض‏}‏، أي فكيف يكون له ولد مما خلق وكل شيء مملوك له عبد له ‏{‏إن عندكم من سلطان بهذا‏}‏ أي ليس عندكم دليل على ما تقولونه من الكذب والبهتان ‏{‏أتقولون على اللّه ما لا تعلمون‏}‏‏؟‏ إنكار ووعيد أكيد وتهديد شديد، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً أن دعوا للرحمن ولدً * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً‏}‏، ثم توعد تعالى الكاذبين عليه المفترين ممن زعم أن له ولداً، بأنهم لا يفلحون في الدنيا ولا في الآخرة، فأما في الدنيا فإنهم إذا استدرجهم وأملى لهم متعهم قليلاً ‏{‏ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ‏}‏،

كما قال تعالى ههنا‏:‏ ‏{‏متاع في الدنيا‏}‏ أي يوم القيامة، ‏{‏ثم نذيقهم العذاب الشديد‏}‏ أي الموجع المؤلم ‏{‏بما كانوا يكفرون‏}‏ أي بسبب كفرهم وافترائهم وكذبهم على اللّه فيما ادعوه من الإفك والزور‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏71 ‏:‏73‏)‏
{‏ واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ‏.‏ فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين ‏.‏ فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ‏}‏

يقول تعالى لنبيّه صلوات اللّه وسلامه عليه‏:‏ ‏{‏واتل عليهم‏}‏ أي أخبرهم واقصص عليهم، أي على كفار مكة الذين يكذبونك ويخالفونك، ‏{‏نبأ نوح‏}‏ أي خبره مع قومه الذين كذبوه كيف أهلكهم اللّه ودمرهم بالغرق أجمعين عن آخرهم ليحذر هؤلاء أن يصيبهم من الهلاك والدمار ما أصاب أولئك، ‏{‏إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم‏}‏ أي عظم عليكم ‏{‏مقامي‏}‏ أي فيكم بين أظهركم، ‏‏{وتذكيري‏}‏ إياكم ‏{‏بآيات اللّه‏}‏ أي بحججه وبراهينه، ‏{‏فعلى اللّه توكلت‏}‏ أي فإني لا أبالي ولا أكف عنكم سواء عظم عليكم أو لا، ‏{‏فأجمعوا أمركم وشركاءكم‏}‏ أي فاجتمعوا أنتم وشركاؤكم الذين تدعون من دون اللّه من صنم ووثن، ‏{‏ثم لا يكن أمركم عليكم غمة‏}‏ أي ولا تجعلوا أمركم عليكم متلبساً، بل افصلوا حالكم معي، فإن كنتم تزعمون أنكم محقون فاقضوا إليَّ ولا تنظرون، أي ولا تؤخروني ساعة واحدة، أي مهما قدرتم فافعلوا، فإني لا أباليكم ولا أخاف منكم لأنكم لستم على شيء، كما قال هود لقومه‏:‏ ‏{‏فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على اللّه ربي وربكم‏}‏ الآية‏.‏ وقوله ‏{‏فإن توليتم‏}‏ أي كذبتم وأدبرتم عن الطاعة ‏{‏فما سألتكم من أجر‏}‏ أي لم أطلب منكم على نصيحتي إياكم شيئاً، ‏{‏إن أجري إلا على اللّه وأمرت أن أكون من المسلمين‏}‏ أي وأنا ممتثل ما أمرت به من الإسلام للّه عزَّ وجلَّ، والإسلام هو دين الأنبياء جميعاً من أولهم إلى آخرهم، وإن تنوعت شرائعهم وتعددت مناهلهم، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فكذبوه فنجيناه ومن معه‏}‏ أي على دينه ‏{‏في الفلك‏}‏ وهي السفينة، ‏{‏وجعلناهم خلائف‏}‏ أي في الأرض، ‏{‏وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين‏}‏ أي فانظر يا محمد كيف أنجينا المؤمنين وأهلكنا المكذبين‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏74‏)‏
{‏ ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ثم بعثنا من بعد نوح رسلاً إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات‏}‏ أي بالحجج والأدلة والبراهين على صدق ما جاؤوهم به، ‏{‏فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل‏}‏، أي فما كانت الأمم لتؤمن بما جاءتهم به رسلهم بسبب تكذيبهم إياهم أول ما أرسلوا إليهم، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ونقلب أفئدتهم وأبصارهم‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏كذلك نطبع على قلوب المعتدين‏}‏ أي كما طبع اللّه على قلوب هؤلاء، فما آمنوا بسبب تكذيبهم المتقدم، هكذا يطبع اللّه على قلوب من أشبههم ممن بعدهم، ويختم على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم؛ والمراد أن اللّه تعالى أهلك الأمم المكذبة وأنجى من آمن بهم وذلك من بعد نوح عليه السلام، فإن الناس كانوا من قبله من زمان آدم عليه السلام على الإسلام، إلى أن أحدث الناس عبادة الأصنام، فبعث اللّه إليهم نوحاً عليه السلام، قال ابن عباس‏:‏ كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، وقال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح‏}‏ الآية، وفي هذا إنذار عظيم لمشركي العرب الذين كذبوا سيّد الرسل وخاتم الأنبياء والمرسلين، فإنه إذا كان قد أصاب من كذب بتلك الرسل ما ذكره اللّه تعالى من العذاب والنكال، فماذا ظن هؤلاء وقد ارتكبوا أكبر من أولئك‏؟‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏75 ‏:‏78‏)‏
‏{‏ ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملإيه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ‏.‏ فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين ‏.‏ قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون ‏.‏ قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ثم بعثنا‏}‏ من بعد تلك الرسل ‏{‏موسى وهارون إلى فرعون وملئه‏}‏ أي قومه، ‏{‏بآياتنا‏}‏ أي حججنا وبراهيننا، ‏{‏فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين‏}‏ أي استكبروا عن اتباع الحق والانقياد له وكانوا قوماً مجرمين، ‏{‏فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين‏}‏،

كأنهم قبحهم اللّه أقسموا على ذلك وهم يعلمون أن ما قالوه كذب وبهتان، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا‏}‏ الآية، ‏{‏قال‏}‏ لهم ‏{‏موسى‏}‏ منكراً عليهم ‏{‏أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون * قالوا أجئتنا لتلفتنا‏}‏ أي تثنينا ‏{‏عما وجدنا عليه آباءنا‏}‏ أي الدين الذي كانوا عليه، ‏{‏وتكون لكما‏}‏ أي لك ولهارون ‏{‏الكبرياء‏}‏ أي العظمة والرياسة ‏{‏في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين‏}‏‏.‏ وكثيراً ما يذكر اللّه تعالى قصة موسى عليه السلام مع فرعون في كتابه العزيز، لأنها من أعجب القصص، فإن فرعون حذر من موسى كل الحذر، فسخره القدر‏:‏ أن رُبّي على فراشه بمنزلة الولد ثم ترعرع وعقد اللّه له سبباً أخرجه من بين أظهرهم، ورزقه النبوة والرسالة والتكليم، ولم تزل الآيات تقوم على يدي موسى شيئاً بعد شيء، ومرة بعد مرة، مما يبهر العقول، ويدهش الألباب، ‏{‏وما تأتيهم من آية إلا هي أكبر من أختها‏}‏ وصمم فرعون وملأه قبحهم اللّه على التكذيب بذلك كله والجحد والعناد والمكابرة، حتى أحل اللّه بهم بأسه الذي لا يرد، وأغرقهم في صبيحة واحدة أجمعين، ‏{‏فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد للّه رب العالمين‏}‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏79 ‏:‏ 82‏)‏
‏{‏ وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم ‏.‏ فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون ‏.‏ فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ‏.‏ ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ‏}‏

ذكر تعالى قصة السحرة مع موسى عليه السلام، وما أراده فرعون من معارضة الحق المبين، ‏{‏وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم * فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون‏}‏، وإنما قال لهم ذلك لأنهم لما اصطفوا وقد وعدوا من فرعون بالتقريب والعطاء الجزيل ‏{‏قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى‏}‏، فأراد موسى أن تكون البداءة منهم ليرى الناس ما صنعوا، ثم يأتي بالحق بعده فيدمغ باطلهم، ولهذا لما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم، ‏{‏فأوجس في نفسه خفية موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى‏}‏، فعند ذلك قال موسى لما ألقوا‏:‏ ‏{‏ما جئتم به السحر إن اللّه سيبطله إن اللّه لا يصلح عمل المفسدين * ويحق اللّه الحق بكلماته ولو كره المجرمون‏}‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏83‏)‏
‏{‏ فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملإيهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين ‏}‏

يخبر تعالى أنه لم يؤمن بموسى عليه السلام مع ما جاء به من الآيات البينات، والحجج القاطعات والبراهين الساطعات، إلا قليل من قوم فرعون من الذرية، وهم الشباب على وجل وخوف منه ومن ملئه أن يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر، لأن فرعون لعنه اللّه كان جباراً عنيداً مسرفاً في التمرد والعتو، وكانت له سطوة ومهابة يخاف رعيته منه خوفاً شديداً‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ الذرية التي آمنت لموسى من غير بني إسرائيل من قوم يسير ‏(‏منهم امرأة فرعون، ومؤمن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأة خازنه‏)‏، وعنه‏:‏ ‏{‏فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه‏}‏ يقول‏:‏ من بني إسرائيل، وقال مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏إلا ذرية من قومه‏}‏ هم أولاد الذين أرسل إليهم موسى من طول الزمان ومات آباؤهم، واختار ابن جرير قول مجاهد في الذرية أنها من بني إسرائيل، لا من قوم فرعون لعود الضمير على أقرب المذكورين، وفي هذا نظر، لأنه أراد بالذرية الأحداث والشباب، وأنهم من بني إسرائيل، والمعروف أن بني إسرائيل كلهم آمنوا بموسى عليه السلام وقد كانوا يعرفون نعته وصفته والبشارة به من كتبه المتقدمة، وأن اللّه تعالى سينقذهم به من أسر فرعون ويظهرهم عليه، ولما جاء موسى آذاهم فرعون أشد الأذى، ‏{‏قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا‏}‏، وإذا تقرر هذا فكيف يكون المراد إلا ذرية من قوم موسى وهم بنو إسرائيل ‏{‏على خوف من فرعون وملئهم‏}‏ أي وأشراف قومهم أن يفتنهم، ولم يكن في بني إسرائيل من يخاف منه أن يفتن عن الإيمان، ومما يدل على أنه لم يكن في بني إسرائيل إلا مؤمن قوله تعالى‏:‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏84 ‏:‏ 86‏)‏
‏{‏ وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ‏.‏ فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ‏.‏ ونجنا برحمتك من القوم الكافرين ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عن موسى أنه قال لبني إسرائيل‏:‏ ‏{‏يا قوم إن كنتم آمنتم باللّه فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين‏}‏ أي فإن اللّه كاف من توكل عليه، ‏{‏أليس اللّه بكاف عبده‏}‏، ‏{‏من يتوكل على اللّه فهو حسبه‏}‏، وكثيراً ما يقرن اللّه تعالى بين العبادة والتوكل، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاعبده وتوكل عليه‏}‏، وقد امتثل بنو إسرائيل ذلك فقالوا‏:‏ ‏{‏على اللّه توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين‏}‏ أي

لا تظفرهم وتسلطهم علينا فيظنوا أنهم إنما سلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل فيفتنوا بذلك، هكذا روي عن أبي الضحى، وقال مجاهد‏:‏ لاتعذبنا بأيدي آل فرعون ولا بعذاب من عندك فيقول قوم فرعون‏:‏ لو كانوا على حق ما عذبوا ولا سلطنا عليهم فيفتنوا بنا‏.‏ وعن مجاهد‏:‏ لا تسلطهم علينا فيفتنونا، وقوله‏:‏ ‏{‏ونجنا برحمتك‏}‏ أي خلصنا برحمة منك وإحسان ‏{‏من القوم الكافرين‏}‏ أي الذين كفروا الحق وستروه ونحن قد آمنا بك وتوكلنا عليك‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏87‏)‏
‏{‏ وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ‏}‏

يذكر تعالى سبب انجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه وكيفية خلاصهم منهم، وذلك أن اللّه تعالى أمر موسى وأخاه هارون عليهما السلام أن يتبوآ، أي يتخذا لقومهما بمصر بيوتاً، واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏واجعلوا بيوتكم قبلة‏}‏، فقال ابن عباس‏:‏ امروا أن يتخذوها مساجد، وقال الثوري، عن إبراهيم‏:‏ كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم، وأمروا بكثرة الصلاة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة‏}‏، وفي الحديث‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى ‏"‏أخرجه أبو داود‏"‏، ولهذا قال تعالى في هذه الآية‏:‏ ‏{‏واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين‏}‏، أي بالثواب والنصر القريب، وقال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال، قالت بنو إسرائيل عليه السلام‏:‏ لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة، فأذن اللّه تعالى لهم أن يصلوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة‏.‏

قلب الزهـــور 06-06-2014 02:20 AM

الآية رقم ‏(‏88 ‏:‏ 89‏)‏
{‏ وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ‏.‏ قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ‏}‏

هذا إخبار من اللّه تعالى عما دعا به موسى عليه السلام على فرعون وملئه، لما أبوا قبول الحق واستمروا على ضلالهم وكفرهم معاندين جاحدين ظلماً وتكبراً وعتواً، قال موسى‏:‏ ‏{‏ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة‏}‏ أي من أثاث الدنيا ومتاعها، ‏{‏وأموالا‏}‏ أي جزيلة كثيرة ‏{‏في‏}‏ هذه ‏{‏الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك‏}‏ أي ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك، وليظن من أغويته أنك إنما أعطيتهم هذا لحبك إياهم واعتنائك بهم ‏{‏ربنا اطمس على أموالهم‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ أي أهلكها، وقال الضحاك‏:‏ اجعلها حجارة منقوشة كهيئة ما كانت، وقال قتادة‏:‏ بلغنا أن زروعهم تحولت حجارة، وقوله‏:‏ ‏{‏واشدد على قلوبهم‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ أي اطبع عليها ‏{‏فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم‏}‏ وهذه الدعوة كانت من موسى عليه السلام غضباً للّه ولدينه على فرعون وملئه الذين تبين له أنهم لا خير فيهم ولا يجيء منهم شيء، كما دعا نوح عليه السلام فقال‏:‏ ‏{‏رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا‏}‏، ولهذا استجاب اللّه تعالى لموسى عليه السلام فيهم هذه الدعوة التي أمَّن عليها أخوه هارون، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏قد أجيبت دعوتكما‏}‏، قال أبو العالية وعكرمة‏:‏ دعا موسى وأمن هارون، أي قد أجبناكما فيما سألتما من تدمير آل فرعون، ‏{‏فاستقيما‏}‏ أي كما أجيبت دعوتكما فاستقيما على أمري، قال ابن عباس‏:‏ فاستقيما‏:‏ فامضيا لأمري وهي الاستقامة، قال ابن جريج‏:‏ يقولون إن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة، وقيل‏:‏ أربعين يوماً‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏90 ‏:‏ 92‏)‏
‏{‏ وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين ‏.‏ آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ‏.‏ فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ‏}‏

يذكر تعالى كيفية إغراقه فرعون وجنوده، فإن بين إسرائيل لما خرجوا من مصر وهم فيما قيل ستمائة ألف مقاتل سوى الذرية، اشتد حنق فرعون عليهم، فأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له جنوده من أقاليمه، فركب وراءهم في أبهة عظيمة وجيوش هائلة لما يريده اللّه تعالى بهم، فلحقوهم وقت شروق الشمس، ‏{‏فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون‏}‏، أي كيف المخلص مما نحن فيه‏؟‏ فقال‏:‏ ‏{‏كلا إن معي ربي سيهدين‏}‏، فأمره اللّه تعالى أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق البحر، فكان كل فرق كالطود العظيم، وجاوزت بنو إسرائيل البحر، فلما خرج آخرهم منه، انتهى فرعون وجنوده إلى حافته من الناحية الأخرى، وهو في مائة ألف، فلما رأى ذلك هاله، وأحجم وهاب وهمَّ بالرجوع، وهيهات ولات حين مناص، فاقتحموا كلهم عن آخرهم، وميكائيل في ساقتهم، لا يترك منهم أحداً إلا ألحقه بهم، فلما استوسقوا فيه وتكاملوا، وهمَّ أولهم بالخروج منه أمر اللّه القدير البحر أن يرتطم عليهم، فارتطم عليهم، فلم ينج منهم أحد، وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم، وتراكمت الأمواج فوق فرعون، وغشيته سكرات الموت، فقال وهو كذلك‏:‏ ‏{‏آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين‏}‏، فآمن حيث لا ينفعه الإيمان ‏{‏فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا‏}‏، ولهذا قال اللّه تعالى في جواب فرعون حين قال ما قال‏:‏ ‏{‏آلآن وقد عصيت قبل‏}‏ أي أهذا الوقت تقول، وقد عصيت اللّه قبل هذا قيما بينك وبينه‏؟‏ ‏{‏وكنت من المفسدين‏}‏ أي في الأرض، ‏{‏وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون‏}‏، وهذا الذي حكى اللّه تعالى عن فرعون من قوله هذا في حاله، ذلك من أسرار الغيب التي أعلم اللّه بها رسوله صلى اللّه عليه وسلم، ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل، عن ابن عباس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لما قال فرعون آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل - قال، قال لي جبريل‏:‏ لو رأيتني وقد أخذت من حال حال البحر‏:‏ طينه الأسود البحر فدسسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة‏)‏ ‏"‏ورواه الترمذي وابن أبي حاتم وقال الترمذي‏:‏ حديث حسن‏"‏‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية‏}‏، قال ابن عباس وغيره من السلف‏:‏ إنَّ بعض بني إسرائيل شكّوا في موت فرعون، فأمر اللّه البحر أن يلقيه بجسده سوياً بلا روح، ليتحققوا من موته وهلاكه؛ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏فاليوم ننجيك‏}‏ أي نرفعك على نشز من الأرض ‏{‏ببدنك‏}‏، قال مجاهد‏:‏ بجسدك، وقال الحسن‏:‏ بجسم لا روح فيه، وقوله‏:‏ ‏{‏لتكون لمن خلفك آية‏}‏ أي لتكون لبني إسرائيل دليلاً على موتك وهلاكك، وأن اللّه هو القادر الذي ناصية كل دابة بيده، وأنه لا يقوم لغضبه شيء، ‏{‏وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون‏}‏ أي لا يتعظون بها ولا يعتبرون بها، وقد كان إهلاكهم يوم عاشوراء كما قال ابن عباس‏:‏ قدم النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء فقال‏:‏ ‏(‏ما هذا اليوم الذي تصومونه‏؟‏‏)‏ فقالوا‏:‏ هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه‏:‏ ‏(‏وأنتم أحق بموسى منهم فصوموه‏)‏ ‏"‏رواه البخاري عن ابن عباس‏"‏‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏93‏)‏
‏{‏ ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ‏}‏

يخبر تعالى عما أنعم به على بني إسرائيل من النعم الدينية والدنيوية، وقوله‏:‏ ‏{‏مبوأ صدق‏}‏ قيل‏:‏ هو بلاد مصر والشام مما يلي بين المقدس ونواحيه، فإن اللّه تعالى لما أهلك فرعون وجنوده، استقرت يد الدولة الموسوية على بلاد مصر بكمالها، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها‏}‏، وقال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏كذلك وأورثناها بني إسرائيل‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏كم تركوا من جنات وعيون‏}‏ الآيات، ولكن استمروا مع موسى عليه السلام طالبين إلى بلاد بيت المقدس، وهي بلاد الخليل عليه السلام فاستمر موسى بمن معه طالباً بيت المقدس، وكان فيه قوم من العمالقة، فنكل بنو إسرائيل عن قتالهم، فشردهم اللّه تعالى في التيه أربعين سنة، ومات فيه هارون، ثم موسى عليهما السلام، وخرجوا بعدهما مع يوشع بن نون ففتح اللّه عليهم بيت المقدس، واستقرت أيديهم عليها إلى أن أخذها منهم بختنصر حيناً من الدهر، ثم انتزعها الصحابة رضي اللّه عنهم من يد النصارى، وكان فتح بيت المقدس على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، وقوله‏:‏ ‏{‏ورزقناهم من الطيبات‏}‏ أي الحلال من الرزق الطيب النافع المستطاب طبعاً وشرعاً، وقوله‏:‏ ‏{‏فما اختلفوا حتى جاءهم العلم‏}‏ أي ما اختلفوا في شيء من المسائل إلا من بعد ما جاءهم العلم، أي ولم يكن لهم أن يختلفوا، وقد ورد في الحديث‏:‏ أن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة، وأن النصارى اختلفوا على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، منها واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار‏.‏ قيل من هم يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏ما أنا عليه وأصحابي‏)‏، ‏"‏رواه الحاكم بهذا اللفظ وهو في السنن والمسانيد‏"‏، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن ربك يقضي بينهم‏}‏ أي يفصل بينهم ‏{‏يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون‏}‏‏.
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏94 ‏:‏ 97‏)‏
‏{‏ فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ‏.‏ ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين ‏.‏ إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ‏.‏ ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم }‏

قال قتادة بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا أشك ولا اسأل‏)‏، وهذا تثبيت للأمة وإعلام لهم أن صفة نبيهم صلى اللّه عليه وسلم موجودة في الكتب المتقدمة التي بأيدي أهل الكتاب، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل‏} الآية، ثم مع هذا العلم الذي يعرفونه من كتبهم كما يعرفون أبناءهم، يلبسون ذلك ويحرفونه ويبدلونه، ولا يؤمنون به مع قيام الحجة عليهم، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم‏}‏ أي لا يؤمنون إيماناً ينفعهم، بل حين لا ينفع نفساً إيمانها، ولهذا لما دعا موسى على فرعون وملئه قال‏:‏ ‏{‏فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم‏}‏‏.
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏98‏)‏
‏{‏ فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ فهلا كانت قرية آمنت بكمالها من الأمم السالفة بل ما أرسلنا من قبلك يا محمد من رسول إلا كذبه قومه أو أكثرهم، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا حسرة على العباد ما يأيتهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون‏}‏‏.‏ وفي الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏عرض عليَّ الأنبياء فجعل النبي يمر ومعه الفئام من الناس، والبني يمر معه الرجل، والنبي معه الرجلان، والنبي ليس معه أحد‏)‏ ثم ذكر كثرة أتباع موسى عليه السلام، ثم ذكر كثرة أمته صلوات اللّه وسلامه عليه كثرةً سدَّت الخافقين، والغرض أنه لم توجد قرية آمنت بكمالها بنبيهم ممن سلف من القرى إلا قوم يونس، وهم أهل نينوى وما كان إيمانهم إلا تخوفاً من وصول العذاب الذي أنذرهم به رسولهم، بعد ما عاينوا أسبابه، وخرج رسولهم من بين أظهرهم فعندها جأروا إلى اللّه واستغاثوا به وتضرعوا له، واستكانوا، وأحضروا أطفالهم ودوابهم ومواشيهم، وسألوا اللّه تعالى أن يرفع عنهم العذاب الذي أنذرهم به نبيهم؛ فعندها رحمهم اللّه، وكشف عنهم العذاب وأخروا‏:‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين‏}‏‏.‏ وقال قتادة في تفسير هذه الآية‏:‏ لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين حضرها العذاب، إلا قوم يونس لما فقدوا نبيهم، وظنوا أن العذاب قد دنا منهم قذف اللّه في قلوبهم التوبة، ولبسوا المسوح، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عجوا إلى اللّه أربعين ليلة، فلما عرف اللّه الصدق من قلوبهم، والتوبة والندامة على ما مضى منهم كشف عنهم العذاب‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏99 ‏:‏ 100‏)‏
{‏ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ‏.‏ وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ولو شاء ربك‏}‏ يا محمد لأذن أهل الأرض كلهم في الإيمان، ولكن له حكمة فيما يفعله تعالى، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء اللّه لهدى الناس جميعا‏}‏، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏أفأنت تكره الناس‏}‏ أي تلزمهم وتلجئهم، ‏{‏حتى يكونوا مؤمنين‏}‏ أي ليس ذلك عليك ولا إليك ‏{‏ليس عليك هداهم ولكن اللّه يهدي من يشاء‏}‏، ‏{‏إنك لا تهدي من أحببت‏}‏، ‏{‏فإنا عليك البلاغ وعلينا الحساب‏}‏، ‏{‏لست عليهم بمصيطر‏}‏ إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن اللّه تعالى هو الفعال لما يريد، الهادي من يشاء المضل لمن يشاء، لعلمه وحكمته وعدله، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن اللّه ويجعل الرجس‏}‏ وهو الخبال والضلال ‏{‏على الذين لا يعقلون‏}‏ أي حجج اللّه وأدلته، وهو العادل في كل ذلك في هداية من هدى وإضلال من ضل‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏101 ‏:‏ 103‏)‏
‏{‏ قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ‏.‏ فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ‏.‏ ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ‏}‏

يرشد تعالى عباده إلى التفكر في آلائه، وما خلق اللّه في السماوات والأرض من الآيات الباهرة لذوي الألباب، وما أنزل اللّه منها من مطر فأحيا به الأرض بعد موتها، وأخرج فيها من أفانين الثمار والزروع والأزاهير وصنوف النبات، وما ذرأ فيها من دواب مختلفة الأشكال والألوان والمنافع، وما فيها من جبال وسهول وقفار وعمران وخراب، وما في البحر من العجائب والأمواج، وهو مع هذا مسخّر مذلل للسالكين، بتسخير القدير لا إله إلا هو رب العالمين، وقوله‏:‏ ‏{‏وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون‏}‏ أي‏:‏ وأي شيء تغني الآيات السماوية والأرضية، والرسل بآياتها وحججها وبراهينها الدالة على صدقها، عن قوم لا يؤمنون، كقوله‏:‏ ‏{‏إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم‏}‏، أي فهل ينتظر هؤلاء المكذبون لك يا محمد من النقمة والعذاب إلا مثل أيام اللّه في الذين خلوا من قبلهم من الأمم الماضية المكذبة لرسلهم، ‏{‏قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين * ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا‏}‏، أي ونهلك المكذبين بالرسل، ‏{‏كذلك حقا علينا ننج المؤمنين‏}‏ حقاً أوجبه اللّه تعالى على نفسه الكريمة، كقوله‏:‏ ‏{‏كتب ربكم على نفسه الرحمة‏}‏، وكما جاء في الصحيحين‏:‏
‏(‏إن اللّه كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي سبقت غضبي‏)‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏104 ‏:‏107‏)‏
‏{‏ قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين ‏.‏ وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين ‏.‏ ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين ‏.‏ وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ‏}‏
يقول تعالى لرسوله محمد صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏{‏قل يا أيها الناس إن كنتم في شك‏}‏ من صحة ما جئتكم به من الدين الحنيف الذي أوحاه اللّه إليَّ، فأنا لا أعبد الذين تعبدون من دون اللّه، ولكن أعبد اللّه وحده لا شريك له، وهو الذي يتوفاكم كما أحياكم، ثم إليه مرجعكم، فإن كانت آلهتكم التي تدعون من دون اللّه حقاً فأنا لا أعبدها، فادعوها فلتضرني فإنها لا تضر ولا تنفع، وإنما الذي بيده الضر والنفع هو اللّه وحده لا شريك له، وأمرت أن أكون من المؤمنين، وقوله‏:‏ ‏{‏وأن أقم وجهك للدين حنيفا‏}‏، أي أخلص العبادة للّه وحده حنيفا أي منحرفاً عن الشرك، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏ولا تكونن من المشركين‏}‏، وهو معطوف على قوله‏:‏ ‏{‏وأمرت أن أكون من المؤمنين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وإن يمسسك اللّه بضر‏}‏ الآية، فيه بيان لأن الخير والشر والنفع والضر إنما هو راجع إلى اللّه تعالى وحده، روى الحافظ بن عساكر، عن أنَس بن مالك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات ربكم، فإن للّه نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، واسألوه أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وهو الغفور الرحيم‏}‏ أي لمن تاب إليه ولو من أي ذنب كان حتى من الشرك به فإنه يتوب عليه‏.‏
http://up.3dlat.com/uploads/13618229316.gif
الآية رقم ‏(‏108 ‏:‏ 109‏)‏
‏{‏ قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل ‏.‏ واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ‏}‏

يقول تعالى آمراً لرسوله صلى اللّه عليه وسلم أن يخبر الناس، أن الذي جاءهم به من عند اللّه هو الحق الذي لا مرية فيه، فمن اهتدى به واتبعه فإنما يعود نفعه على نفسه، ومن ضل عنه فإنما يرجع وبال ذلك عليه، ‏{‏وما أنا عليكم بوكيل‏}‏، أي وما أنا موكل بكم حتى تكونوا مؤمنين وإنما أنا نذير لكم، والهداية على اللّه تعالى، وقوله‏:‏ ‏{‏واتبع ما يوحى إليك واصبر‏}‏ أي تمسك بما أنزل اللّه عليك وأوحاه إليك، واصبر على مخالفة من خالفك من الناس ‏{‏حتى يحكم اللّه‏}‏ أي يفتح بينك وبينهم، ‏{‏وهو خير الحاكمين‏}‏ أي خير الفاتحين بعدله وحكمته‏.‏

قلب الزهـــور 06-06-2014 02:23 AM

اللهم لاتؤاخذني ان نسيت او اخطأت


شمس القوايل 12-06-2014 01:30 PM

بارك الله فيج وجزاج الله الخير

وجعلها في ميزان حسناتج

قلب الزهـــور 13-06-2014 03:02 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمس القوايل (المشاركة 5609304)
بارك الله فيج وجزاج الله الخير

وجعلها في ميزان حسناتج

●●●
يمرحبا
هلااااااااااوغلاااااااااااا
يسعدلي قلبك ويسلمووو وربي على الحضور الرائع بصفحتي
وجزاك الله كووول خير ويعطيك الصحة والسعادة يارب
تقبلي شكري وتقديري واحترامي
مع تحياتي : قلب الزهـــور ..بباي http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image366.gif



الساعة الآن 06:38 PM.