السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد....................
قبل أن اطرح القصة التي وعدت أن أطرحها في يوم من الايام الماضية ((الغابرة))
أتمنى أن تسامحونني في تأخير طرح القصة وهذه القصة
هي (((طفل في الفلوجة)))
قصة قديمة اثناء حرب امريكا على العراق ولكنني عايشتها بأفكاري واحساسي
فاليكم القصة ياااصدقاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااء
يقوم يبحث عن الأمل في بقية أهله لعل منهم من يخفف وطأة هذه المصيبة التي راحت ضحيتها
أخته الصغيرة.....
يدخل غرفة أبويه التي طالما انبعثت منها رائحة السعادة ...وطعم الحنان..والعطف والشفقة
الأبوية....
وفي الغرفة...
يسمع صوتاً خافتاً ينادي: ولدي...ولدي...يرى الطفل الأمل أمامه و.يجيب عليه طفله:
أبي..أبي.. أين أمي..ابقيا معي لا تذهبون.!! (الله يخليكم لا تروحون)......
تنحدر دمعة من عين أبيه معها كل الشفقة على حال طفله...
يسأل الطفل أباه:لم تبكي يا أبي.. لم يا أبي..لم؟؟ يحاول الطفل أن يكتم العبرة فتفضح العين
دموع حزينة تنحدر على خد أملس....يمسح أبوه دموع طفله بيده التي تعبت لأجــل إيجاد لقمة
تكفيهم عن سؤال الناس..:
لا تبك يا ولدي، كن جبلاً شامخاً، لا تهب عدوك، كن مجاهداً لدينك ووطنك..كلمات نطق بها في ساعـة الاحتضـــار...
عيون تشخص وأنفاس تنتزع....أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله..يرفع
سبابته...وتنطلق روحه إلى بارئها
لا يصدق ما يراه .. رمز في البيت يفتقد...ينادي طفلٌ في العاشرة من عمره...أبي...أبي!!!
يحتضن أباه ودموعه تغسل لحية أبيه التي خالطها بياض الفجر..
يصد عن وجه أبيه.. فمنظر الموت لا يطاق ولا يحتمل.. يلتفت إلى ناحية الباب فيرى جثة هامدة
تحملها أيدي المودعين...أخي.. أخي قتلوك مثل أبي......أين أنتِ يا أمي؟؟
يندفع من بين حشد الناس إلى غرفة أمه التي دائما يراها وهي تصلي فيها..ولكن لم يرى إلا
ركام على ركام...!!!
يدخل الغرفة ..يرى جيرانه يزيلون أنقاض بنيان ...يجلس في ناحية من الغرفة واضعاً رأسه
على ركبتيه....
منظر مؤلم حقاً لطفل تيتم وفقد أخوه وأخته.......
وجدناها... وجدناها... صيحة أحد الجيران الذي يبحثون عن الأم التي يرى أنها بصيص أمل
في حياته..
يقوم ويرى أمه ملقاة على سجادة صلاتها وبجانبها مصحفها الكبير...
بصوت مخنوق: أمـــي..أمــــي......لا... لا ....لم يعد يملك الموقف المؤلم أمام
عينيه........تزدحم المشاهد الحزينة وتغطي عينيه سحابة سوداء فيسقط بين زحام الناس
وأنقاض الغرفة.......؟؟!!!
....................................
ترحل الأيام ولا ترحل الذكريات..ويبقى الطفل يواجه تياراتٍ من الرياح الغامضة.. تسحبه إلى
غياهب المجهول ..يحاول ينسى ما حصل ..يحاول أن يمسح المشهد الحزين من عينيه ولكن لا
يمكن أن يمسح شيئاً قد نقش في داخله!!..
يمسح على رأسه جاره أبو أحمد ويحاول أن يواسيه في مصيبته التي ادلهمت به.....
أبو أحمد: حاول أن تنسى ما مضى..إذا بقيت على حالك هذا سوف تهلك وسوف تعجز أن تواجه
عدوك...
الطفل: كيف أنساهم وأتجاهلهم..يا عمي!!..
آه.. يا أبي ويا أمي ويا أخوتي يا ليتني مت معكم..وأسلم من الألم الذي يطاردني..
يا ليت؟؟....
أبو أحمد: تعوذ بالله يا بني لا تجعل وساوس الشيطان تستحوذ على تفكيرك..لا تجعل اليأس
يعيش في قلبك ..لست أنت أول واحدٍ فقد أهله.. غيرك كثير فقدوا أعز ما يملكون وصاروا فيما
بعد أبطال يعتمد عليهم في دين ووطن... أفضل البشرية محمد صلى الله عليه وسلم لم يرى
أبويه وأصبح رمز هذه الأمة
صبر وتحمل الأذى عاش في أول حياته طريداً اتهموه بأنه ساحر كاهن ..نبذه قومه وحاولوا
قتله... فماذا تقول يا أحمد؟؟
الطفل بنبرة فيها آهة وحزن : رحمكم الله يا أهلي!!..
نفس حزينة ولكن لها طاقةُ عددٍ من الرجال ..
.يا إلهي طفلٌ في هذا العمر يثبت ويواجه المصائب بعين تتحدى المستقبل وقلب لا يهاب المحتل..
ينهض الطفل من مكانه وفي يديه حفنة من تراب وطنه الذي ولد فيه وعاش فيه وسيموت
فيه...ينهض وهو يصيح بصوته:
- ويلكم من الله.. يا أحفاد القردة والخنازير.. ترابنا صار نجس.. ونهرنا دجلة والفرات صار
دنس بجرمكم يا الأوغاد.....
(( نهايتكم قريبة والولايــــــة لله الحق))...
ينظر أبو أحمد إلى عيني الطفل فيرى نار تلتهب وشرر يتطاير..عروق وجهه مقبوضة.. تكاد أن
تنفجر..لسانه يتوعد
الويل لكم ...الويل لكم...
أبو أحمد: تحيى الشهامة يا بني ..تحيى الهمة والعزيمة..
هيا فقد أوشكت الشمس على الغروب ..هيا توضأ.. واطرد الشيطان واتجه للبارئ الرحمن..
واطلب لأهلك الرحمة والغفران..
يمشي الطفل وعينيه تتابع لحظات غروب الشمس التي تحمل معاني الكآبة والبؤس ، وتحمل
وراء ظهرها الظلام والوحشة والسكون...يتتبعها ولسانه يقول :
سوف تغرب القوة الظالمة ولن تعود..
ستشرق ديانة الحب والوئام على العالم كله لا ديانة الظلم والقهر والاستبداد..ستشرق عما
قريب..
يا أبي... سأبقى أتذكر كلماتك على مدى عمري ..وسأبقى متمسكا بها مهما حلت النوازع
وكثرت الفتن..سأبقى أتذكرك ولن أنساك..
يا أمي... لن أنسى منظر موتك.. وأنت قد أقبلت على الله بصالح الأعمال (الصلاة).. ولن أنسى مصحفك الكبير الذي سيشهد لك في يوم الحساب انه كان بجانبك في الصلاة..
ويا أخوتي... لن أنساكم ...
سوف أدعو الله أن يجمعنا في دار كرامته في مقعد صدق عند مليك مقتدر..
سأدعوه أن يرزقني الشهادة كما رزقكم..