للبشرية كتاب عجيب يطالعه الملك والصعلوك الفيلسوف والجاهل في صفحاته تاريخ كل الأجيال
بشعور الخيال وصلابتها بوداعتها وخشونتها بمعارفها وجهاها بثوراتها وما يتفجر عن ثوراتها من العدالة والمظالم والمطامع والفوضى بجمال كونها من أشعة النجوم وحرارة الشموس وأزهار الحقول وأنغام الطيور وبهجة الآمال وطراوة الأغصان وليونة الماء ورقة النسيم ولمعان الماس وجمال الخلد وشهوة العاطفة من أجل كل هذا كان كتاباً عظيماً .
أوراق ذلك الكتاب الذي جمعت بين دفتيه بالدموع غطست ومن أعصاب القلوب نسخت وبالأفئدة جلدت الحروف التي طبعته بالنار سكبت .
نشر منذ مئات السنين وعرف في كل اللغات وأنشد في كل اللهجات وكرر طبعه ألوف المرات منقحاً ومهذباً مغلوطاً وممسوخاً ومشروحاً بألوف المجلدات وبألوف الترجمات .
منذ التكوين ونحن ندرسه طوراً وطوراً نجحده وسنظل نطالعه بترجماته كلها إلى الأزل معجبين فرحين أو نافرين منتقمين كنا وسنظل لأن المرأة هي ذلك الكتاب .
ولأن الرجل هو القارئ الذي يطالعه ويراجعه حتى إذا أدركه وفهمه عاد لمطالعته ودراسته فعلم أنه وإن استمات في سبيله وحبه وعشقه وإن أدعى مراراً إدراكه وفهمه ومعرفته فهو لا يزال يجهله