أبناء يخجلون من مهن أبائهم !!
أبناء يخجلون من مهن أبائهم !!
الآباء يجهدون في تربية أبنائهم على الفضيلة وحسن الخلق، ويبثون
فيهم مع كل لحظة المبادئ والأخلاق والسلوكيات الحميدة، في المقابل
هناك أبناء لا يعترفون بهذه المثل العليا؛ ويخجلون من مهن والديهم
ويحرصون على إخفائها.
وهذا هو حال هبة محسن، الطالبة في الصف السابع، حيث كان وقع الخبر
عليها بمثابة صدمة كبيرة لها، عندما علمت أنه تم نقل والدتها التي تعمل
"آذنة"، إلى المدرسة التي تدرس بها.
أكثر ما يضايق هذه الطالبة، عندما يفتح باب الصف لتقوم والدتها بتغيير
سلة القمامة أو الاتجاه إلى مكتب احدى الحمامات لتصادف والدتها تنظف
فيه، والشعور الأكثر مرارة عندما تطلب طالبات من والدتها تنظيف
الحمامات جيدا لاستخدامها.
فحالة هبة في بادئ الأمر كانت صعبة جدا، ووصلت إلى مرحلة ترفض
الذهاب إلى المدرسة، وإثر موافقتها على الذهاب اشترطت على والدتها،
أن لا تحدثها بتاتا، ولا حتى بالصدفة، حفاظا على مكانتها بين زميلاتها.
وتبدي هبة خجلها كثيرا من الأمر ليس بسبب عمل والدتها "بل لأني
أعرف نظرة باقي الفتيات لي، كيف ستكون وأنهن سينظرن لي نظرة
دونية، وبهذه الطريقة لن أستطيع أن افرض شخصيتي، مهما حدث كوني
سأعاير دائما بمهنة والدتي"، كما تقول.
اعتبرت هبة، أن هذه السنة من أصعب السنوات التي مرت عليها وعلى
والدتها، حتى انقضت ونقلت إلى مدرسة ثانية، مبينة أنها كانت "حزينة
جدا" على مشاعر والدتها "لإنكاري لها"، غير أن هبة تبرر أنها لا
تستطيع تحمل هذه النظرة ممن حولها، خصوصا عند معاقبة بعض
الفتيات بالخروج لتنظيف الساحة وكأنها مذلة لهن.
حال ابراهيم اسعد، مغاير لما كانت عليه هبة، وبالرغم من أن والده كان
يعمل مراسلا في إحدى الدوائر الحكومية، ويقوم بتوصيل الطلبات
والأوراق وعمل الشاي والقهوة، إلا أنه لم يخجل يوما من ذلك، وكان
يصر دائما على القول إن والده استطاع بـ"الفتات" أن يعلمه هو جميع
اخوانه.
وبالرغم من استهزاءات بعض الموظفين أحيانا منه، والنظرة له بأنه أقل
منهم، إلا أنه لم يأبه لذلك وحرص على وضع احترامه وكرامته فوق كل
شيء، وفرضها على الجميع.
ويقول "لقد كنت أمام خيارين، إما انكار والدي طوال العمر والعيش في
قالب مختلف، وهو أمر لا يستحقه والدي بعد كل ما فعله من أجلنا، أو أن
أكون واثقا وأواجه الأمر، واخترت الأمر الثاني"، معتبرا أن المشكلة
ليست بالعائلة أو بمهنة والده، إنما في الناس أنفسهم وثقافتهم المبنية
على الطبقات.
يتناول الاختصاصي الاجتماعي د. حسين محادين، مثل هذه القضية من
خلال بعدين؛ أولهما البعد الديني وهو جزء من ثقافة مجتمعنا،
الذي يحض على العمل الشريف مهما كانت مكانته، وهو فرض وواجب
على كل منّا، أما البعد الثاني فهو النظرة الاجتماعية فثمة تفضيلات للعمل
في المجتمع.