أهدافنا الضائعة
هذه هي الحياة تلوح لي بيدها قائلة إني مدبرة، تدعي أنها تودعني بحفاوة، بينما أراها تسخر من نظراتي الوالهة إليها، كم هي قاسية حين نتمناها! وكم هي مروعة حين تلوح لنا باسمة في استهزاء من أمانينا فيها! أماني لم تعبر أمامنا إلا كما تمر السحب البيضاء الخفيفة، لا تحمل من الماء إلا ما يكفيها لتتكون جسماً حالماً لا يكاد يبين..
حين كنا في أول العمر كانت لنا الكثير من القصور، كانت أيامنا حافلة بالأمنيات العذبة، وحتى الأمنيات الشريرة كان لها كهوف نخبئها فيها، لم نكن نفكر في الحياة إلا كما يفكر مزارع في مصير ثمرة تالفة، كنا نقطف من ثمار حياتنا ما نشاء، فتعطينا أشجار العمر ما نهوى دون حساب، اليوم لا هدف ولا أمنيات مما كان يعترينا في أيام سالفة، كلها ذهبت حيث ذهبت أيام طفولتنا، اقتنعنا أننا جبناء، واقتنعنا أننا سيئو الحظ، وآمنا أننا لا نملك سوى الاستسلام لظروف حياتنا القاسية، ولأيامنا المزدحمة بالعمل والناس.. فضاعت أمنياتنا.. ضاعت أمنياتنا..