دقات الساعة ساكنة..تِكْ..تِكْ
وئيدة..صاخبة..ترك..ترك
تدور فى حلقات مفرغة ..لا معنى فيها للزمن
ولا قيمة للوقت..فالثواني متشابهة
وصوت عقاربها المكتوم يئن أوجاع كل تلك السنين
تِك..تِكْ..تِكْ..تِكْ
هى على حالها منذ عشرات السنين..لم تقترب منها يد أو ترى يوماً شمس
لا جديد..غير خيوط العنكبوت..التى نُسجَت حولها يوماً بعد يوم..حتى هذه توقفت عن النمو..
ربما تكون العناكب هى الأخرى قد فرت من ذلك القصر العتيق..!!
وذاك السكون العميق..والصمت الأبدى المزمن..إلا من تلك الدقات..تِكْ..تِكْ..!!
التي لابد لها أن تتوقف يوماً هى الأخرى..وتموت مثلما تموت كل الموجودات..!!
لابد أن يعتريها الهرم والوهن وتشيخ الثواني..وتصبح الحركة مؤلمة..ولا يصبح لبقائها فائدة
ولا لوجودها معنى..فتلفظ أنفاسها الأخيرة..وتؤثر الموت..عن حياة هى أقرب إلى الموت..!!
حتى ترتاح من عذاباتها..وتكف عن أوجاعها وتستعيد شريط ذكرياتها..تِكْ..تِكْ..تِكْ..تِكْ
ذات يوم كانت فتية..شابة فى عنفوان صباها..تضرب بكل قوتها..تَكْ..تَكْ بكامل ثقتها..تَك..تَكْ
تريد أن تثبت ذاتها..وأن تعلن عن وجودها..تَكْ..تَكْ
كانت تحيا فى مملكتها الخاصة مع ملكوتها..ظنت أن هذه هى غاية الحياة..
كانت تدور وتدور تروسها..كالماشية فى الساقية ..تحسب أنها تمضى قدماً
ولا تعلم أنها ما تزال ساكنة فى مكانها..وقد عميت عينها عن الحقيقة..
ظلت هكذا بإرادتها..تمضى الثواني بعمرها..تِك..تِكْ..وقد حبست نفسها داخل أسوار سجنها..!!
لا تدرى أنها بذلك أضاعت عمرها هباءً..تلهث وراء سراب أن تصل إلى نهاية الطريق
لكن أبداً لا توجد للطريق نهاية..إلا فى النهاية..وهى آتية ولا ريب..؟!
فلا شيء باق للخلود..ويوماً سيفنى كل الوجود..يومها سيذهب صدى صوتها..تِكْ..ولا يعود.