لملمت علانة حزنها برباطة جاشها المعهودة فلطالما كانت فتاة المواقف الصعبة لكنها مريم حتى الحزن نفسه لن يصف فقدان مريمتي .
اجتازت علانة اخر اختباراتها لتتخرج اتصلت بالوالد تبشره ككل سنة بالنجاح ثم بفهد ثم بمريم ليجيب المسجل"الهاتف الذي تطلبون خارج التغطية المرجو اعادة الاتصال لاحقا" جففت لملمت علانة دموعها وحقائبها ٬ كان استقبال العائلة بحفل عائلي فاخر احتفاء بنجاح علانة بدرجة امتياز ومواساة على فقدان مريم لاول مرة تعود علانة بدون هدايا البنات والكتاكيت الصغار.
انسحبت علانة بعد العشاء اول ساعات الليل للنوم ٬ وفي عالمها الخاص بين كتب ابراجها بالغرفة الهادئة في الطابق الثالث للبيت والتي تعودت علانة ترتيبها بنفسها بكل عناية ونظافة لتتقلص على زاوية السرير محتضنة وسادتها قلبت طوال الليل صور الكثيرة فلكل صورة مكان وذكريات استرجعتها علانة طوال الصيف والدموع تبلل الصور لترصها اخيرا في درج مهم بعدما اتعبت الدموع اهدابها .تنمت علانة ان ينتهي هذا الحلم الطويل متصلة كل ليلة عشرات المرات بهاتف مريم الذي كان خارج الخدمة باستمرار راجية في كل مرة ان تجيب المريم .لازم علانة نفس الحزن ونفس الاحساس بالفراغ كل يوم وكل ليلة طوال اشهر الصيف على نغمات عبد الحليم حافظ"ياريت يا شوق توصل لها توصل لها وتقول لها بحبها بحبا ..." والدموع تنهمل على الوسائد زادها انشاغل فهدا عنها طوال الصيف وهي منزوية في البيت بين غرفتها والتلفاز في غرفةالجلوس مجترة حزنها منتظرة الليل بفارغ الصبر لتسمع صوت فهد مترقبة في كل ليلة مفاتحته لها في موضوع زواجهما لكل في كل ليلة اذا اتصل يتحدث عن لساعات عن مشروعه الجديد ومشاغله الحالية مودعا علانة متمنيا لها ليلة سعيدة تاركا علانة في خيبة املها تجتر حزنها في فهدها فقدت تصورت طوال السنتين الماضيتين ان فهدا ينتظر فقط ان تخلص دراستها ليجمعهما عش الزوجية ٬ كي ينتهي الصيف بمرض علانة بالكبد وتقلصات حادة في المعدة ليظطر اخوانها كل يوم حملها للمستشفى مغما عليها فاقدة الوعي لساعات لم يجد الاطباء تفسيرا لتشنجات المعدة التي تفقدها الوعي سوى تبرير نفسي فسرته العائلة بفقدان مريم ولا احد يعلم انه ايضا بسبب خيبة املها في فهدها فلم تتصور يوما انه من الرجال الخائنين وزاد الوضع الما نقاشاتهما الحادة كل ليلة فقد اصبح علانة مظطرة كل ليلة لان تقسم لفهد مؤكدة انه اول رجل بحياتها واول رجل يدوس لها على طرف مذكرة له كيف علمها التقبيل وكيف انتزع خوفها وكيف علمها ...
لتسوء حالتها يوما عن يوم ٬رفضت اقتراح الأطباء بالسفر لأي مكان حتى اقتراح الأب أن تتابع دراسة الماجستير مع افتتاح أبواب الجامعات فلا صحة علانة ولا نفسيتها يسمحان لها باختيار القرار مرت تسعة اشهر قبل أن تسترد علانة عافيتها فيوما عن يوم كان فهدا يطيح من عينها فلم تبخل عليه نشئ حتى جسدها بكل مشاعر الإهانة والإباحية عرفت مدى خطاياها٬ بكل مرة من لقاءاتهما طردت علانة مشاعر الذنب والاهانة داعية الله ان يغفر بعد زواجهما ذنوبها مع فهد نهشت مشاعر القذارة علانة طوال التسعة اشهر فلو سمع احد بافعالها مع فهد فلن يصدق احد ان علانة ابنة محمد "النيان" قد تقدم على شئ مثل هذا محاولة الحفاظ على فهدها الذي تغير كثرا عن سابق عهدها به عرفت ان الوقت حان لتكف عن ترخيص نفسها واذلالها اكثر الا ان فكرة استباحة الرجل جسدها كانت تقيد وتكبل علانة ماسحة بكرامتها الارض فقد عدمت حيلة للحفاظ على فهد.
رات علانة ملاذها في مشاغل عائلتها فشهور غيابها الطويلة اثرت في اشغال العائلة لتصبح العائلة لاول مرة مديونة للبنك ٬لن تنسى علانة يوما الكهل الذي استوقفها في الشراع وهي عائلة للبيت مشيا ملاحظا شروذها "يا ابنتي لاتتخممي الحزن لا يقتل لكنه يذيب القلب " سرت كلمات الكهل في شرايينها وهي تردد لكنها مريم وبعد مريم فهد .
كرهت نفسها وكل المعاصي التي جارت فهدا في فعلها تذكرت كم مرة في بداية علاقتهما عرض عليها التدخين معه الا انها لم تطاوعه ولا مرة في التدخين ليخبرها بعد شهور انه كان يختبرها لان الكثير من البنات تدخن وتدعي العكس وهي نجحت في الاختبار لكنها لم تنتبه الا اليوم انها لم تدخن معه يوما لكنها جارته في ماعدا التدخين وعاشرته في كل مرة ٬لم تعتبر يوما فرقا بينهما فهي بين يدين امينة عليها فهو الحبيب الذي انتظرنه بعطش الصحراء للماء حتى الكرامة لا وجود لها بين المحبين فهما جسدين بروح واحدة.
تقد خال صديقة قديمة لخطبة علانة وهو من نفس قبيلة فهد شابملتزم متعلم بالخارج شغلته مرموقة جدا ومن عائلة كبيرة ومعروفة جدا في الجنوب وشعبيته واسعة فهو الشخص النزيه في الوظيفة المغرية ٬رتبت" فلة" ابنة اخت العريس الجديد موعدا مع علانة لتتمشى مع علانة بعدما تخلص علانة شغلها الساعة 7 وصلت الصديقة في الموعد لتظطر تنتظر علانة لربع ساعة حتى اخدت علانة حمام سريع وغيرت ثيابة على نية التمشي لتتفاجا علانة بالعريس الجديد ينتظر ابنة اخته امام البيب بسيارته الفاخرة واحرجوا لعلانة بدعوتها لتركب معاهم وركبت السيارة وكانت لهم جولة صغيرة بالمدينة بعد نصف ساعة اعادوا لعلانة لباب البيت.
اخبرت علانة فهدا باخبار الخرجة فلاول مرة في حياتها على الاطلاق تركب مع رجل غير فهد ولو بوجود صديقتها لتكون بداية نقاش دام 4 ساعات بكت بعده علانة للساعة 6 الصبح بكت حبها الذي لم تبخل على فهدا اثباتا وتعبيرا كيف له ان يشك في حبها الطاهر .
بعد شهر اتصل فهدا بعدما فقدت الامل في رجوعه ثانية فاول مرة على الاطلاق يقطع عنها فهدا 30يوما فقد اعياها الانتظار الساعات الطوال والايام والليالي لتخبر فهدا انها صرفت العريس مثل سابقين ليعود لها فهدها من جديد.
حاولت علانة التركيز اكثر في شغلها فقد عاد نصها الاخر عاد قلبها عاد مصدر سعادتها الا ان عودتهما لم تكن الا بداية لمشاحنات في كل ليلة تنتهي بغصة ودموع علانة باكية على المستوى الذي وصله حبهما الافلاطونية والاطم شك فهد بها.
بعد 6 اشهر عاد العريس" خالد" خال الصديقة "فلة" لكن هذه المرة بخطبة تقليدية رسمية فلم تعد العلاقة بفهد بالشكل الذي تمنته علانة ٬ اتصلت علانة بفهد داعية اياه بموعد في الساعة ثمانية لكن هذه المرة لتخبره بانتهاء العلاقة وبعزمها الفعلي بقبول العريس الجديد املة ان يقاطعها بطلب يدها بارك لها فهدا الخطبة متمنيا لها السعادة في اختيارها جفت شرايين علانة من اخر قطرة دم وكرامة فهذه القشة التي قسمت ظهر البعير اكانت واهمة طوال السنتين والستة اشهر الماضية اكانت مجرد فتاة هوى لفهد ياخذ منها متعته بعد كل هذا العطاء المتنامي في كل موعد لم تتمن يوما ان يكون غير فهد ابا لابنائها واكثر من مميزاته فهو اول رجل يدوس لها طرفا ٬بكل مشاعر الاهانة والخيانة وافقت علانة على العريس اللقطة بعدما طلب بالحاح لقاءها على انفراد ليسمع الموافقة منها مباشرة ليحدد موعد العرس بعد شهر اتصل فهدا مرات معدودة ومتباعدة كانت علانة في كل مرة توافيه كعادتها باخر اخبارها واخبار العرس واستعداداتها لاقامة العرس ٬فلم تعتبر يوما فهدا مجرد حبيب بل الصديق والاخ فبعد وفاة مريم لم يبقى لها من الاصدقاء الحميمين غير فهد و"لالة" وفي كل مرة كان فهد يختم اتصاله بسؤاله ساخرا هل انت متاكدة انه عرسك انتي وليس عرس احدى خواتك الاكبر منك ظلت علانى تسرد عليه كل جديد وعن ملابس العروس وكيف اظطرت للخرج بنفسها لاشراء احتياجاتها بعد فشل خواتها في اختار ما يناسب علانة من الوان ومقاسات دقيقة .في كل مرة دعت علاة ربها ان يمنحها من القوة والصبر ما يجعها تمثل على فهدا للساعات الطوال بكل صبر راجية من الله ان يمنحها من الشجاعة والبجاحة حتى تكلم الرجل الذي استباحها طوال السنين القريبة الماضية .
حوالي العشرين يوما كانت علانة قد اشرفت على كل استعدادات العرس الا انواع الحلويات واصناف الطعام فتركت قرارها لاخواتها فهي لم تكن يوما سيدة مطبخ لاخواتها فالقاعة محجوزة ولم يتبقى غير كروت الدعاوي ٬كان اخر شئ اشترته علانة ملابس الصغار اولاد اختها واخوها لحضور العرس هديتها لهم لينتهي في صالونات التجميل لاخذ الماسكات اللي فضلت تعملها في البيت . التحقت علانة بخواتها في بيت الشاطئ فلم يتبقى للعرس غير 15 يوم ولن تقبل العروس باقل من بشرة ككل العرائس تخلي العريس يعرف انها بعد الراحة والقليل من العناية اجمل بكثير من المرتين الي شافها فيهم ٬ وعلى مدار الشهر ظل العريس يصل بين كل يومين حوالي الربع الى النصف ساعة يوما لاتعرف علانة كيف وبما ستحدث العريسالملتزم بخلاف فهدا الي ما ينقط ولا يمل حديثه ولا تعلم علانة كيف ستعيش حياتها اللاحقة دون احاديث فهد لساعات الليل الطوال التي تمر معه في دقائق ولم يقطع فهد اتصالاته الليلة كلها كما لم تمتنع علانة من الرد عليها فبرنامجها بعد الزواج لاوجود لاتصالات فهد وقد صارحته بان لا يصل عليها بعد العرس لكن قبل العرس عادي فانت دوما كنت الصديق والاخ العزيز ٬بكل الشجاعة والبجاحة والقوة لملمت علانة كلماتها لتثبت لفهدا ان كل سنوات وليالي وايام حبها الجارف له قد ولت تلك الايام وبذلك تكون قد انتقمت ولو ذرة انتقام لكرامتها المجروحة وجسدها المستباح له فالعريس اللقطة شخصية مرموقة وموظف حكومة رفيع المستوى حتى لو كان فهد رجا اعمال ناجح .
قبل 10ايام من العرس اتصل فهدا بعلانة الساعة 5 مساء من فندق الشاطئ وهو على بعد كيلو مترات قليلة من بيت الشاطئ طالبا لقاءها رفضت علانة بشدة مذكرة انها مخطوبة وحتى بصفته كصديق فلن تستطيع لقاءه بعد اليوم ٬وصف لها فهدا جلسته متكئنا على الاريكة وهو يشرب قهوته وينفخ سيجارته مذكرا لها كم مرة سحبت السجارة من شفاهه مهددة برميها لتخلصه من هذا السم الذي تكره علانة رائحته –السيجارة- وفي كل مرة يضعفها لتعيد السيجارة بيديها بين شفاهه.
ليخبرها فهدا انه طالبا يدها للزواج وقد فاتح واخبر والدته ليلة الامس وطارت من الفرح ولكن العرس لن يكون الا بعد سنة من اليوم شهر ثمانية السنة القادمة ريتما يفرش بيت الزوجية اللي باللي اختار يكون بالطابق الغلوي من عمارته الجديدة فالبيت مفتوح على بعضه على طول مساحة العمارة وكما بناه على ذوقه فسيحتاج وقت ليفرشه على ذوقه وهذا سبب انشغاله طوال الاشهر الاخيرة.
"في انتظار تعليقاتكم"