بقلم الأستاذ جاسم محمد المطوع
أعرف رجلاً مشهوراً في المجال الرياضي ، وكان لاعباً لكرة السلة ، وقد استمر منشغلاً برياضته عن زوجته وأولاده طوال خمس عشر عاماً ،
وهو من مباراة إلي بطولة ، ومن كأس إلي درع ذهبي ، فمرة في الكويت وأخري في دول الخليج وثالثة علي مستوي آسيا ، وهكذا أمضي حياته حتي دق جرس الإنذار ، واعتزل الملاعب بعد أن أقيم له حفل تكريم ، وتسلم الهدايا والعطايا وعاد إلي منزله فرحاً مسروراً ، وبدأ حياته الزوجية وكأن عمره الأبوي يوم واحد بينما هو أب منذ خمس عشرة سنة .
دعني أقم بعملي
وفي صباح اليوم الثاني من أيام الأبوة الحقيقية ، جاءته ابنته الكبرى تبكي من ألم في بطنها فأخبرها أنه سيذهب بها إلي الطبيب ، وبينما هما يستعدان إذا بالأم عند الباب واقفة ومتسائلة : إلي أين ؟ فقال : إلي الطبيب ؟ فقالت : وهل تعرف الطبيب ، فأنا التي فتحت الملف وأنا التي كنت أدفع المصاريف وأنا أعرف نوعية الأدوية وأنا .. وأنا .. وأنا .. اجلس أنت بالبيت .. ودعني أقم بعملي الذي كنت أحمله علي كاهلي منذ خمسة عشر عاماً ، ثم أخذت الطفلة من يدها وذهبت بها إلي الطبيب ،وجلس الأب في البيت يشاهد آخر مباريات الكرة في التلفزيون .
وفي الأسبوع الثاني من أسابيع الأبوة أتي الابن إلي والده وسلمه كتاباً من ناظر المدرسة يدعوه فيه إلي اجتماع أولياء الأمور ، وهم الأب في صباح اليوم التالي بالذهاب إلي مدرسة ابنه لكنه فوجئ بأن أم واقفة عند الباب وهي تردد الكلام نفسه قائلة : وهل تفرغت الآن للقيام بمسؤوليات المنزل ومهامه ؟ فأنا أعرف الناظر وأعرف المدرسين ، وقد حضرت أكثر من اجتماع معهم ثم إنك نسيت أنني أنا التي أدرِّس الأولاد ، وأنا من يقوم علي تربيتهم ، وقد كنت أشتري حاجات المنزل ، وكنت أصلح الكهرباء ، وإذا تعطل شيء من الأدوات الصحية كنت أتصل بالمختص لإصلاحها وكنت .. وكنت .. حتي إصلاح السيارات كنت أشرف عليه .. هل نسيت كل هذا ؟ أين أنت منذ خمس عشرة سنة ؟ لم تفكر بي أو بأولادك أو بمسؤوليات المنزل ومهامه ، ثم أخذت ابنها وخرجت به إلي المدرسة .
جاء يطلقها
وهنا تنتهي قصة صاحبي مع زوجته وتبدأ قصته معي حيث جاء ليطلقها ، فسألته عن السبب ، فقال لي : بصراحة إنني أشعر بأنه ليس لي دور في حياتي الأسرية ، فكل شيء تقوم به زوجتي ، والحقيقة أنني كنت غافلاً عنها طوال الخمسة عشر عاماً الماضية بممارسة الرياضة ، وهذه داري لو دخلتها لرأيت فيها أكثر من خمسين ميدالية ذهبية أو درعاً فضية ، ثم إن رصيدي في البنك يكفي لتأمين مستقبلنا العائلي ، لكنني أشعر بأن وضعي في الأسرة خطأ ، وأنه لا دور لي في تحقيق ذاتي كأب وإثبات نفسي كرجل وها قد عزمت علي الانفصال ، وأنا أعرف أن الطلاق ليس هو الحل ، لكن ماذا أفعل ؟ ..
هذا ما جنت يداي .
نموذج يتكرر
أقول : أن مثل هذه القصة تتكرر كثيراً في يوميات بعض الأزواج عندنا في الخليج .
حتي أنني كنت أتحدث عن هذا الموضوع في إحدى الإذاعات علي الهواء مباشرةً وإذا بامرأة تشتكي حالها مع زوجها وكيف أنه مشغول عنها ، وأنها تقوم بجميع المسؤوليات وحتى تغيير سفايف السيارة .
وذكرت حديث الرسول صلي الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .. واستشعرت من حديثها الحزن والآسي ، رجل يحدثني عن كيفية تقسيم الأدوار بينه وبين زوجته وأنه قام بجميع أعمالها عندما مرضت ، وأنه يساعدها وقت الحمل وبدأ يذكر طبيعة حياتهما وهو سعيد بذلك ، وآخر أيد كلامه ، ويبقي أنه ما زال في الرجال خير وما زال في النساء خير أيضاً .
أنتِ المسؤولة عنه
ومن المشهور عن المرأة الخليجية أنها تتحمل كثيراً من المسؤوليات ، وانا أعتقد أن المرأة هي التي تعود زوجها علي ذلك من أول أيام زواجهما ، وأنه إن لم تبن حياة الزوجية علي التعاون والتنسيق ، فإن الرجل يتعود من أول يوم في زواجه علي أن كل شيء في المنزل هو علي الزوجة ( المنزل والأولاد والمدرسة والخادمة والمشتريات ) وكل شيء ، ثم تأتي الزوجة بعد عشر سنوات من الزواج وتشتكي أن كل شيء علي رأسها .
فالمسألة تحتاج إلي وقفة وإلي تأمل ، نحن لا نقول للنساء اتركن المسؤوليات وأهملنها ، وإنما نقول : إن الزوجين شريكان في تحمل مسؤولية المؤسسة الزوجية التي اتفقا علي إنجاحها ، وإلا فسيكون حالهما مثل حال لاعب السلة .. والله الموفق .
منقووووووول;)
تحياتي للجميع
بنت الإمــــــــــارات