اضطرابات النطق واللغة تعرف وفقا للمتخصصين بأنها الاضطرابات التي تلفت نظر كل من المتكلم والمستمع إليها.. فإذا ما انتبه المتكلم إلى طريقة كلامه وشعر بأنه يتكلم بطريقة غير طبيعية فإنه غالبا ما يكون لديه اضطراب نطقي أو لغوي، وكذلك الحال بالنسبة للمستمع لهذا المتكلم 00 فاضطرابات النطق واللغة تسبب انزعاجا لكل من المتكلم والمستمع كما أنها تجعل عملية التواصل صعبة أحيانا ومستحيلة في أحيان أخرى0
هذه المشكلة ينبغي التنبه إليها في المراحل العمرية الأولى للأطفال وهذا التنبه يعتمد بالدرجة الأولى على وعي الأهل وإدراكهم لوجود مشكلة وعدم إنكارها لأن علاجها وارد وكلما اعترفنا بوجود مشكلة كان حلها أسهل 0
00ولاهمية هذا الموضوع قال اختصاصي تقويم النطق واللغة في قسم اللغويات والصوتيات في الجامعة الأردنية الدكتور موسى عمايرة لوكالة الأنباء الأردنية 0 أن نتائج دراسات أولية أجريت في بعض المدارس في المملكة أظهرت أن نسبة اضطرابات النطق واللغة ربما تكون أكبر في المجتمعات العربية قياسا إلى المجتمعات الغربية 00فقد بلغت هذه النسبة في الأردن 15 بالمائة بينما لم تزد النسبة في الولايات المتحدة على سبيل المثال عن 10 بالمائة من مجموع السكان 0
وصنف الدكتور عمايرة اضطرابات النطق واللغة تبعا للسبب الذي أدى إلى وجودها.. وفي هذه الحالة تصنف إلى مجموعتين الأولى اضطرابات عضوية والثانية اضطرابات وظيفية 00 فالأولى تنجم عن وجود تشوه خلقي أو خلل فسيولوجي في عضو أو أكثر من الأعضاء المسؤولة عن النطق أو اللغة أو كليهما كأن يكون هناك انشقاق في سقف الحلق أو أن يكون اللسان صغيرا جدا أو أن يكون هناك تلف في إحدى مناطق الدماغ المسؤولة عن اللغة 0
أما الثانية فهي التي نجهل سببها ونعتقد أنها ناجمة عن التعلم الخاطئ والعادات غير الصحيحة أو بسبب العوامل البيئية والنفسية 0 وقال 00كما يمكن تصنيف اضطرابات النطق واللغة تبعا للعمر الذي حصلت فيه فعندما تحدث اضطرابات النطق واللغة قبل اكتساب الطفل للغته / عندما يكون عمره أقل من عامين / فإنها تدعى اضطرابات تطورية مثل تلك الناجمة عن الشلل الدماغي أو كون الطفل منغوليا أو ولد وهو أصم وعندما تحدث بعد اكتساب الطفل للغته فانه تدعى اضطرابات مكتسبة مثل تلك الناجمة عن حوادث السير 0
وأضاف أنه يمكن أيضا تصنيف اضطرابات النطق واللغة تبعا للمشكلة التي تنجم عنها فإذا كانت المشكلة في الصوت كوجود بحة مزمنة أو فقدان جزئي أو كامل للصوت فإننا نشخص المشكلة بأنها اضطراب صوتي وإذا كانت المشكلة تتمثل في عدم قدرة الشخص على نطق بعض الأصوات اللغوية / مثل الراء والسين /فانه تدعى اضطرابا في النطق وإذا كانت المشكلة تتمثل بوجود / تأتأة / فإنها تدعى اضطرابا في الطلاقة وإذا كان لدى الطفل مفردات محدودة أو أخطاء نحوية أو دلالية أو عدم قدرة على استخدام اللغة بشكل مناسب أو مزيج أو أكثر من هذه الجوانب فإن هناك مشكلة في اللغة 0
وقال00 كما يمكن أن تحدث مشكلة في اللغة عند حدوث تلف في الدماغ نتيجة إصابة الإنسان بجلطة دماغية ويمكن أن تتمثل المشكلة في صعوبة في القراءة والكتابة مشيرا إلى أن هذه المشكلة جزء من مشكلة أكبر هي صعوبات التعلم .
وحول إمكانية العلاج أشار إلى أن نسبة نجاح معالجة اضطرابات النطق واللغة كبيرة جدا خاصة إذا عولج الشخص في سن مبكرة موضحا أن الجامعة الأردنية كانت السباقة في مجال إنشاء برنامج للحصول على درجة الماجستير في تقويم النطق واللغة يلتحق به كل عام ما يقارب / 25 طالبا / من تخصصات مختلفة ربعهم من الأقطار الشقيقة المجاورة 0
بدورها أشارت المتخصصة في معالجة اضطرابات النطق واللغة هانية بشر إلى وجود اختلاف بين اضطرابات اللغة واضطرابات النطق 00فالاول يتعلق باللغة بحد ذاتها سواء الاستيعابية أو المنطوقة، أما الثاني فيشتمل على المشكلات التي تتعلق بخروج الكلام وطبيعة تمفصل أعضاء الكلام ويندرج تحت هذه المشكلات التلعثم والبحة الصوتية و/ اللدغات / أي الإبدال في الأحرف كان تلفظ / السين 00 ثاء / 0
وتطرقت إلى بداية المشكلة فقالت إن الأطفال يبدأون في المناغاة في سن مبكرة /ابتداء من الشهر الثاني للعمر/ ويتواصل الطفل مع الآخرين بالابتسامة الاجتماعية ومتابعة النظر مع الآخرين. هذه المؤشرات هي أولى مراحل اكتساب الطفل للغة إلى أن تأتي مرحلة تكوين وإصدار الكلمة الواحدة قبل السنة
الأولى من العمر وفي السنة الثانية يكون قد أصبح قادرا على تكوين جملة من كلمتين0
واستدركت قائلة 00 ولكن إذا وصل الطفل لسن يتراوح بين سنتين وسنتين ونصف السنة ولم يصل بعد إلى مستوى الكلمة الواحدة فهذا مؤشر على وجود مشكلة نطقية ولغوية عند الطفل خاصة إذا ترافق ذلك مع عدد من العوامل الأخرى كقلة انتباه وتركيز الطفل وبنفس الوقت حركته الزائدة وعدم متابعته لبرامج الأطفال أو حتى عدم الانتباه إلى التلفاز وعدم قدرته على ترديد وحفظ الأغاني عندها لا بد من البحث في التطور الطبيعي الفسيولوجي للطفل وعرضه على إحصائي نطق ولغة لتقييم حالته وتشخيصه لاختيار الجهة التي من المفروض أن يحول الويها بقصد المعالجة سواء لأخصائي أعصاب أو أخصائي أنف وأذن وحنجرة أو أخصائي تقييم الفحوصات السمعية وكذلك ضرورة عرضه على أخصائي قياس وإرشاد لتقييم قدرات الطفل بصورة عامة ومن ثم تحدد إبعاد المشكلة لتحديد طبيعة وكيفية العلاج 0
وتحدثت بشر عن العوامل التي قد تساهم في ظهور مشاكل لغوية أو نطقية عند الطفل ومنها العوامل الوراثية والخلل في المراحل الجنينية والمشكلات التي تكون قد تعرضت لها الأم أثناء الحمل سواء أكانت نفسية أو فسيولوجية أو التعرض للأشعة أو تناولها لعقاقير بالإضافة إلى حدوث مشكلات أثناء
عملية الولادة. ومن العوامل الأخرى أيضا عوامل بيئية ومحيطة في بيئة الطفل مثل انشغال الأم الدائم عن طفلها ووجود الخادمة عند الطفل والتي تتحدث غالبا بلغة أخرى بالإضافة إلى عدم قدرة الأم على التواصل كأن تكون قليلة الكلام والتفاعل مع ابنها ووجود اضطرابات عصبية عند الطفل كالشلل الدماغي أو اضطرابات سمعية بدرجاته المختلفة . ونوهت إلى أن معظم الأطفال الذين يعانون من اضطرابات لغوية أو نطقية ستصاحبهم بالضرورة صعوبات ومشكلات في القراءة والكتابة خاصة إذا تأخر علاجهم 0
واوضحت أن الفترة الزمنية لعلاج اضطرابات النطق واللغة تعتمد على نوع الحالة وشدتها وعمر الطفل وتوقيت اكتشاف المشكلة ومعرفة طبيعتها بالإضافة إلى تعاون الآباء والأمهات وبيئة البيت والحالة النفسية للطفل والعائلة أيضا. وعن الفهم الخاطئ للذين يعتبرون أن الاضطرابات اللغوية والنطقية هي نوع من التخلف أو الإعاقة قالت 00 طالما أن إمكانية العلاج واردة وبكل سهولة ويسر فهي ليست إعاقة خاصة إذا عولجت على أيدي فريق متجانس وفي ظل وجود الوعي الكافي عند الأهالي مبينة أن المشكلة قد تتعقد أكثر إذا رافقتها عوامل معينة كإهمال التهابات الجهاز التنفسي وخاصة التهابات الأذن والرشوحات وإشعار الطفل بوجود مشكلة كبيرة لديه من خلال الاستهزاء والسخرية على ألفاظه ونطقه من قبل أقرانه بالإضافة إلى التدخل في طريقة العلاج من قبل الجميع وأحيانا إنكار الأهل لوجود مشكلة أصلا إضافة إلى طبيعة الأم العصبية بمعنى قيامها المستمر بالضرب والصراخ والقمع لأطفالها 0
وأكدت أهمية دور الأسرة في الإسهام بعلاج أولادهم الذين يعانون من مشكلات في النطق أو اللغة بواسطة تعزيز لحظة الطلاقة في الكلام ومساعدة الطفل تدريجيا على تخطي مشكلته وخاصة من الناحية النفسية 0
وأشارت إلى وجود مشكلة نطقية عند الكبار آيا وهي ما تسمى بالحبسة الكلامية وعسر الكلام والتي تنتج عادة جراء إصابة البعض بالجلطات أو التعرض لحوادث السير0
من جهتها أشارت سنا محمد كمال أخصائية النطق واللغة في مركز الدراسات والأبحاث الصوتية في الجامعة أل أردنية كذلك إلى دور الأسرة في معالجة التأخر اللغوي عند الطفل، فقالت تستطيع الأم بمساعدة أخصائي النطق واللغة تدريب طفلها المتأخر لغويا على العديد من الأمور التي تساهم في زيادة
سرعة التطور اللغوي لديه حيث تستطيع القيام بتدريب طفلها كل يوم ويتم ذلك من خلال ممارسة الطفل لنشاطاته اليومية المعتادة أو القيام بتخصيص وقت يتراوح بين 5 إلى 10 دقائق يوميا على أن لا يكون فيها الطفل جائعا أو منهكا أو متضايقا لأي سبب 0
وأضافت أن الأم تقوم بتدريبه بواسطة جلسة نظامية وتزيد وقتها تدريجيا حيث يستطيع الطفل المتأخر لغويا تعلم التخاطب بصورة مستمرة أثناء تفاعله اليومي في البيئة الطبيعية التي يعيش فيها 0 وأوضحت بعض التدريبات التي تستطيع الأم من خلالها مساعدة أخصائي النطق على تعليم ابنها كتدريب الطفل على استخدام الكلمة الواحدة وتدريبه على استخدام الأسماء وقيامها بعرض مجموعة من الصور لأشخاص يقومون بأفعال معينة وتشير إلى الصورة المطلوبة وتنطق الفعل المناسب لها بالإضافة إلي العديد من التدريبات التي يكون هدفها التواصل المستمر مع الطفل0
من جهته قال الفني في الفحوصات السمعية من مركز الدراسات الصوتية في الجامعة الأردنية معروف دغمش إن نقص السمع هو سبب رئيسي من أسباب التأخر اللغوي أو النطق المشوه 0 ورد أسباب نقص السمع إلى العوامل الوراثية نتيجة زواج الأقارب أو بسبب المشكلات التي ترافق عملية الولادة وإصابة الأطفال بمرض السحايا وارتفاع نسبة الصفار في الدم / البليروبن / أو إصابة الطفل بمرض النكاف / أبو دغيم/ 0
وقال 00نحن بدورنا نقوم بإجراء الفحوصات السمعية وعلى أثر النتيجة يحول المريض إما إلى طبيب أنف وأذن وحنجرة إذا كانت المشكلة في الأذن الوسطى أو إلى مركز لتزويده بمعينات سمعية ومن ثم تدريبه على النطق إذا كانت المشكلة في العصب السمعي 0
رنا قندلفت أم لثلاثة أطفال من بينهم نادر الذي كان صوته يعلو في رواق مركز الدراسات الصوتية وهو يتلقى بثقة كبيرة دروس المساعدة على النطق السليم ومما قالته والدة نادر 00شعرت أن ابني لا يقوم بتركيب الجمل بشكل صحيح كما أنه لا يستخدم روابط للجمل عندها توجهت إلى المركز لمعاينة ابني وبالفعل تم التشخيص على أساس أنه يعاني من حذف لبعض الحروف في بعض المواقع وهاأنذا أخضع ابني لجلسات في غاية السلاسة وراقبت تقدمه والحمد لله0
وقالت00 لست متضايقة من وضع ابني لأنني أدرك أنني قادرة على تجاوز هذه المرحلة ولكن ما يضايقني فعلا هو الإحراج الذي يسببه لي ولابني المحيط الذي نعيش فيه وكأن ابني يعاني لا قدر الله من إعاقة لا حل لها0 مدربة نادر الطالبة في ماجستير تقويم النطق واللغة في قسم اللغويات والصوتيات في الجامعة الأردنية عروبة محمد عودة قالت إنه بعد تقييم حالة نادر من خلال جلستين تبين أن لديه تأخرا لغويا بسيطا والحمد لله لم يكن لديه أي مشكلات في السمع 00والتأخر اللغوي عند نادر انه ينطق الجمل خالية من أي أحرف للجر أو العطف ولكن حالة كهذه وفي ظل تعاون والدته الشديد ستكون بإذن الله معالجتها سهلة وممكنة 0
|
إختكم هيماء
[MARQ=RIGHT]فداعت الله [/MARQ]