<؟؟>كيف ومتى تنصح أبناءك<؟؟>
أكثر النصائح فائدة للأولاد، هي تلك التي يطلبها الأولاد أنفسهم، ولا تُفرض
عليهم في الوقت الذي لا يدركون فيه أنهم بحاجة لها. إن العيب ليس في النصيحة
بحد ذاتها، ولكن المشكلة الحقيقية هي في الإصرار على تقديم النصائح
والإرشادات في كل واردة أو شاردة، فهذا مما يعطي الابن/ الابنة الانطباع بأنه
عديم الجدوى، وتهز ثقته بنفسه.
للتخفيف من وقع هذه النصائح والإرشادات على الأبناء، يفضل دائماً وقبل أن
تبدأ بتقديم نصيحتك، أن تخلق جواً ايجابياً، وذلك بأن تذكر ثلاثة أشياء ايجابية
قام بها الابن/ الابنة، لكي تؤكد له ثقتك فيه، وتخفف من أية تأثيرات سلبية.
كما يُنصح أن تركز وبشكل مباشر على الفكرة التي تريد إيصالها لابنك/ ابنتك،
فمثلاً إذا كان الابن يضرب أخاه الصغير، فقد تقول له: "لماذا تضرب أخاك الصغير؟"،
أو "كيف تضربه وهو أصغر منك؟"، وقد تبدأ بنهره، فيرد عليك ليبرر تصرفه قائلاً
مثلاً: "لقد أخذ قلمي المفضل"، فتبدأ بإلقاء محاضرة عليه! وتعطه شارحاً له
كيف أنه على الكبير أن يعطف على الصغير، وأن من واجبه كأخ كبير أن يعتني به،
وأن يتفاهم معه بالحسنى بدل اللجوء إلى الضرب. هذه الطريقة ستجعله
يشعر بالذنب، وبأنك تحرص على أخيه الصغير أكثر مما تحرص على مشاعره،
وقد يتهمك بأنك لا تحبه قدر ما تحب أخاه، وتبدأ مشاعر الغيرة من أخيه تزيد.
لذا وفي موقف كهذا من الأفضل أن تقول ما تريده مباشرة وبصيغة أمر وحزم:
"أريدك أن تتوقف عن ضرب أخيك الآن". وفقط، فمن الأفضل أن يركز الأهل على
هدف محدد، وأن يتجنبوا المحاضرات، والتفسيرات المطولة، وهنا بعض الأمثلة
من التوجيهات العائلية اليومية، التي يمكن أن تحدث في أي منزل،
وكيف يمكن اختيار الطريقة الإيجابية:
الطريقة السلبية
تركت صحنك الوسخ على الطاولة!
هل تعاني من الطرش؟
ألا تخجل من نفسك عندما تترك غرفتك على تلك الحالة
الطريقة الإيجابية
من فضلك خذ صحنك إلى المطبخ
من فضلك اخفض صوت الموسيقى
من فضلك رتب غرفتك
باستعمال الطريقة الايجابية، فأن الأبناء يتعلمون التصرف السليم، بشكل مباشر
دون أن يمس ذلك مشاعرهم سلبياً، فلتسهيل قبول النصائح الإيجابية، علينا أن
نتجنب خلق مشاعر سلبية مرافقة لها، لأن هذه المشاعر السلبية ستقترن
بالنصيحة أو الملاحظة التي نقدمها في الوقت نفسه، مما يعيق الطفل عن تقبل
نصائحنا أو إرشاداتنا بشكل إيجابي، وعن العمل بها.
تميل أغلب الأمهات إلى تقديم العديد من النصائح، إلى درجة قد تصل حد الإشباع،
مما يُفقد هذه النصائح قيمتها، وتعتاد آذان الأولاد عليها، فلا تعود تؤثر عليهم،
فيسمعونها دون استماع!
طبعاً لابد ان الابن/ الابنة سيشعر بمحبة أمه، ويقدر لها عنايتها وحرصها عليه،
ولكنه وفي الوقت ذاته سيشعر بأن أمه لا تثق به وبقدراته، مما يؤدي إلى تآكل
ثقته بنفسه شيئاً فشيئاً، وتصغر صورته أمام نفسه، مما سيؤثر على حياته المستقبلية،
وعندما يصبح الابن رجلاً والابنة امرأة، نجد أنهما لا يتمتعان بالثقة الكافية واللازمة
كي يشقا طريق النجاح، ويواجها تحديات الحياة مع بقية أفراد المجتمع، لخوف
داخلي عميق، لا يعرفان له سبباً. وعادة يلجأ الابن/ الابنة في حالة التعرض
إلى شلالات النصائح، إلى بناء سد يحميه من هذه النصائح المغلفة بأسلوب
سلبي مؤلم، ويبدأ يتجنبها ما استطاع حتى ولو كان بأمسّ الحاجة إليها.
عندما ترى الأم إصرار ابنها/ ابنتها على تجاهل نصائحها، تبحث عن أسباب
جديدة لتحاول أن تقنعه، وتستعين بمعلوماتها وخبرتها في الحياة، وأية وسيلة
متوفرة لها كي تضعه على المسار الذي تراه لائقاً به. وتبرر معظم الأمهات
تصرفها ذلك بأنه ناتج عن رغبتها العميقة بإفادة أبنائها بما اكتسبته من خبرات
ولتجنبهم ما عانت من مصاعب، ولكن هذا التصرف ولو كان بنيّة حسنة، يحرم الأطفال
لاسيما الابن من حاجة أساسية لرجولته ألا وهي ثقة أمه بقدراته وبالتالي
نجد أنه وفي تلك الحالة، يحاول أن يتجنب أمه، أو قد يتوقف عن مصارحتها
بما في داخله.
لا شك في أن المبالغة في النصح والإرشاد والتوجيه، تدفع الابنة أيضاً لكي تكون عنيدة،
ولكن بدرجة أقل من الابن الذي لا يصبح أكثر عناداً وحسب، بل ويتوقف عن التصريح
عن مشاكله، والأهم والأخطر من ذلك، أنه يتوقف عن الاستماع، فلا يسمح
لأية نصيحة بتجاوز طبلة أذنيه، ويسد أبواب عقله أمامها.
ومن المفيد، أن يتذكر الأبوان، أن محاولة نصح وإرشاد الابن وهو في حالة العناد
والرفض، إنما هي محاولة عقيمة وعديمة الجدوى، بل قد تؤدي إلى نتائج معاكسة
لرغبة الأبوين. وهذا ما يجعل بعض الأمهات ينتقدون أبنائهن قائلات: "بعد كل ما فعلته
من أجله، وحرصي على خدمته، ونصائحي المستمرة له، لا يخبرني بشيء!"،
أو "أبذل كل ما في وسعي لتوجيهه إلى الطريق الصحيح، ولكنه لا يصغي إلي!"،
أو "إنه لا يثق بي، ولا بحسن نيتي!"
وحينئذ ينبغي على الأم أن تجيب بصراحة وبصدق عن هذا السؤال: "هل هي تثق به؟".
إذا عرفت الأم كيف تتحكم في رغبتها الشديدة في بذل النصائح،
واستطاعت أن تختصرها، وتخبئها إلى الوقت المناسب فعلاً،
فإن أولادها سيستمعون إليها وبجدية أكبر، ولن يترددوا في طلب نصيحتها عند اللزوم.
م/ن
تقبلوا أرق التحايا العطرة
ღ♥ღ°°مها°°ღ♥ღ