وبعدَ أن خارت قِواي وأنهكني التعب ،بعد أن أصيبت مشاعري وأحاسيسي كلها
بالشلل...رفعتُ راية إستسلامي وغرستها أمامي ........جاؤا إليّ يتوشوشون
ويتغامزون،فرحين مُنتشين بنصرهم....ظهر أشجعهم وبصراحةٍ مُفرطه سألني:
((لِماذا أنت حزين؟؟))وعندها أسبلتُ عيناي فسالت آخر دمعة إحتفظتُ بها
وبِشق إبتسامه سألت نفسي،كيف سأجيبهم؟هل بكلمه،بكلمتين،أم هل لديهم
الوقت لِسماع أقوال ضحيتهم؟؟!
هل سيبقون كي ينصتوا إلي من تمكن الحزن منه ولم يجد أحداً كي يبُث له همومه
من سهِر الليالي وحيداً،وقضى العمر وهو يعدو وراء سراب والخيبه تحاصره من كل
مكان،هل لديهم الوقت لسماع من تظاهر بالسعاده ولكن صوته وملامحه تفضحه
فينعكس حزنه على مُحياه،عن ذلك الإنسان الذي لفظتهُ الأرض باسطاً كفّيه للحياه
يحدوه الأمل والتفاؤل،من جعل صدره رحباً لكل حلوٍ ومر.
هل لديهم الوقت لسماع من وهبهم،عمره وقلبه وعقله فردوه خائباً مُنكسراً
وعندما عجز أن يُفرغ همومه وأحزانه ولم يجد صدوراً كي تحتضنها،إنفجرت بداخله
وامتزجت بدماءه وأصبحت جزءً لايتجزأ منه ومن شخصه فانعكست واضحةً جليةً
على صوته وملامحه وحركاته فصار بائساً حزيناً.
من رضيَ بأن يزيد من همومه بهمومكم وأحزانكم ورضي بأن يكون جسده جسراً
لكم كي تعبرون عليه إلى شط الأمان ويبقى هو مُعلقاً وحيداً كما إعتاد.
عجباً لكم أيها ايها البشر فكيف للقاتل أن يسأل المقتول((لماذا قُتلت))
لقد تعبت مللت ما أقسى الحياة وما أقسى من فيها...أُريدُ أن أبداء من جديد
ولكن كيف لي ذلك وقصة أحزاني لم تنتهي بعد،كيف لي أن أُحلق ثانيةً إلى
عنان السماء وجذور الحزن تخنقني في الأرض،كيف لي أن أنزع الشر والحقد
من صدورهم وقد تأصل فيها......وفجأه فتحتُ عيناي المُسبلتين ولكن لم أجد
أحداً سوى راية إستسلامي البيضاء مكسورةً ومُلقاة إلى جانبي.