يسهل على الإنسان أن يتعامل مع الآلة الصماء.... ويستطيع الباحث أن يصبر ويكافح في دراسة هذه الظاهرة المادية أو تلك
لكن التعامل مع الإنسان له شأن آخر وبعد آخر ... ذلك أن الناس بشر لا يحكم تصرفاتهم ومواقفهم قانون مطرد..... فتراه تارة هنا وتارة هناك تارة يرضى وتارة يسخط
ولهذا أجمع المختصون بأن الظاهرة الإنسانية ظاهرة معقدة.... وأن البحث فيها تكتنفه صعوبات عدة فكيف بالتعامل المباشر مع الإنسان والسعي لتقويمه وتوجيه سلوكه
ومن يتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يرى كيف صبر وعانى حتى ربى هذا الجيل المبارك
كم فترة من الزمن قضاها صلى الله عليه وسلم ؟ وكم هي المواقف التي واجهها صلى الله عليه وسلم ومع ذلك صبر واحتسب وكان طويل النفس بعيد النظر
وفي خلال الايام القادمة سنعرض مواقف للنبي صلى الله عليه وسلم وننقاشها لنستفيد منها وبلله التوفيق
أولا: التعويد على المشاركة والعمل:
اعتاد كثير من ناشئة المسلمين اليوم أن يكفى كل شيء فهو في المنزل يقدم له الطعام والشراب، ويتولى أهله تنظيم غرفته وغسل ملابسه
فساهم ذلك في توليد جيل كسول لا يعرف العمل والمسئولية.
وفي المدرسة وميادين التعليم اعتاد التلاميذ الكسل الفكري، وصار دورهم مجرد تلقي المعلومات جاهزة دون أي جهد
وحتى حين يطلب منهم بحث أو مقالة فلابد أن تحدد لهم المراجع وبأرقام الصفحات وقل مثل ذلك في كثير من المحاضن التربوية
إننا حين نريد تخريج الجيل الجاد فلابد من تعويده من البداية على المشاركة وتحمل المسئولية: في المنزل بأن يتولى شؤونه الخاصة وفي المدرسة بأن يبذل جهدا في التعلم
نعود الى المربي الأول و استشارته صلى الله عليه وسلم لأصحابه في كثير من المواطن...... بل لا تكاد تخلو غزوة أو موقف مشهور في السيرة من ذلك
وفي الاستشارة تعويد وتربية لهم....وفيها غرس للثقة، وفيها إشعار لهم بالمسئولية....
ولو عاش أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على خلاف ذلك، أتراهم كانوا سيقفون المواقف المشهودة في حرب أهل الردة وفتوحات فارس والروم؟
وعلى المستوى الفردي كان النبي صلى الله عليه وسلم يولي أصحابه المهام، من قيادة للجيش وإمارة ودعوة وقضاء وتعليم
فأرسل رسله للملوك...... وبعث معاذا إلى اليمن....وأمر أبا بكر على الحج
بل كان يؤمر الشباب مع وجود غيرهم، فأمر أسامة على سرية إلى الحرقات من جهينة ثم أمره على جيش يغزو الروم
فما أجدر أن نتخذه صلى الله عليه وسلم قدوة لنا في حياتنا اليومية