كِلانَا يَعرِف عِبَارَة أضحَك للدُنْيَا تَضحَك لَكَ إبكِ تًُبكِ وَحدُكَ ..
فَهِيَ من العِبَارَات البَسِيْطَة ..
الَّتِي أستَخدَمنَاهَا فِي سنِي تَحصِيلُنَا العِلمِي الأوَّل عِندَمَا كَانَ رَائِد الفَصل
يُكَلُّفنَا بِعَمَل لَوحَات الحَائِط الوَرَقِيَّة عَلَى جُدرَان الفَصل ..
أوعَلَى المُمَر الَّذِي يُؤدِّي إلَى غُرفَة المُدَرّسِين أونَاظر المَدرَسَة ..
لِتَكُون لَوحَات ( مُشَرِّفَة ) لِكُل زَائِر للمَدرَسَة سِوَاء من قِبَل إدَارَة التَّعلِيم
أو الضّيًُوف من المَدَارِس الصَّدِيقَة القَرِيبَة مِنَّا !!
حَيثُ كَان من المُقَرَّر أن تَكُون هُنَاكَ لَوحَات وَرَقِيَّة عِبَارَة عَن ( نُكَت )
وَمَنَاظر ( مُضحِكَة ) نُقَهْقِه عَلَيْهَا كُلَّمَا رَأينَاهَا لِتُضْفِي جَوَّاً من المَرَحِ
وَالبَهجَة ..
وَغَالِبَاً مَاكَانَت هَذِهِ اللوحَات يُكْتَب فِي دَاخِلُهَا مُرَبَّع يُرسَم فِيهِ وَجهَان
يَبدُوا أحَدُهُمَا عَابِسَاً وَالآخَر ضَاحِكَاً .. يَختَصِرُ عِنوَان هَذِهِ اللوحَات
وَهِيَ إضحَك للدُّنْيَا تَضحَك لك .. إبكِ تَبكِي وَحدُكَ ..
وَلَكُن وَقتُهَا .. وَبِحُكم أنَّنَا أطفَال لم نَكُن نَدرُك مَعنَى هَذِهِ العِبَارَة ..
وَمَاتَحمله بَينَ طَيَّاتُهَا من حِكْمَة وَاضِحَة المَعَالم بِحُكم صِغر السّن
وَدِعنِي أسألُكَ أخِي القَارِيء ..
هَل إستَيقَضت من نَومكَ فِي ذَات يَوم مَعَكَّر المَزَاج عَبُوس الوَجه ..
لاتُطِيق أحداً حَولُكَ .. وَلاتُطِيق حَتَّى أن يُلقِي عَلَيكَ تَحِيَّة الصَّبَاح؟
فَأنتَ فِي حَال .. غَير الحَال الَّذِي كُنتَ عَلَيْهِ يَوم الأمس وَمَاقَبله ..
أتَعلَم لِمَاذَا؟
بِالطَّبع لاتَعلَم .. قَد يَكُون هُنَاكَ سَبَبَاً وَلكنّه غير وَاضِح المَعَالِم ..
وَأنتَ لاتُرِيد أن تَغُوص فِي أعمَاق نَفسُك البَشَرِيَّة بَحثاً عَن السَّبَب
فَهَذَا عَكَّر مَابَعده تَعكِير ويَكْفِي مَا أنْتَ فِيهِ ..
حِينَمَا تَرَى من حَولكَ يَضحَكُون فَتَشِيحُ بِوَجهُكَ عَنهُم وَلاتَجِد مُبَرِّرَاً لَهُم
لِيَضحَكُوا عَلَى أمر تَرَاهُ سَخِيْفَاً لايَستَحِق القَهقَهَة وَالمُبَالَغَة فِي الإنشِرَاح
هَذَا المَزَاج المُتَعَكِّر وَهَذِهِ النَّفسِيَّة الهَابِطَة تُغَيِّر مَاحَولكَ بِكُل بَسَاطَة
إلَى عَالَم يَخلُوا تَمَامَاً من البَهجَة وَالضِّحك وَالإنبِسَاط ..
فَأنتَ أصلاً غَير مُستَعِد نَفسِيَّاً أن تَضحَك أو تَتَعَامَل مَعَ اي مَوضُوع ..
فَقَد يَحدُث ذَلِكَ مُشكِلات ..
لأنَّ تَعَاملُكِ لَحظَتْهَا مَعَ مثل هَيك أمُور فِي هَيْك نَفسِيَّة يُزِيد من تَعقِيدُهَا
فِي الوَقت الَّذِي قَد يُؤدِّي تَجَاهلهَا إلَى المَرُور عَلَيْهَا دُونَ اي تَفَاعُل سَلبِي
أمَّا حِينَمَا تَكُون عَكس ذَلك .. مُنشَرِح الصَّدر مُقبِلاً عَلَى يَومُكَ بِنَشَاط
وَحَيَاة حِلْوَة ..
تَحِسُّ وَكَأنَّ هُنَاكَ من يُدَغْدِغ مَشَاعرُك فَيُثِير فِيكَ الرَّغبَة بِلُقَاء الجَمِيْع
وَالتَّحَدُّث مَعَ كُل من يُقَابِلك بِإسَارِير مَفتُوحَة وَلِسَان عَذب يُقَطِّرُ شَهْدَاً
وَكُلَيْمَات تَدلُّ عَلَى الحُبّ وَالوِد .. ليش لا وَأنتَ تَرَى مَاحَولكَ جَمِيْلاً ؟
تَسْخَر من ذَاك الذِي يَزمَجُرّ صَارِخَاً عَلَى أمر تَعتَبره بَسِيْطاً ..
لايَحتَمِلُ هَذَا الصّرَاخ وَالإنفِعَال فَتَقُول فِي قَرَارَة نَفسُك هَوِّنهَا لِتَهُون
وَلِمَاذَا هَذَا التَّهوِيل .. فَالدُّنيَا لاتَستَحِقُ مِنكَ كُل هَذَا؟
وَالحَيَاةُ فِي النِّهَايَة زَائِلَة .. وَلَن يَأخُذ معه بَنِي آدَم شَيْئاَ فَلِم حَرق الأعصَاب
وَفَقد القَرِيب وَالبَعِيد بِسبب أمُور بَسِيطَة لاتُقَدِّم وَلاتًؤخِّر!!
وَأظِيف .. أنَّ هَذِهِ الرُّؤيَة الجَدِيْدَة المُتَفَائِلَة لاتَكُون أبَداً ..
ألاّ حِينَمَا يَكُون المَرء جَمِيلاً من الدَّاخِل فَتَنعَكِس هَذِهِ الصُّورَة عَلَى الخَارِج
وَبِكُل المَقَاييس .. حتَّى الأمُور القَاسِيَة تَبدُوا أقَل من ذلك بِكَثِير ..
لأنَّ ( الفِلتَر ) الذِي تَمَرُّ مِنه من خِلال هَذَا الإنسَان الجَمِيل ..
يُعِيد تَركِيب جَمِيع الأمُور فَيُلَطِّفهَا ..
وَيُضِيف إلَيهَا بَعض النَّكهَات الحَسنَة ..لأنَّ من يَتَعَرَّض ..
لمِثل هَذِهِ التَّقَلُّبَات المَزَاجِيَّة بِإستِمْرَار وَالَّتِي تَدخله فِي مَتَاهَات ..
يَتَمَنَّى لَو تجَنَّبْهَا ولكنه لايَستَطِيع ذَلك ..
وَهُوَ فِي تِلك الحَالَة النَّفسِيَّة السَّيِّئَة ..أن يَتَجَنَّب الإحتِكَاك بِكُل النَّاس
الذِينَ يُثِيرُون فِيهِ التَّوَتِّر وَيَتَجَنَّب الإشتِرَاك فِي المَوَاضِيع الَّتِي لايُرِيحُه
التَّحَاوِر بِهَا وَالتَّنَاقُش فِي تَفَاصِيلُهَا ..
وأن يَتَجَنَّب كَذَلك الذِّهَاب إلَى الأمَاكِن الَّتِي لايَرَى نفسه رَاغِباً فِيهَا ..
ولكنه مُجبَراً عَلَيهَا بسَبَب بعض الإلتِزَامَات أومُرضَاة ًلِصَدِيق عَزِيز عَلَيْهِ
فَعَلَيهِ أن يُؤجِّل كُل تِلك الأمُور وَإن كَانَت إجبَارِيَّة فِي بَعض الأحيَان
لأنَّ الإخلال بِهَا أهوَن بِكَثِير من إرتِكَاب خَطَأ بِحَق أحَد ..
أو التَّطَاوِل عَلَى أمْر هُوَ غَنِي عَنْه .. أو يَنقَلِبُ إدَاء الوَاجِب إلَى نَقِيض
مَا أريد قوله بِإختِصَار وهَذِهِ أحسُبهَا نَصِيحَة ..
هُوَ عِندَمَا تَكُون فِي مَزَاج أنتَ غير رَاضٍ عَنه تَجَنَّب دَائِمَاً الإصطِدَام ..
فِي أيمَا نَفَر وَقَلِّل عَدَد الكُلَيمَات الَّتِي تَتَبَادَلْهَا مَعه ..
وَإبق وَحِيداً بُضْع سُوَيْعَات تَستَمِع إلَى كتاب الله .. أوتُهِيم بِنَفسُكَ ..
فِي مَكَان خَالٍ ..أو إقرَأ كِتَابَاً خَفِيف الظِّل وَالعِبَارَات .. أو وَهَذَا الأفضَل
وَالأروَع سِر فِي هَوَاء طَلْق بِمُحَاذَاة شَاطِيء بَحرِي نَظِيف كَمَا هُو أنت!!
أو وَسَط حَدِيقَة غَنَّاء مَلِيئَة بِالإخضِرَار وَالأشجَار وَالأغصَان مُتَرَامِيَة الأطرَاف
وَأحرُص أن تُغَرِّد الطّيُور فَوق رَأسُكَ وَكَأنَّهَا تُنَاجِيكَ خُلسَة !!
أنَّ مثل هَذِهِ الأمُور كَفِيلَة بِأنَّ تُخلّصك من هَذِهِ السّمُوم الَّتِي تَحُسّ بِهَا
فَذَلكَ أفضَل بِكَثِير من أن تَنفُثْهَا فِي وَجه غَيرُكَ ..
نَعَم تَجَنَّب دَوماً إرغَام نَفسُك عَلَى القِيَام بأمرٍمَا لاتَرَى أنَّكَ مُستَعد إلَيه
أوسَعِيد وَمُتَحَمِّس فِي إدَائِه .. وَتَتَّفِقُ مَعِي بأنَّ فَاقِد الشَّيء لايًُعطِيهِ !!
ومن يَفتَقِد الرَّغبَة لايَنجَح أبَدَاً فِي تَحقِيق الهَدَف أو المَطلُوب ..
فَهُوَ قَد يَصِلُ إلَى خَط النَّهَايَة ولكنه سَيَكُون ( مُرهَقَاً ) بعدَ أن يَكُون دَمَّرَ
الأوَّل وَالأخِير وَأحرَق الأخضَر وَاليَابِس كَمَا نَقُول أحياناً بِلَهجَتُنَا المَحَلِّيَّة
وَشُكرَاً!!
/
/
/
المَحبِرَة اللامُنْتَهْيَة