يتحرك بعض الاطفال في المنزل بشكل عشوائي، فلا تصل أيديهم الى شيء إلا وحطموه، وإذا ارادوا ان يقوموا بعمل ما فإنهم يخربون اكثر مما يرتبون. كيف نساعد اطفالنا على التصرف بمهارة ولياقة مع الحفاظ على هدوء اعصابنا قدر المستطاع؟
يقوم بعض الاطفال بتصرفات رعناء ليست لها مبرر، لكن من المعروف ان الطفل الأخرق هو طفل مدلل يخاف والداه عليه كثيرا، ويسمع جملا على غرار “لا تصعد على الكرسي كي لا تقع”، “لا تمسك بهذا الشيء كي لا تجرح يدك!”، “لا تفعل هذا ولا تقترب من ذاك”.
ان مثل هذا الطفل لا يعرف بالضبط قدراته ولا يعرف ما اذا كان سينجح أم سيفشل لدى قيامه بعمل ما. وفي بعض الاحيان يكون الطفل الاخرق قلقا ومتوترا بحيث لا يأخذ الوقت الكافي للنظر حوله وللتفكير بحركاته لا يستطيع تخيل نتائج افعاله، وبالتالي يقوم بأي شيء.
كما ان هناك اطفالا لا يثقون بأنفسهم فلا يقومون بحركاتهم حتى النهاية خوفا من ارتكاب أي حماقة فيجدون انفسهم داخل حلقة مفرغة يحاولون فيقعون في المحظور.
ولحل هذه المشكلة تنصح العالمة الفرنسية المتخصصة بعلم النفس الحركي لدى الاطفال، مونيك بوسكية الامهات بما يلي:
الصبر: ففي كثير من الاحيان لا نستطيع انتظار طفل يربط شريط حذائه لمدة نصف ساعة، كما قد ينفد صبرنا امام طفل يقلب كوب الماء على الطاولة، ونحاول دائما ان نقوم بالعمل مكانه لنكسب الوقت. وفي اغلب الأحيان يكون من الصعب علينا ضبط اعصابنا لكن هذا ليس هو الحل، فالطفل يحتاج الى وقت وإلى تشجيع كي يتمكن من التصرف التلقائي.
التدريب اليومي: يمكن ان ندرب الطفل يوميا دون ان نشعره اننا نفعل ذلك كي يصبح اكثر مهارة في أداء بعض الاعمال. كأن نطلب منه سكب الماء في الكوب وبتناول الطعام بمفرده او ان نطلب منه المساعدة في توضيب الطاولة والملابس، واستعمال الاكياس البلاستيكية في السوبر ماركت. فهناك العديد من المبادرات التي يمكن للطفل ان يقوم بها بيديه الصغيرتين كي يصبح اكثر مهارة.
الحث على المراقبة: يحتاج الطفل في معظم تصرفاته الى المساعدة، ولا تكون المساعدة بإعطائه طريقة معينة للاستعمال أو بإعطائه مفتاحا بيده او يجعله يقوم بالحركة اكثر من عشر مرات، إنما بحثه على مراقبة كل ما يدور من حوله قبل ان ينطلق للقيام بالعمل بمفرده.
وكي نتوصل الى ذلك يمكن ان نردد أمامه بعض الكلمات مثل لا تمسك الزجاجة بهذا الشكل او قرّب الطبق منك كي تتمكن من تناول الطعام براحة اكثر. ان مثل هذه الجمل تعود الطفل على التفكير قبل القيام بأي حركة وعلى تحضير الحركة في رأسه مثل رياضي يتصور القفزة التي سيقوم بها قبل الانطلاق.
العمل المشترك: ان الاعمال اليدوية التي يمكن ان نقوم بها مع الطفل تفيده كثيرا، فصنع بعض الاشكال بالمعجون او الورق كما رسم الاشكال الهندسية وتلوينها يساعدانه كثيرا على التفكير قبل القيام بأي حركة، كما يتعلم في الوقت نفسه كيف يستخدم الاشياء بمهارة.
الرياضة: تساعد الرياضة على القيام بحركات متناسقة كما تساعد على التركيز، فرمي الكرة في السلة، او التغلب على الخصم في لعبة الجودو، يساعدان الطفل على الانتباه لكل حركة يقوم بها بحيث يختار الافضل ليتمكن من الفوز.
الاسترخاء: يصبح الطفل اكثر مهارة عندما يعتاد على الهدوء والاسترخاء وتجدر الاشارة الى ان اليوجا من التمارين المفيدة التي تساعد على الاسترخاء، كما اننا يمكن ان نؤمن للطفل الهدوء في تمارين عائلية مريحة، إذ يمكن ان يستلقي الطفل على ظهره على السجادة ثم يضع يده على بطنه ويتنفس بعمق بحيث ترتفع يداه مع كل عملية استنشاق ويمكن ان يتكرر التمرين خمس مرات مع الشهيق والزفير بعمق.
لندع دماغه يعمل: من البديهي ان يكون طفل في السادسة من العمر اكثر رعونة من طفل في الثانية عشرة فالمسألة تتعلق بنضج الجهاز العصبي، ذلك ان نقاط الالتقاء بين خلايا الدماغ لا تكون مغطاة بطبقة الميالين، تلك المادة التي تسهل عملية انتقال الرسائل عبر الجهاز العصبي، الامر الذي يجعل قدرات الدماغ لا تصل الى الحد الاقصى.
وتجدر الاشارة الى أن الخلايا لا تصبح مغطاة بمادة الميالين إلا في سن العشرين ومن غير المفيد اطلاقا ان نطلب من طفل لم يتجاوز الثالثة من العمر اغلاق ازرار معطفه، او ان نطلب من طفل لم يتخط العاشرة صنع نموذج بنائي معقد!
منقول
الكاتبة الصغيرة: سجنجل الخواطر