يقول الشاعر الكبير أبوتمام :
السيف أصدقُ أنباءً من الكتب ** في حده الحدّ بين الجد واللعب
رحم الله أبا تمام ورحم الله أيامه وسيوفه ، أصبح القلم فيه أكثر مضاءً من ذباب السيوف وقرقعتها .
لقد حقق القلم ما لم تحققه سيوف الغزاة الفاتحين التي لا تترك وراءها غير الأشلاء والدماء وكثيرا من البؤس والشقاء تعوث في أقدامهم .. فلأن كسب السيف معركة وقتيه بثمن غال وباهظ وخلف مرارة في النفس وحفز روحا للانتقام وزرع بذرة لبغض فإن الأقلام صاغت شعراً وإلياذة . وزرعت أملاً وكتبت كلاماً طيباً كان بلسم في مشوار السنين ومغالبة العيش بالأمل . فما أجمل الاتكاء على نبض الحروف وكثيرة هي الخواطر التي تبعثها الكلمة .
وحذر ان تمرد قلم بهجاء أو ذم فإن ما يسطره يصبح عاراً على من قيل فيه ..
تمعن هذا الذي من جرير يهجو فيه قبيلة نمير :
فغض الطرف أنك من نمير ** فلا كعبا بلغــــــت ولا كلابا
فلا صل الإله على نميــــر ** ولا سقت قبورهم السحابا
ولو وزنت (عقول)بني نمير ** على الميزان ما وزنت ذبـابا
وكانني ببعض الشعراء لا يحلو لهم الغزل بمن يحبون إلا تحت ظلال السيوف فهذا هو عنترة وقوله المشهور عند المعارك في ذكر الأحبة
ولقد ذكرتك والرماح نواهل **مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقيبل الســــــيوف لأنها ** لمعت كبارق ثغرك المتبسم
كل الذي نود قوله ماذا سيصبح الحال بلا قلم ومقال ..ماذا لو اختفت الكلمة المقروءة والمكتوبة والمسموعة .. عندها نكون كالأموات وتفقد الحياة أسمى معانيها .. بل كل معانيها