لست أدري....إلى متى أصبر القلب عنك فلا يقوى على الصبر..
لست أدري....كيف أقاوم فلا تغريني حدودك..أو تشدني مساحاتك..أو تجذبني سماواتك..
لست أدري....إلى متى تدور في ذاكرتي الأماني المكسورة..وأبحث عنك..لأقول لا أجدك..
أيها الغادر..لقد غاب الضوء..وأفلت النار..وخبا الفتيل..وهاأنا أشيح بوجهي بعيداً عن أحزاني المبعثرة في كل مكان..لعلي أنساها..هاأنت ترمقني بعينك التي طالما عشقتها..وأنا وحيدة بعدك.. لا أحد أحدثه عن الألفة التي أمست صقيعاً..والأحلام التي ماتت قبل شهور..
يا سيدي الغائب الحاضر..منذ أخذت أشرعتك..وتركتني أعاكف وأجدف في الهواء..منذ أن رحلت وتركت قلبي ينشطر إلى أنصاف مبعثرة..ومعالم الأشياء تغيرت..شاخت العبارات..وأمست كل الحوارات فارغة..كل الأحاديث تائهة..وأصبح للصمت هتاف بأضلعي..أبتكر منه انتهاء آخر..
يا سيدي..أنا لا أستجديك..ولكني أحدثك..عن دموعي التي أمست حبات مطر مترعة بالوجع..في ليلة مثقلة بالغيم..
أنا لا أطلب عودتك..فأنا أعلم أنك لست عائداً من غيابك..ولكنك زرعت اسمك داخل مسامي..تعال انتزعه واذهب..بذرت في روحي رسماً جميلاً لك..تعال اطمس معالمه وغادر..
يا سيدي..من يأتي لي بالعصافير الشاردة..من ينادي الغيمات المتلبسة بأنها لا تهطل إلا في جلال حضرتك..أقاوم حديثاً يتسلل عنك يا سيدي كل يوم..يقولون لي..انهضي من عثرتك..واتركيه ذكرى أليمة على رفوف العمر.. اقفلي كتاب الحياة معه على الصفحة الأخيرة..وكأنهم لا يلمسون العمر الذي اشتعل..أبداً لا يسمعون الضلوع التي تنادي..فيها سعير النار يتوقد..
ايه هاأنا أتعافى..أندمل..أقيل روحي من عثرتها..فلست أول الرجال ولا آخرهم..ايه..ها أنا أتناسى أنك رميت بكل شيء..وهربت وحدك..لتترك لي المئات من زوارق الألم..ولا بحر.. أغسل فيه أوجاعي التي زرعتها داخلي..