د.محمد بن عبدالله العتيق
1/1/1424
04/03/2003
معظم الناس قبل بلوغهم العقد الرابع أو الخامس من العمر ، لا يحفلون كثيرا بصحتهم ولا يشغل بالهم التفكير في أمر الصحة والمرض ، فحياتهم مليئة بشواغل الدنيا ومهماتها، وقلما يبدو عليهم من التغيرات الجسمانية ما يلفت نظرهم أو يقلق راحتهم، فالجسم مفعم بالحيوية والنشاط ويتحمل كثيرا مما يكلفه صاحبه .
ولكن بمجرد البدء بالشعور بالتغيرات الجسمانية المرتبطة بالتقدم في السن من بعد الأربعين يبدأ المرء بالتفكير مليا وطويلا في هذه القضية، وتغدو هما شاغلا وربما مقلقا لدى البعض .
وأما بعد عمر الستين فإنه تمر على جميع الناس المشكلات الصحية المرتبطة بالشيخوخة، ولكن في المقابل تخف حدة الخوف من هذا الأمر ويدرك المرء مرة أخرى أن لديه الكثير من الفرص في الحياة ليستمتع بها على الرغم من مشكلاته الصحية.
وهنا نسأل ما هي الشيخوخة ؟
وكم من الممكن أن نتعايش معها دون مشكلات كبيرة ؟
هناك نظريات متعددة لتفسير التغيرات الجسمانية التي تحدث عن التقدم في العمر، وليس هذا مجال بسطها ولكننا نستعرض هنا أبرز التغيرات التي تظهر على الإنسان في مرحلة الشيخوخة .
هناك تغيرات ظاهرة يراها الجميع ويحسون بها مثل : التجاعيد في الجلد وتغير لون الشعر إلى الشيب، وتباطؤ الحركة وردات الفعل الانعكاسية . ولكن ماذا وراء ذلك من التغيرات الداخلية غير الملحوظة ؟
نعرض هنا لأبرز التغيرات في أجهزة الجسم المختلفة
الدماغ
: تقل الخلايا العصبية الناشطة في المخ مع التقدم في السن، ويختلف هذا من منطقة لأخرى في المخ، وبالتالي تختلف درجة الضعف في أداء الدماغ من وظيفة لأخرى .
القلب
: يزداد حجم القلب قليلا لدى الكبار، ويزداد الضغط كذلك ولكن مع ذلك يقل معدل نبضات القلب .
العظام
: تقل كثافة العظام شيئا فشيئا بعد بلوغ سن الأربعين، فالعظام لها دورة حياة ديناميكية وليست ثابتة كما يتخيل البعض، وأساس هذه الحركة هو ترسيب مواد من مادة العظام وتحلل مواد أخرى، وتحدث هشاشة العظام عندما تزيد المواد المتحللة وتقل المواد المترسبة لعوامل أخرى معقدة أكثر ارتباطا بالهرمونات، ومع ازدياد هشاشة العظام تغدو أكثر عرضة للكسر حتى مع الإصابات الخفيفة، ومن المعلوم أن الكسور لدى الكبار وخاصة في عظام الفخذين تحمل مشكلات صحية متعددة، وقد تكون لها مضاعفات طويلة الأمد .
العيون
: يقل إفراز الدموع في العين وتضمر الشبكية بالتدريج فتقل كفاءة النظر، ويكثر طول النظر لدى من تخطو سن الأربعين، فيحتاجون إلى نظارات للقراءة، كما تزداد العدسات عتامة وذلك ما يسمى بالماء الأبيض الذي يمنع الرؤية بشكل طبيعي.
السمع
:يقل السمع بسبب ضعف النهايات العصبية الناقلة لموجات السمعية إلى الدماغ، كما تزيد كثافة طبلة الأذن وتغدو أقل حركة ومرونة من الطبيعي، ولذا تقل قدرتها على نقل الأصوات، وتزداد المشكلة أكثر في الأصوات ذات التردد العالي .
الكلى
:يقل حجم الكلى ويقل مع ذلك قدرتها على التخلص من الفضلات والسموم، كما تقل أيضا كمية البول التي يمكن للحوصلة البولية اختزانها.
الجهاز الحركي
: تضمر العضلات وتقل قوتها شيئا ما، وهذا يختلف من شخص لآخر حسب المواظبة على التمارين البدنية، فالناس الذين يواظبون على ممارسة التمارين هم أقل تعرضا لهذه المشكلات، وأما في الأربطة والغضاريف فتقل فيها كمية السوائل، وتصبح أكثر تعرضا للتصلب والتيبس، وكذلك تزيد فرصة احتكاك العظام عند تآكل الغضاريف ورقتها .
الجهاز التناسلي :
بسبب النقص في الهرمونات الأنثوية تصاب القناة التناسلية لدى المرأة بالجفاف، وأما لدى الرجال فتصاب غدة البروستات بالتضخم، ويسبب هذا تضيقا في مجرى البول، فيعاني المصاب من عسر البول وربما سلس البول .
الجلد
: يرق الجلد ويقل معدل نمو الأظافر، كما يضعف عمل الغدد العرقية وغيرها من غدد الجلد، ولهذا يصبح الجلد أكثر جفافا وتشققا .
كم يمكن أن تعيش ؟
كما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم- أن أعمار أمته مابين الستين إلى السبعين، والمقصود بهذا أن معدل العمر هو في هذا النطاق، مع أن البعض قد يعمر أكثر من ذلك .
وفي وقتنا المعاصر فإن أطول عمر تم تسجيله وتوثيقه بلغ مائة واثنتين وعشرين سنة.
ومع التقدم في علوم الطب والقدرة على التشخيص والعلاج المبكر فإن معدل الأعمار قد ارتفع، وأصبح الناس يعيشون أطول من ذي قبل، فمعدل الأعمار في أكثر البلدان تقدماً مطلع القرن الماضي كان 50 سنة، بينما يبلغ الآن 77 سنة