بسم الله الرحمن الرحيم
ذي قصة قريتها وعجبتني و ان شاء الله تنال اعجابكم كاول مشاركة لي
في المنتدى
رســم قلــب
قصة قصيرة بقلم : د. أحمد فنديس
كان كلما رآها ارتجف قلبه في صدره . رفرف بين أضلعه كعصفور حبيس . وحامت فوق رأسه طيور السعادة . تلك الفتاة السمراء الرقيقة ؛ مليحة الوجه ؛ سوداء الشعر ؛ ناعمته ؛ دقيقة الملامح ؛ رقيقة المشاعر . عيناها شطرا بيت شعر في قصيدة حب ، تمشى علي الأرض همسا0 ؛ كلاعبة "باليه" كنسمة ندية في يوم قائظ . "دقيقة الأنامل ؛ مخملية الأهداب ؛ ترخيهما فوق بيت الشعر فيزداد جبينها الوضاء جمالا ويشع نورا يجعل محياها مأتلقا كشمس فجر خرجت لتوها من وراء حجب الليل.
انقلب حاله منذ أن جاورته في السكن . تستيقظ مبكرة كل صباح تسبق أشعة الشمس الناهضة قبل أن تمزق عتمة الفجر . مع زقزقة العصافير تخرج الى شرفتها كملاك هبط لتوه من السماء ، تنثر بسماتها علي الزهور والطيور ، تبلل بندى أناملها الحنون وريقات زهورها ، تلقي برموش عينيها تحية الصباح علي طيورها ثم تنطلق إلي عملها .
هام بها حبا . قرر أن يبوح به لها . وفي يوم سعيد تقابلت نظراتهما ، تبادلا الابتسام والتحية فيما بين الشرفتين . و ما أن جلس فوق كرسيه ليسترد أنفاسه المبعثرة في فضاء غرفته حتى تسلل صوت "أم كلثوم" الجميل وهى تشدو : (القلب يعشق كل جميل) . أسعدته كلمات الأغنية التي انفلتت من بين "شيش" باب شرفتها إلي قلبه مباشرة ، استقرت في حجراته الأربع ، هب الى حيث جهاز "الكاسيت" وضع شريطا انطلق بعده صوت "فريد" يقول (قلبي ومفتاحه دول ملك إيديك ، ومساه وصباحه بيسألنى عليك)"0
في يوم إجازتها التالية استيقظ علي أغنية "محرم فؤاد (تعب القلوب يا اهل الله) رد عليها بأغنيته (قلبي إللي خدتيه رجعيه) أجابت بصوت "نجاة" (قلبك راح فين) فرد بصوت "عبد الوهاب" (القلب يا ما انتظر)0سأل عن عملها فعرف أنها طبيبة0تخصصها الدقيق هو القلب . تبادل المطربون والمطربات عبر الفراغ الفاصل بين شرفتيهما العديد من أغاني القلب في الأيام التالية0
انطبعت صورة وجهها المليح المشرق في قلبه ، لم يعد يطيق الانتظار . قرر أن يذهب اليها و يخبرها بما في قلبه بعد أن أخبرته نبضاته أنها تبادله الشعور ذاته . وعندما دخل حجرتها في المستشفي لينتظرها كانت "نازك" في الركن البعيد الهادى من الغرفة تهمس (كل دقة ف قلبي بتسلم عليك) .
استجمع قواه عندما أقبلت من بعيد ، تلعثم ، أمسكت كل كلمة أراد أن يخرجها من بين شفتيه بتلابيب الأخرى ، تزاحمت الكلمات داخل فمه وعندما أخبره صمتها برضاها قفز قلبه في قفص صدره فرحا وغاب عن وعيه0
عندما أفاق وجد يداها الحانيتان تحتضنان كف يده ، تسكبان فيه إجابتها عن سؤال أرقه كثيرا . نعم ، السمراء تحبه كما يحبها . تنهد فرحا ، ابتلع رضاب السعادة الذي حل محل الكلمات المزدحمة . أزالت سلك جهاز رسم القلب من فوق صدره وذراعيه . انطلقت سعادتها من وجهها كطيور حبيسة ترك لها باب قفصها مفتوحا . أمسكت بورقة رسم القلب الذي أجرته له وهى تطير فرحا . أخفتها وراء ظهرها وهي تداعبه . طلب منها أن تطمئنه علي حبه و .. قلبه . لم تنبس ببنت شفة لكنها وضعتها أمام عينيه ليطمئن بنفسه .
لم تكن نتيجة الرسم مجموعة منحنيات وخطوط كالمعتاد . كانت لوحة تحمل صورة وجهها المليح .