الصوره الثالثه ... لوحة الغرور وخوله ..
كان مغرواراً .. وحُق له الغرور .. رمز للوسامه والرجوله .. ابيض البشره, طويل القامه .. شعره موجٌ من الليالي.. أسودٌ يغطي جنبات وجهه ..
كانت وسامته أحد دعائم غروره المتقد ... كان ناجحاً في حياته .. الجميع يريد التقرب منه و التحدث اليه .. سريع البديه ... حسن اللسان ...
حس الفكاهه البريئه سمة كلماته .. بعيد النظره .. مفعم بالحياة .... كان هو مهند .....
كانت أمه تلح عليه بالزواج ... ضرب من المستحيل أن ترفضه أي عاقله ... لكنه كان يماطل أمه و يتغنى بشبابه ووسامته بكل غرور ... كان يقول ..
أماه ... لم أجدها بعد ... لا أريد أي امرأه ... أنا المهند .. أريد نداً لي في وسامتي و دهائي .. أريد نداً ... لكني لم أجدها بعد .....
خرج يتنزه على ضفاف النهر كعادته ... وبينما هو يمشي اذا بفتاةٍ في الرابعه
أو الخامسه متكئةً على أحد الكراسي .. وكانت مستغرقةً في البكاء ....
أقترب منها .. أبعد يدها عن عيناها بكل رفق .. وسألها ...
كيف يمكن للجمال أن يبكي ؟؟ .. هل أنت تائهة يا جميله ؟
أبعدت يده وعادت للبكاء دون الرد عليه ...
..... يا جميله .. عن كلمةٍ تقولين .. أعطيك بعض الحلوى ... ما رأيك ؟
تبسمت تلقائياً ... و عيناها تبرق بالدموع ....
أسمي خوله ... أضعت الطريق ... وخائفةٌ من تأنيب أختي لو وجدتني ... فجلست
أبكي هنا ......
قاطعها قائلاً ... من يجرؤ على تأنيب أجمل طفله في هذا الحي ؟! ....
ضحكت وقالت ..
أرجوك تعال معي وأبحث عن أختي .. وامنعها من تأنيبي ... و أعطني الحلوى التي وعدت !
تبسم وهز رأسه موافقاً .... وأعطاها الحلوى ...
راح يمشي ممسكاً بيدها في مهمة البحث عن الاخت المؤُنِبه .....
مشيا طويلاً .... أنا مرهقه .. ألا نقف قليلاً؟ .. سألت خوله والاعياء ظاهرٌ أنهك محياها ...
جاوبها قائلاً .. ليس لدينا وقت .. يكاد الظلام يداهمنا ... ما رأيك أن أحملك على كتفي؟ ببراءةٍ مفرطه وافقت والفرح يشع من وجهها ....
حملها وأكمل المشي ... هي تسأله ...
هل لديك أخوه أو أخوات ؟ ... جاوبها
انا وحيد أهلي ... لكن لا أمانع بأخت صغيره أن كانت بعذوبتك ... ما رأيك أن تكوني أختي ؟
ضحكت وقالت موافقه .. بشرط .. أن تعد بعدم تأنيبي!!
ضحك هو الاخر ووافق على شرطها .....
أكملا الحديث المرح إلى أن نامت خوله على كتفيه ...
مشى ومشى ألى أن شد انتباهه منظر امرأة في مقتبل العمر ... تجوب المنتزه تسأل الناس .. بدت مهمومه و مظطربه ...
انطلق اليها مهند ...
هل تبحثين عن خوله ؟ .. سألها متبسماً ...
شردت الكلمات عن لسانها و كانت في حالة من العجب و الارتياح لعثورها على أختها ...
نن .. نعم .. هي أختي ... ولي أكثر من الساعتين أجوب المكان بحثاً عنها .... هل سببت لك الأذى أو أزعجتك ؟ ...
أزعجتني ؟! أكاد أخطفها و اجعلها أختي اللتي لم تلدها أمي .. جميلةٌ أختك .. مرحه و بريئه ...
تبسمت وقالت ...
كيف عرفت أني أختها من بين جميع النسوه ؟ ... أجابها بمكر ..
لم أجد أمرأه بجمال خوله ... الا أنتِ ..
أجابت بخجل ... شكراً لك،
أعطاها الطفله وقال ...
قطعت وعداً لأختك بأن لا تأنبيها .... هل تفين بوعدي لها ؟ ...
ضحكت وقالت .. نجت هذه المره ...
هم الأثنين بالرحيل .. لكن قبل ذلك .. سألها مهند ...
هل يا ترى ... وجدو لك إسماً يليق بجمالك ؟ .. أم تركوك بلا اسم .. و كان الجمال يتسمى بك ؟ .. أحمرت أوداجها خجلاً من اطرائه المفاجيء .. وجاوبت ..
أنا ... أسماء ..
... ظلموك يا أسماء ... فليس بجمال أعينك .... أما أنا فأسمي مهند ... ناديني المهند ... شكراً على هذه المحادثه القصيره ... لا تأنبي خوله ! و عمتي مساءً ..
ذهب في طريقه الى البيت كأن شيئاً لم يحصل ... أو خيل له كذلك ....
مرت الأيام ... وكان قد غير مقياس الجمال فكانت أسماء هي الأجمل ...
بعينيها البرآقتين ..
وشعرها المنسدل على أكتافها كالحرير ...
و صوتها الانوثي الرقيق ..
و أدبهاا في الكلام والبعد عن التكلف ....
أصبحت لا تفارق خياله ... صورتها معلقه في عينيه .. يحاول عبثاً النسيان ...
مغرور أنت يا مهند .... مغرور لكنك أُصبت في مقتل ......
مع مرور الأيام .. أصبحت أسماء .. شغله الشاغل ... أصبح شارد الذهن .. مشتت التفكير ... لا يعرف ماهو فيه وما يمر به ...
ليس حباً ... أكاد لا أعرفها على الاطلاق .... ! هو إعجابٌ اذاً!
يمنعه الغرور من الاعتراف بغير ذلك .....
طفح الكيل .... أراد رؤيتها مرةً أخرى ... لكن كيف يراها ؟ .. هو لا يعرف الا اسمها ... يفكر و يفكر بلا جدوى .....
راح يسترجع كلام خوله وأسماء .. تذكر أن خولة ذكرت أنها تأتي مع أختها الى المنتزه بشكل مستمر ..
من يومها أصبح مرابطاً في المنتزه يبحث عن أسماء .....
يومان, ثلاثه ... أحس بالملل و الغباء ... لكنه لم يزل يحضر بأستمرار ...
في اليوم السابع بينما هو مستغرق في بحثه .. وجد أسماء وخوله !!
أحس بالفزع والفرح .. لا يعرف كيف يتقدم اليهم .. لا يعرف كيف يبدأ الحوار ...
أصابه التردد ... لم يكن معتاداً على هذا الشعور ...
كالعاده يأتي غروره ليحركه ...
أخذ نفساً عميقاً و انطلق إليهم ....
يقترب ويقترب .... و تزداد ضربات قلبه سرعه ...
وصل إليهم و حانت ساعة الصفر ....
صرخت خوله ... مــــــــــهــــــــــنـــــــــد!!
اختصرت الصرخة المسافات و ازالت التردد في نفسه ...
أقترب منهم .. وتظاهر بالاعياء ....
مابال وجهك شاحب يا مهند ؟!
أنا مرهق ... لم أذق للنوم طعما منذ أسبوع ...
هل أنت بخير ..؟
....... لست بخير على الاطلاق يا اسماء ...
متعب و ارهقني التفكير و أرق منامي ...
أكمل مسرحيته وقال ..
هل تساعديني للوصول لهذا الكرسي؟ ... أقدامي لا تكاد تحملني ..
أخذت بيده .. و أجلسته على الكرسي ...
في الوقت ذاته ذهبت خوله لتلعب بالأرجوحة المجاوره للكرسي ...
أصبح هو وأسماء على الكرسي ... وخوله تلعب بعيداً ....
لدي أعتراف يا أسماء ....
هات ما عندك ...
أنا لست مرهقاً ولا متعباً ... جسدياً على الأقل ...
........... مابالك اذاً؟ ..
تفكيري مشوش و ذهني مشغول ... وأنت السبب ...
................................... كيف ذلك ؟!
لا أعلم ... منذ لقائنا الاسبوع الفائت .. وأنا أجوب المكان بحثاً عنك ..
لا أعرف السبب ... أحتجتك لرؤيتك مرةً أخرى ...
................................................
أنا أعرف أنه من المفترض أن لا أقدم على فعل كهذا .... لا مبرر لكذبي ... لكن ... لم أعرف كيف أبدأ حوراً معك ....
افتقدك وجهك الجميل ....
.................................................
مالك لا تردين .... ؟ يكفي شعوري بالذنب لكذبي ... لا تزيديه بسكوتك ... أرجوك ..
لا أعرف ماذا على القول .... فاجأتني بكلامك .....
أنا معلق بك .. هو جنون أعلم ذلك ... لكن ما بيدي حيله ...
لا أعرف ما يجب أن أقول ..
هل أتحدث عن جمالك ؟ .. أم كيف أصبحت أسيراً لعيناك ... ؟ أم كيف خلقت لنفسي عالماً آخر .. لا يسكنه الا أنت .... ؟ ....
ذهني شارد .. هائم بك ... قلبي مـ.....
أنا آسف ... أخذني الكلام على غفله ... أنا ... آسف
... أرجوك أكمل
... هل لي أن أراك بأستمرار ؟ ....
لا أعلم ... لا أعرف عنك الا اسمك ... واهلي يتسمون بالصرامه في هذه الأمور ...
... أعلمي يا أسماء .. أني لا أقصد سوءً بك ... نيتي شريفه .. و مبتغاي طاهر ....
أنا أحب النظر إليك .. أحب سماع صوتك ارنان ... أحب كل مافيك .. أحب....
أحبك ؟؟.....
نهاية الصوره