في يوم مشرق يدعو لنشاط خرج خالد ليمارس هوايته المفضلة ألا وهي صيد السمك فركب زورقه الصغير وأخذ يشق طريقه في البحر ويتوغل شيء فشيء حيث كان الجو هادئ والسماء صافيه والهدوء يسود أنحاء البحر وفجأة هبت العاصفة وتلبدت الغيوم والأمواج تتلاطم يمين وشمال وبدء الضباب الكثيف يحجب الرؤية حتى تاه خالد في البحر ولم يعد يرى شيء ومضى الوقت وهو على هذا الحال وبعد ما تيقن خالد انه هالك لامحا له بدء ينكشف الضباب ويتواري عن الأنظار حتى زال تماماً وارتدت الروح إلي جسد خالد الذي كان يرتجف من شدة الخوف وعاد الهدوء في البحر وفي لمحه من نظر خالد في أطراف البحر فإذا به يرى سفينة تكاد تغرق فذهب يدنو منها ودقات قلبه تزيد كلما اقترب حتى وصل وتسلق السفينة حتى صار على متنها وأخذ يتفقد كل أرجاء السفينة وأثناء ذا لك سمع صوت حنون يبكي ويئن فاخذ يتجه نحو الصوت ويقترب فإذا الصوت قادم من غرفه القيادة فلما وصل بدء يفتح الباب برفق فماذا وجد طفل صغير أم عجوز ثكلى لقد وجد فتاة في مقتبل عمرها والدموع تخضب وجنتيها وشعرها الناعم ينساق على كتفيها إلى خصرها وجسمها الذي يغري كل شاب وعيونها الخضر التي يشدك النظر أليها وبياضاً يكاد يبدد ظلام الغرفة فلما رأته تبسمت فرحاً ثم خافت وأخذت خطوة إلى الخلف وقالت من أنت قال لا تخافي فأنا إنسان مثلك جلبني القدر إلى هذه السفينة فقولي لي ما قصتك فقالت لقد كنا مسافرين فهبت العاصفة وغرق كل من كان علي ظهرها إلا أنا فقد نجوت بأعجوبة ولقد كان خالد قد اعجب بها وحبها من أول نظرة وزاد جمالها اسمها الذي يسهل بلفظه السان وترتاح
بسمعه الآذان آلا وهو أسماء ولاكن لم تسمح الظروف بان يصارحها بما في قلبه واتفقا علي أن يصلحا السفينة لينجوا من أهوال البحر حيث أن الزورق الذي تركه بعد صعوده السفينة قد ذهبت به الأمواج بعيداً وأخذا كلاهما يصلح الثقب الذي في السفينة بجد ونظرات خالد تسترق أسماء بين الحين والآخر وبينما هم منهمكين في العمل حل بهم الظلام فلم يقدرا على رؤية شيء فذهبا لنوم فقرر خالد عدم النوم معها في غرفة واحدة لأنه كان خجول ولاكن أسماء كانت قد تعلقت بخالد و أحبته فلم توافقه فقد أصرت أن ينام معها في غرفة واحدة ولا كنه نام على الأرض وهي علي السرير وبعد فترة لم تكن طويلة لم تقدر أسماء على النوم فأي قضت خالد الذي لم يكن نائم وطلبة منه أن ينام معها على السرير ولا كنه اتجه إلى جهة مخالفه لها ولما مضى وقت لم يكن بالكثير فإذا بها تقترب منه وتضمه إلى صدرها الحنون فمكان من خالد إلا أن قبلها وكلمات الحب تتناثر منهما ومضى نصف الليل وهم في بحر الغرام يضم كل منهم الآخر بشدة حتى دخلوا في نوم عميق ولم يستيقظوا إلا بنور الشمس الذي كان حارقاً ثم ذهبوا لا كمال ما تبقى من العمل وتم إصلاح السفينة والفرحة تشرق من الوجوه والابتسامات المتبادلة تحكي عن حروف وقام خالد بالبحار وأسماء تضع يدها على كتف خالد وتتأمل خالد الذي كان وسيماً وبينما هم على ذا لك يداعب كل منهم الأخر بكلمات وحركات جميلة تفوق الخيال فإذا بالغيوم تتلبد من جديد وتهب العاصفة التي كانت قوية وخالد يحاول السيطرة على مقود السفينة ولاكن دون جدوى وأيقنا أنه الهلاك لامحا له فاخذ خالد بيد أسماء إلى إحدى زوايا السفينة وضمها بقوه وهو يطمئنها وأسماء تضع رأسها على صدر خالد وهي تشعر بالأمان فأقبلت العاصفة بموجة كبيرة واعتلت السفينة وغمرتها
وبعد ما زالت الموجة كان خالد لوحده فلم يجد أسماء واختفت عن ناظره فقام يبحث عنها هنا وهناك وهو يبكي وينادي ولاكن دون من يجيب وبعد هدوء العاصفة علم انه لا أمل وسقط على ركبتيه والدموع تبلل خديه ثم سمع صوتاً ينادي ولم يصدق سمعه حتى رائها بعينه فأقبلت تسعى وارتمت في حضنه وقبلها وعانقها عناقاً حاراً حيث إنها لم تسقط في البحر لتعلقها بحبل كان يتدلى من السفينة وأخذها إلى داخل السفينة وانزلوا ملابسهم المبللة فلم يكن معهم غيرها وناما في فراش واحد وهم يتغطون ويفئ كل منهم الأخر وحل الظلام وقضوا ليلهم في رقص ومجون وظهر الفجر وعندما ظهروا على السفينة فإذا هم يرون اليابسة ففرحوا حيث النجاة من أهوال البحر وعندما رست السفينة نزلا منها وسط زحمة الناس المهنئين بالسلامة وبعد تهنئة الحشود التفت يبحث عن أسماء فلم يجدها سئل الحضور ولاكن لا أحد يعلم لها طريق فاسودت الدنيا في عينيه و شغلت الحيرة تفكيره ومضى وهو يردد :
يا ويلي من الهجران يا ويلي
غرق من دموع الشوق منديلي
يغيب القمر واقف على حيلي
سـبب علةً ما حـد يداويهـا