للعالم ابن قدامة المقدسي فقد قال رحمه الله :
ينبغي ( للوالد ) أن يصونه ويؤدبه ( يقصد الصبي ) ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق ويحفظه من قرناء السوء ، ولا يعوده التنعم ولا يحبب إليه أسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها إذا كبر فإذا بدت فيه مخايل التمييز وأولها (الحياء) ذلك علامة النجابة وهي مبشرة بكمال العقل عند البلوغ ، فهذا يستعان على تأديبه بحيائه وأول ما يغلب عليه من الصفات : شره الطعام فينبغي أن يعلم آداب الأكل .. ويقبح عنده كثرة الأكل بأن يشبه كثير الأكل بالبهائم .. ويمنعه من مخالطة الصبيان الذين عودوا التنعم ، ثم يشغله في المكتب بتعلم القرآن والحديث وأحاديث الأخيار ليغرس في قلبه حب الصالحين ولا يحفظ من الأشعار التي فيها ذكر العشق ومتى ظهر من الصبي خلق جميل وفعل محمود ، فينبغي أن يكرم عليه ، ويجازي بما يفرح به ، ويمدح بين أظهر الناس ، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال تغوفل عنه ولا يكاشف ، فإن عاد عوتب سراً وخوف من إطلاع الناس عليه . ولا يكثر عليه العتاب لأن ذلك يهون عليه سماع الملامة ، وليكن حافظاً هيبة الكلام معه .
وينبغي للأم أن تخوفه بالأب ، وينبغي أن يمنع النوم نهاراً ، فإنه يورث الكسل ، ولا يمنع النوم ليلاً ، ولكنه يمنع الفرش الوطيئة لتتصلب أعضاؤه ، ويعود الخشونة في المفرش والملبس والمطعم ، ويعود المشي . ويمنع أن يفتخر على أقرانه بشيء مما يملكه أبواه ، إن بمطعمه أو ملبسه ويعود التواضع والإكرام لمن يعاشره ويمنع أن يأخذ دناءة ، وأن الرفعة في الإعطاء ويعود ألا يبصق في مجلسه ، ولا يتمخط ولا يتثاءب بحضرة غيره ، ولا يضع رجلاً على رجل ، ويمنع من كثرة الكلام ، ويعود ألا يتكلم إلا جواباً وأن يحسن الإستماع إذا تكلم غيره ممن هو أكبر منه . ويمنع من فحش الكلام ، ومن مخالطة من يفعل ذلك ، فإن أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء . ويحسن أن يفسح له بعد خروجه من المكتب في لعب جميل ، ليستريح به من تعب التدريب .
كما قيل : ( رَوح القلوب مع الذكر ) وينبغي أن يعلم طاعة والديه ومعلمه وتعظيمهم ، وإذا بلغ سبع سنين أمر بالصلاة ولم يسامح في ترك الطهارة ليتعود ، ويخوف من الكذب والخيانة .انتهى كلامه رحمه الله .
======================================
[gl]مـــــــــع تحيات/ مــــــــحمد 2003[/gl]