عندما تسير شمس ذكراك الهوينا ،منصرفةً إلى حديقة الذكريات الجميلة ، فيما غيرك قد تكون ذكراه تشيع لمقبرة مظلمة موحشة ..أقول : فيما هو الموكب كذلك .. تحمل علينا ذكراك حينها ثاقل وطأتها ، ودقيق تفاصيلها ، تذكرنا بما كان حياةً حالمة ، وفيما كان ثقةً ببقاء أبدي ، وحلم رومانسي ، وتلك الليالي القصيرة بمعيتك ، الخارجة عن حساب الزمن ،وأشكال الدهر ، والمختفية خلف أبواب الأحلام الجميلة ، والمختلطة بتلك المشاعر الغير مترجمة حرفاً ، والمقروءة قلباً بأن ليس لما نرى إلا حرفان تعانقا فصارا " حب " !! .
أقول .. في هذا الخضم من الذكرى تقفز الأبيات، وتتطاير المشاعر تهذي بما قد أحسه غيرنا من قبل حين ابتدع :
وقد نكون وما يخشى تفرقنا *** فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا
فيطيش العقل ، ويضطرب الشعور ، وينعدم التوازن ، في كيان اسمه " جنائن روح " .
وهنا وبعد "هنا" بقليل .. يغلب السخاء التساخي ، والصدق التصادق ، فيجود الحرف بكفنٍ يليق بتلك الفترة الممتعة من شباب حرفينا .. ليصرخ مزهواً بما قال وأنشد :
لئن طاب المدح فيك حياً *** لعمري اليوم قد ازدان الرثاء .
فلئن حفظنا سابق خمر هواك في صدفات القلب ، فها نحن نحفظ جسد ذكراك في حنوط الرثاء .
فأنت في الحالين شمس ، ولا نرضى لك أصلاً إلا أن تكون شمساً ، ولا ترضى روحك المشرقة إلا كذلك !!
إن الذي يجعل حرفي يجيش ، وقلبي يطمئن ، ولساني يتفاصح ، هو أنك في كل الأحوال ستظل ملهماً لحرفي ، مؤنساً لنفسي ، كيف لا والرثاء مؤنسٌ كالغزل !!
عزيزتي .. لئن تماجن الحرف فيما مضى بيننا فلأنه : الغزل . ولئن تدامع فيما بقي فلأنه : الرثاء !!
وفي الرثاء والغزل قالت العرب ألذَّ قول وأحلاه !!
إذاً معك وبك ولك لن نعدم أجمل المشاعر وأعذبها " فأين مثلك أينا"!!
فهنيئاً لي بمثلك .. وهنيئاً لي بحضورك .. وهنيئاً لي بغيابك .. هنيئاً بوصلك .. هنيئاً بجفاك .. هنيئاً بمصافحة لقاك .. هنيئاً بتلويحة وداعك .
وصدق من وصف حالي معك قبل 1000عام فقال :
أنت النعيم لقلبي والعذاب له فما أمرك في قلبي أحلاك
العرض الشجري
