صور من ذكرياتي.
حين تتمايل الأمواج
تتجه نحو الشاطئ
كأميرات أسطوريات
يعزفن على قيثاراتهن
أنغاماً منسية…لعاشقَين…
يرنّمنها بجوقات جميلة…
ويداعبن الرمال…
يرسمن مع عطرها…
بأناملهنّ البيضاء…
صوراً لذكرياتهما…
فوق وطن منسي هو وطني
عند ريف مجهول أسمّيه قريتي…
لفتاة أسميها دوما حبيبتي…
* * *
(عند الحقول)
عندما يلامس رفيف الفراشات وجنتي
تحط غير خائفة…على شعري
وتهرب لترفَّ بعيداً
بعد أن تخيفيها شقيتي…
وصدى ضحكاتك
يملأ السهل…
وأنت تلاحقينها…
ثم تصمتين فجأة…
وأتوجّس خيفة…
أنبذ هدوء قيلولتي
عند الأعشاب
وأقوم لأبحث عنك
مناديا باسمك
فأجدك طفلة صغيرة
بخفر الأميرات…بين السنابل تتبخترين
بباقات من سوسن وشقائق النعمان
نحوي مبتسمة تتقدمين
تهدينيها…
وابتسم لأكلّلك بها
وأنثرها عند شعرك أميرة
تقفز فرحة بي
كالأرانب الصغيرة الناعمة
* * *
(عند الشروق)
عندما يستأذن ضوع الياسمين
الشمس قبيل إشراقها
ويطير كما العصافير نحو غرفتي
يسابق أميرتي ليوقظني
قبل ابتسامتها
فيفوح يقترب برفق يوقظني
كابتسامتك
وزهور الياسمين بين راحتيك
تنثريها عند وسادتي
وبصوت ساحر آسر عذب تهمسين بأذني:
استيقظ لقد أشرقت الشمس و أنت لم تستيقظ بعد
فابسم متدللا …ثم أغمض عيني
أعلن رفضي الاستيقاظ
فتغضبين مني …وتغادرين غرفتي قائلة:
أنت حر …شأنك…
لتعودي إلي بعد دقائق معدودات
بفنجان قهوتي
وابتسامتك التي احبها…
* * *
(عند المساء)
وقتما كان القمر يحضن
النجوم
يحنو عليهن عطف الوالد لطفله الصغير
وينشر فوق التلال البعيدة
قناديله ينير بها للحطابين
دروب الغابة
ويحرس بنورها الأغنام وراعيها
من غدر الظلام والذئاب
يناغشني نوره الفضي
من هناك
وفنجان الشاي لجانبي
فوق شرفتي
جالسا متأملا عودهم بعيد العشاء
أصغي لثغاء الماعز والأغنام
ولزجل الراعي الجبلي المميز
وللحطابين ينادون بعضهم بعضاً
والقمر في السماء مبتسما
يطل بخفر ويسير مسرورا
يزين أشجار السرو
بنوره الفضي
في غمرة سكوني وهدوئي
مع نسيم خفيف البرودة يدغدغني
يبلسم توتر أعصابي
تأتين أنتِ
كمشاغبة رقيقة
تغمضين عيني بأناملك الناعمة الصغيرة
وبدلال معهود تسألين:
من أكون
برفق أنزعهما كفيك
نحو النجوم الزاهية
أشير لك قائلا:
إنهن لاشي
أنتِ في ذكرياتي…
في حياتي…
كل شيء
أنت نجمتي التي دوما تبث
السلام لروحي
الدفء بين خفاياي
والأمان لداخلي
* * *