هاأنذا أعيش على هامش هذه الحياة ، أتخبط ما بين المنزل والمكتب في هذه البلدة الكبيرة ، أبحث عن شيء أتشبّث به ، أو عن أي أمل ينير ليس درب حياتي ، أو ربّما كنت أبحث عن هدف أعيش لأجله ، أو عن مبرر يعطيني معنى وجودي في هذه الحياة .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ربما كانت هذه المدينة الكبيرة ساحة منيرة ألقي عليها بظلام الفؤاد ، أو كانت كبحر من السلام أغمس فيه روحي لأنتشي بأناشيد بعيدة ، ترتلها أصوات عذبة يسمعها العالم ولا يفقه منها شيئاً ، لأني أشعر بأني بعيد وربما كنت وحيد .. وحيد .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ربما كانت كلماتي هذه من وحي معاناة أعيشها ، والتي تجري أحداثها في نفسي ، حيث غربة الروح كما هي الحال تزداد في نفسي هذه الغربة يوماً بعد يوم .ربما كانت هذه المعاناة نابعة من قضية عاطفية ، أو كانت غرامية أو كانت اجتماعية ، ولكن في آخرالطريق نعلم أنها جاءت من بوابة البحث عن الذات .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ربما كانت كلمات هذه الورقة والتي رسمتها من وحي الحرمان نابضة بالصدق المؤلم ، والحقيقة الجارحة ، لواقع أعيشه وأقرب الناس لي يغطون أعينهم كي لا يروا هذا الواقع ، ولا يجرؤ إلا القليل بالتعبير عنه ، في الوقت الذي لا يجرؤ أحد من الناس للوقوف معي هذه المأساة .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أحببت أن أحمل هذه المعاناة من القلب إلى القلم إلى الورقة ، لعلّ هذه الكلمات تفعل شيئاً .. أي شيء .. أقول لعلّها ، فأنا أعيش بروح الأمل بالله سبحانه وتعالى ، وبنور الإيمان الذي يحي النفوس والقلوب
ولو بعد حين . فحينما يكون السهر على همّ الحرمان في الليل الطويل والبارد في نفس الوقت ، ربّما ولّد في نفسي آهات حزينة ، يهطل عليها اليأس من كل جانب ، فيسري الحزن في دمائي وأوصالي حتى يصبح
لغتي اليومية التي لا ترى إلاّ في عيوني .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ربما كان الحرمان الذي أثقلني قد شكّل أمامي أو بالأحرى في نفسي حزنا وألما يجرحان كل ذرة من ذرات النفس ، وكانت سحابة الهم والتي تهطل علي بالحزن كل ليلة على قلبي ، أصبحت تتنوع في قطرات الحزن ، فكانت تسقط الملل من نفسي ساعة ، والضجر من هذه الحياة ساعة أخرى ، وكل هذه القطرات تحت مظلة ليل طويل وكئيب .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
هكذا هي أيامي التي أعيشها تمر مرورا بطيئا وخاويا ، والحزن يتساقط على النفس من كل الجهات كتساقط الأوراق اليابسة على الطرقات المقفرة ، أجل هكذا تمر فصول أيامي تهب عليها الرياح من كل جانب ـ وتمر
من خلالها طيور مهاجرة ، وتتساقط أوراق الخريف ، حينها تهب الغيوم على قلبي لتمطر أحزانا في النفس لا تنقطع .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تمر أيام ، وترحل أيام ، وسنوات تمضي ، وسنوات ستأتي ، وصور من الآلام والحسرات تتشكل في لوحات من العذاب واليأس ساعة ، والخوف والتردد ساعة أخرى ، وبعد ذلك .. أصبح في فوهة الانتظار لأيام بل ولسنوات عديدة .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ربما كانت حياتي هذه رحلة من العذاب ، أو ربما كانت قصة مأساة ، وها أنذا أعيش هم البحث عن هويتي ، وهم الحرمان الذي يغلبني ويخالجني بالخوف والعجز والاضطراب ، ربما كانت غربة بالإحباط ، وربما غسلتها الدموع ألا وهي دموع اليأس لتنتهي بإحباط مؤلم وعنيف .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
لقد عشت سنوات طويلة ، تحت سقف الهموم الحزينة ، لتنتهي بي إلى سراب مؤلم ، وربما كنت أحمل في داخلي مشاعر نبيلة كالأزهار ، لكن سرعان ما تذبل هذه الأزهار أمام أعاصير الهموم القاسية ، ولكن أوراق هذه الأزهار ما زالت تنبض حية بالأمل مرة ، وبالإيمان بالله سبحانه وتعالى مرات ومرات عديدة .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ربما كانت هذه الكتابة من عواطف ملتهبة ، لكنها نابعة من معاناة حقيقية ، أو ربما كان حرمانا قد أوقف قدماي عن الحركة ، ولن أنسى ما حييت حينما جئت إلى مكتب عمي ، لأسلمه شهادة نجاحي مع شهادة التفوق بمرتبة الإمتياز، حينما نظر إليها فرماها بعيدا عنه وقال لي : الشهادة ليست كل شيء في الحياة .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
لقد تفوقت على زملائي ، وتفوقت في دراستي ، وها أنا ولله الحمد لا زلت أتفوق في عملي ، ولكني لا أريد أن أتفوق ، بل أريد أن أبدع في كل شيء ، وإذا أبدعت في بعض المجالات، لماذا لا يشهد العالم بإبداعي ؟ فلو شهد على إبداع قد وفقني الله فيه ، فمعنى ذلك أنه ساعدني في إيجاد بعض من هويتي .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
هويتي قد ضاعت ، ولم أجد لها سبيل ، هويتي قد تاهت ، وقد ضاع الدليل ، ولكن هويتي لن تموت، لأني سأجدها حينما أجد تلك الشمس ، لترسم وجودي في أشعتها ، ليشهد ويعترف هذا الوجود بكل إبداع صنعته ، لأنشد الفخر في جوانح كياني ، وأرشف النجاح على هامات القمم .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نعم هذه هي هويتي المؤلمة ، التي لم يعترف العالم بها ، ولكني سأجبر العالم يوما بالإعتراف بها .
حينما أجد شمس لورانس .. التي ستشرق على حياتي في أحد الأيام ، عندها .. سأتحدى العالم بأجمعه ، فالشمس في قلبي ، والقلم في يدي ، لأرسم جمالها في قلوبهم ، وأنحت أشعتها على صدري ، لأسكنها في قلبي ، وحتى لو خسرت العالم .. فيكفيني فخرا غرام تلك الشمس في قلبي ، يكفيني الفوز بشموخها ، والظفر بكبرياءها ، ولكن .. أين تلك الشمس ، وإلى متى كل هذا البعد .. وإلى متى وانا أبحث عنها .. فهل هي التي تبتعد عني ! أم أنا من أبتعد عنها ..
ولا زال البحث جاريا عن هويتي !
مع أطيب تمنياتي
بــلا هـــــوية