[c]السفه نقيض الحلم ، وهو سرعة الغضب ، والطيش من الأمور اليسيرة ، والمسارعة للبطش ، في العقوبة ، والسب الفاحش .[/c]
[c]ومما لا شك والإسراع فيه أن أساس هذا كله هو خفة العقل ونقصانه .[/c]
[c]أما كونه في الأمور الدينية والأخروية فدل عليه قول الله تعالى : (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً)(الجـن:4) .[/c]
[c]وقوله عز وجل : (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(البقرة:142) .[/c]
[c]والمراد بالسفهاء هنا - كما أفاده السُّدِّيُّ - رحمه الله تعالى - : الكفار ، والمنافقون ، واليهود .[/c]
[c]أما الكفار ، فقالوا لما حُولت القبلة : رجع محمد إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا ، فإنه علم أنا على الحق .[/c]
[c]وأما أهل النفاق فقالوا : إن كان أولاً على الحق فالذي انتقل إليه باطل ، وكذلك العكس .[/c]
[c]وأما اليهود فقالوا : خالف قبلة الأنبياء ، ولو كان نبيـًا لما خالف .[/c]
[c]ولا شك أن هذه المقولات دالة على سفاهة أصحابها ، وقلة عقولهم ؛ إذ غفلوا عن تصريف الله لأمور عباده كيف يشاء ، وأن له سبحانه المشرق والمغرب ، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .[/c]
[c]فالسفيه في هذا الجانب هو إنسانٌ رديء الفهم ، سريع الذنب ، خدعه شيطانه فجعله أسير الطغيان ، دائم العصيان ، أعاذنا الله من حاله .[/c]
[c]ولهذا بيَّن الله تعالى سفاهة هؤلاء حين دعوا إلى الإيمان فقالوا : (أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ) ، فقال الله عز وجل : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ)(البقرة: 13) .[/c]
[c]إذ لو كانوا أصحاب عقل راجح ، ورأي سديد لعلموا أن ما دُعوا إليه هو الحق .[/c]
[c]وأما السفاهة في الأمور الدنيوية فهي قلة التدبير وفساد الرأي والعمل نجلاف مقتضى العقل ، ومن ذلك إنفاق السفيه ماله فيما لا ينبغي من وجوه التبذير ، وعجزه عن إصلاحه والتصرف فيه بالتدبير .[/c]
[c]ولهذا نهى الله تعالى عن إعطاء هذا الصنف الأموال يعبث بها كيف شاء ، ويبددها على غير الوجه المقبول شرعـًا وعقلاً .. قال تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً)(النساء: 5) [/c]
[c]ويوم يتصدر السفهاء ويتكلمون باسم الأمة فقد أتت على الناس الأزمنة التي حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - منها : ((إنها ستأتي على الناس سنون خدَّاعة ، يُصَدَّق فيها الكاذب ، ويكذَّب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل : وما الرُّوبيضة ؟ قال : السفيه يتكلم في أمر العامة))(رواه ابن ماجة ، وأحمد واللفظ له ، وقال الشيخ شاكر - رحمه الله - : إسناده صحيح) [/c]
[c]إن أفضل السُّبل مع السفيه هو اجتنابه وعدم مخالطته أصلاً ، ومن ابتلي بأحدهم فليحلم عليه ، قال عمير بن خماشة يوصي بنيه : " بَنِيَّ إياكم ومجالسة السفهاء ؛ فإن مجالستهم داء ، من يحلم عن السفيه يُسَر ، ومن يُجبْه يندمْ ، ومن لا يرضى بالقليل مما يأتي به السفيه يرضى بالكثير " .[/c]
[c]وقال الشافعي - رحمه الله تعالى - :[/c]
[c]يخاطبني السفيه بكل قُبْحٍ فأكره أن أكون له مجيبـًا[/c]
[c]يَزيد سفاهة فأزيد حِلْمـًا كَعُودٍ زاده الإحراقُ طِيبـًا[/c]
[c]وقانا الله تعالى شر السفاهة وأهلها .[/c]