العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 25-03-2005, 01:10 PM   رقم المشاركة : 1
لورانس
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية لورانس
 






لورانس غير متصل

عــزف قيثــارة لـورانس

حملت القلم ، ونظرت إلى حبره ، فقمت بقياس الحبر على مستوى الكلمات ، لتنساب الحروف المتناغمة على مائدة الفكر الموسيقي ، لتكون أوتار هذا القلم حرف يتلوه حرف وكلمة تصنع نغمة من نغمات الكلمات ، وكأنها سيمفونية لأبجدية حروف الموسيقى على ورقة نوتة ألحاني ، لعل وعسى أن تكون هذه المعزوفة آية في المتعة ، وغاية في الحسن ، حتى تكون أنشودة عذبة على الشفاة ، لتكون أجمل من الهدية ، وأثمن من العطية .
- - - - - - - - - - - - - - - - -
عزفت بالقلم نغمات من أوتار الحروف ، فانساقت الكلمات من القلب ، ليحيط بها مناخ العقل ، فتتبدّل على حسب طقوس المعاناة التي عايشتني ، فكان الحرف الأول نغمة والثاني كلمة، ومن بعدها بدأت معزوفة الأحرف تنساب عبر فصول حياتي ، لأن حبالي قد تقطعت ، وآمالي قد تمزقت ، وطموحاتي قد ضاقت ، ولكن يبقى للكلمات إشراقها ، وللجملة الأدبية جزالتها ، وكأني احمل قلم معزوفتي لأفصّل ثوبا زاهيا على مقاس همتي .
- - - - - - - - - - - - - - - - - -
ألبست الحروف بأوتار قلمي حللا جميلة ، تسترها في بهاء التصوير ، لتظهر لبسها في زهاء فاتن ، برشاقة في المظهر ، وهذا غاية الجمال ، لأني لا أريدها حروفا جميلة فحسب ، بل لأنها من عزف قلمي وأريد لها حضورها المشرق ، وطلّتها البهية في عقول البشر ، لأني أغذي كلماتي بالتأمل الدقيق ، بفلسفة متواضعة ، لكي تكون لها حلاوة على اللسان ، ونظرة في القلب .
- - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقفت بقلبي أمام الكلمات ، فوجدت نفسي وكأني أريد أن أعزفها لوحة فنية ، هائمة في العقول ، لأعزف حروفا يلبسها الدهر ، لكي أتدبر المعاني ، بعقل شاعر فنان ، يعزف بقلمه ألحان قلوب مبعثرة، في وسط أشواق منتحرة .
- - - - - - - - - - - - - - - - -
ألبست قلمي الشفافية في عزفه ، لكي يتوج أنغام كلماته بروح متألقة لا تعرف اليأس ، ليثبت لي قوة أسره ، ومعرفته بأسرار ما وراء الصدور ، لأن قلمي يبحث عن جمال العبارة وخصوبة الخيال الذي فقده عازفه ، ليبحث عن روعة التعبير ، فأنغامه حاضرة ، وعزفه شاهد على ما عزف من كلمات باقية .
- - - - - - - - - - - - - - - - -
عزفت الحروف ، بكلمات متناسقة ومتباعدة ، لأن عازفها له تجربة شخصية في حياة المتاعب والعواصف ، ولكن ربما تمطر علي هذه النغمات بسحر جذاب ، من كتاب مليء بالعذاب ، موسيقى تقهرني كلما سمعتها ، لأن أصدقائي لم يحتفلوا بعزفي ، وزماني لم يساعدني ، وحسادي لم يتركوني ، لأنهم يعرفون بان لـورانس ليس نسخة مكررة ليأتوا بمثلي ، فهم يعرفون أن لـورانس لا يؤمن بالمهادنة ويكره التروي ويحتقر الانتظار .
- - - - - - - - - - - - - - - - -
أعلم تمام العلم من خلال سماعكم لعزفي المنفرد على هذا القلم ، والذي سأكسره بعد لحظات ، أعلم أنكم ربما تتهموني بالغرور ، على حساب نفسي ، ولكن تذكروا إنني مؤمن تمام الإيمان بأني لست طاغيا في عزف بياني ، ولا وحيد في هذا الدهر ، ولكني إمام على نفسي ـ فنان بمشاعري ، عازف بقلمي ألحان بموسيقى حرفية ، تصنع من الكلمة نغمات على وجه هذا الزمان الباهت ، لأني في كل يوم أجد تحديا سافرا من هذا الزمن الغبي ، وظلما قاهرا من الدهر الموجع لهمّتي ، فأثور عليه بقلمي ، علّني أطرب نفسي بانتصارات وهمية لا تعرف الحقيقة ، ولا الواقع يعرفها .
- - - - - - - - - - - - - - - - -
مللت من قلمي ، كنت أعتقد أن له عزف خلاّب ، وسحر جذاب ، ولم أتوقع أنه فاتن كذاب ، لذا سأعدمه بعيدا عنكم ، لعل وعسى أن يجف فكري ، وتذبل كلماتي ، وتنتحر حروفي ، لأدفنها هي وقلمي في مقبرة النسيان ، لأن كل هذا العزف ما هو إلاّ كذبة قد صدقتها ، حينما تصورت أنه سيساعدني في إيجاد ذاتي .
- - - - - - - - - - - - - - - -
تعبت من مقارعة الخصوم ، ومللت من حرب النجوم ، لأني أرفض الاستسلام ، ولكني أحب السلام ، ومع ذلك فخصومي أصبحوا مثل أعدائي ، لأني متعب نفسي في مباراة التحدي ، فأنا أعرف طرق الصدارة ، ولن ولا أرضى بالأقل ، أو القناعة ببعض من المجد ، وكأن الأعداء يتصدقون علي ، بل لا بد من المجد كله ، والكمال بأجمعه ، لأني أعرف أنني مغرور بهمّتي ، لا أريد أن يشاطرني فيها لا عدوا ولا حبيب ، لأن كل من يفرض علي همته مشاركتي في همّتي فسوف يبوء بإثمه ، ويشرب كأس ندمه ، لأني ملك على نفسي ، فأنا مطيع لكل ما تأمرني به همتي ! ألى وهي تلك الشمس التي سأجدها على أصقاع الفكر ، لتقتل غربتي مع نفسي .
- - - - - - - - - - - - - - -
سماء النجاح لا تهمني ، لأني قد وصلت إليها حينما تفوقت في دراستي ، ومراكب النجومية لا يأبه بها قلبي ، لأني مغامر عبر تاريخ لا يهمني ، ومحلّق في البحث عن همّتي ، لكي أتدارك الوصول إليها ، وسوف أصل بكل ما أوتيت من غرور ، وما صنعت لنفسي من غضب ثائر ، وكأنه صراخ نادم ، مثل أسير في قيده ، لا ينفعه الغضب من هذا القيد .
- - - - - - - - - - - - - -
ها قد أسمعتكم بعضا من عزف القلم المنفرد على الكلمات ، فأنتم هواة جمال الكلمة ، ونصاعة القول ، وصناعة الحرف ،وحاسة الحروف السادسة هي رأيكم ، فأنتم ربما تمتعتم بتأثير العزف المشرق لعزف الكلام ، ولكن عزفي ما هو إلا تحليق في سماء همّتي ، فعزفي متواضع جدا أمام أرائكم ، فلا فائدة عندي من عرض تحف العزف المنفرد على نياط مسامعكم إذا كان هذا العزف الذي تسمعونه لم ينل استحسان مسامعكم ، لأنكم أنتم من ذقتم كلماتي ، وشربتم من حروفي ، على مائدة فكري المتمرد على عقلي .
- - - - - - - - - - - - -
والآن قد انتهى العزف المنفرد ، لأتوقف عن كتاباتي ، فآخذ قلمي وأعدمه بعيدا عن فكري ، على أمل أن يجف هذا الفكر ، لأحرق كلماتي ، وأدفن حروفي في مقبرة النسيان ، بعيدا عني ، لأنني قد وقفت عن البحث عن همتي ، لأجعلها هي من تبحث عني ، تلك الشمس الغالية التي ربما ستجدني .
وفي الأخير .. هذا زورقي قد غرق في بحر هذا الزمن ، لأن الدهر خرقه من جميع جوانبه ، لأكسر مجدافي ، وأعدم قلمي ، وأسكت معزوفتي ، وأغرق بعيدا عن همتي .
- - - - - - - - - - - -
أعلم أن منكم أيها القراء الكرام من سيقول عني عبقري مبدع ، ومنكم من سيقول سفيه مغرور ، ومنكم من سيقول فيلسوف بارع ، ومنكم من سيقول متهور مجنون ، ومن سيقول سارق للعقول ، ومن سيقول مسكين ضعيف ، ومن سيقول فنان ماهر ، ومن سيقول أحمق الفكر ، كلها شهادات أفخر بها ، وأعتز لها ، لأنها شهادات أكبر من فكري ، أما الإهانات فهي لا تهمني ، لأنها أصغر من عقلي ، فأنا فقط أرحمها ، ومع كل هذا الفخر والاعتزاز لكل شهادة .. إلاّ أن هذه الشهادات لها طابع خاص في قلبي ، لأنها تساوي شيئا كبيرا أمام بحثي عن همتي ، لماذا : لأني أعرف نفسي جيدا ، فلست بارد المشاعر ، ولا ميت الروح ، ولكني رهيف بإحساسي ، حي بعاطفتي ، جياش بفؤادي ، وتكفيني شهادة نفسي فيني بأني ثائر في سبيل همتي ، طريد لأجل فكرتي ، شريد بين قلبي وغربتي ، للوصول إلى همتي ، وهذه شهادة من فكري إلى عقلي ، لتصدق بعضا من شهاداتكم فيني ، لأن الأقرب من وجهة نظري أنني ربما كنت متهور بكلماتي ، ومجنون بحروفي ، ومغرم بالعزف على قلمي ، لأني لن أنسى أبدا .. أن الإبداع له خلود ، والتفوق له ذيوع ، والتفرد له امتياز .
ولكن ربما أطرب مسامكم عزف أناملي المنفرد على أوتار قلمي !
مع أطيب تمنياتي
أخـوكـم .. لـورانس







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

-اتّفقنَا-
ليس للأغصان من بهجة
دون هذا الطير
ليس للصبح من غرَدٍ
ولا للمساءات من أُلفةٍ
دون هذا الصَّغير
~ كن أيها الطير عندهم .. لتذكرهم بقلم كان بينهم ~

 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:03 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية