أهذه مدينتي من يغسلها المطر ؟
ما لي لا أعرفها .. كأنكِ منها مهاجرة
ما أحوجني إلى جرحٍ في الذاكرة
ونزفِ كل الضمائر الغائبة
التي تسكب رصاصها فوق عيوني
كأنها .. مدينتي ...في حقيبة سفر مسافرة
أهذه مدينتي التي تستيقظ مبللةً بصوتِ فيروز ؟
أم جلطتي الأخيرة
التي نكحت آخر شراييني
وأقفلت نافذة روحي الثائرة
ما أصعب ليلٍ ليس فيه أنتِ
ما أعتم الفجر
ما لم تتمنِ لي فيه النور
من زمن ليس ببعيد
أخبرتكِ عن أمنياتي السافرة
أني أهتم بالدقائق الأخيرة
والكلمات الأخيرة
والشفة التي تتلمس الحروف الأخيرة
وأنت تنسين دوماً
عصافيري الطائرة
أعدُكِ اليوم .. وليس وعد البارحة
وأنا أرقُبُ مدينتي تجفف شعرها من المطر
أني لن أهتم بعد الآن
لا بقمر
لا بشجر
لا بسفر
ولا بأشيائك النافرة
أنتِ يا مدينتي يا وطني يا أنثاي
أيتها السقوف الرافعة أكفها
نحو تراب السماء ... تصلي
تهذي
تشتي
أنا مثلكِ
سأبتلع صمتي
وأستيقظُ لنهارٍ آخر
ربما أبكي قليلاً
ربما أبكي طويلاً
ولكني .. أنا غيم الأرض
ولن ترحل هذه الندوب الغائرة
دعينا نشطب حروف العتب
من مفردات لغتي
وأساومكِ على شطب الأكثر
على كل جمل الحب التي تكرهين
والتي تعرفين
والتي عنها تصمتين
هل أنا أحبكِ ؟
أحقاً أنا أحبكِ ؟
ما زالت مدينتي تنتفض ماطرة
هي مدينتي الماطرة
وتنسى متى كنتُ آخر مرة عاشقَ
وتحوقلُ بسرها
فهي تعرف النهاية دوما
وتتصدعُ كل فراشاتي الزرقا
تنتظر مدينتي تثاؤب أحيائها القديمة
لتمسح عني شخبُ الذاكرة
وأنين الذاكرة
وفقدان الذاكرة
وذكرى الذاكرة
هل أنا أحبكِ
أحقاً أنا أحبكِ ؟
أول السؤال .. والإجابة خائرة
سامحيني أيتها المرأةُ العابرة
لقد قررت رسمكِ
في ظلِ أي موجة حائرة
من أين تبتلع الصباح
وتنفضُ عني بقايا ليلتي الساهرة
ربما سأبكي قليلاً
ربما سأبكي طويلاً
لكن البكاء سينتهي يوماً ما
وأنتِ لم تعرفي
كم من مطرٍ مر فوق مدينتي
ولا الأشجار التي تستحي
لأنها لا تعرفكِ
ولا الشوارع التي تحملُ إسمك
ولا الرصفة التي حفظت خطواتكِ
فلما أستيقظُ ... ؟
والصباح قد هاجر
من مرفأ مدينتي
على أول باخرة .. عابرة .. ماطرة .
أنين الحـرف