المشهورات ينفين عن أزواجهن صفة الغيرة الزوجية، والأزواج يبدون سعادتهم من نجاح وشهرة زوجاتهم، بينما يؤكد علماء الاجتماع وجود تأثيرات سلبية لشهرة الزوجة على الحياة الزوجية، ويدللون على ذلك بالوزيرة التي تركها زوجها بعد توليها الوزارة، والأديبة وأستاذة الجامعة اللتين طُلقتا بعد شهرتهما مباشرةً.
أين الحقيقة إذن؟! هذا ما حاولنا العثور عليه من خلال اللقاء مع زوجات مشهورات وأزواج مشجعون.
الشرقي أكثر تحضرًا
تؤكد الدكتورة "هدى بدران" رئيسة رابطة المرأة العربية بجامعة الدول العربية أن الرجل الشرقي أكثر تحضرًا، خاصة في تعامله مع زوجته وتقديره لعملها من الرجل الغربي، وهذا ما لمسته بحكم عملي في الخارج والذي استمر لفترة طويلة، وأعرف حالات كثيرة لسيدات ناجحات -أنا منهن- كان للزوج فضل كبير في هذا النجاح، ولكن هذا لا يمنع خروج أصوات أحيانًا تنادي بتحديد مجالات عمل ونشاط المرأة، وبعضهم يتذرع بالدين ناسين أن الإسلام أعطى للمرأة حقوقًا غير مسبوقة على رأسها حق العمل وممارسة العمل السياسي.
وعن الأصوات التي تتهم الرجل الشرقي بالغيرة من شهرة زوجته نفت أيضًا د. هدى التهمة عنهم قائلة: إن الغيرة ترجع لضعاف النفوس في أي مجتمع وعدم الثقة بالنفس.
الفضل للزوج
الداعية الإسلامية الدكتورة "عبلة كامل" عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر الشريف تؤكد أن الإسلام أعطى للمرأة الحق في العمل والشهرة طالما أن ذلك ابتغاء مرضاة الله تعالى.
وعن تأثر العلاقة الأسرية بهذه الشهرة، تقول د."عبلة": السيدة يجب ألا يشغلها عملها أيًّا كانت طبيعته عن واجباتها الأسرية، فهذا صمام الأمان للاستقرار الأسري. وعندما طلبنا منها التطبيق العملي عليها -لأنها شخصية مشهورة عربيًّا وإسلاميًّا لعملها في مجال الدعوة من خلال عدة برامج بالفضائيات ومحاضرات بعدة دول- نفت عن نفسها صفة الشهرة، وقالت: أنا سيدة أقل من عادية وأشعر أن عليّ واجبًا تجاه ديني أقوم به. أما عن نفسي فقد عشت مع زوجي الراحل "اللواء مهندس ياسين محمد بسيوني" أعظم وأسعد حياة أسرية، فقد كنا نبتغي مرضاة الله في كل تصرفاتنا، وكان هو خير معين لي في مجال الدعوة يشاهد برامجي ومحاضراتي ويرشدني لكيفية إفادة الناس، بل إنه تعلم الشريعة حتى يساعدني في عملي، وكنت أحرص على القيام بمعظم واجباتي المنزلية وبنفسي وأحرص على تقبيل يد زوجي(!!) ولم أفكر في مسألة الشهرة، ويجب أن تعترف أي سيدة مشهورة أن لزوجها الفضل في شهرتها.
ذكاء المرأة
"سكينة فؤاد" الأديبة والكاتبة المشهورة وعضوة مجلس الشورى المصري.. أكدت لنا أنها لم تقصر أبدًا في حق أسرتها أو زوجها الكاتب الصحفي "أحمد الجندي" مدير تحرير جريدة الأخبار القاهرية، وعندما سألناها كيف كانت تستطيع التوفيق بين التزاماتها الأسرية وعملها الصحفي والأدبي والتزاماتها الاجتماعية العديدة قالت: إن هذا التوازن بين العمل والمنزل يرجع لمعتقدات الإنسان ومبادئه، فأي نجاح خارجي على حساب أمن وسلامة الأسرة وسعادتها لا يعد نجاحًا، والنجاح الحقيقي لا بد أن يستند إلى بيت مستقر، خاصة وأن أولادي في مقدمة أولوياتي؛ لذلك أخليت حياتي من أي متع كمالية. وساعدني -في المراحل العمرية الأولى للأبناء- أن مهنة الأدب والكتابة الصحفية قد تمارس من داخل المنزل، وكان الأمر بالغ الصعوبة ويحتاج إلى تضحيات ومشاكل، لكني استطعت تجاوزها.
وعن دور زوجها خاصة وهو يعمل في نفس المهنة قالت: إن ذلك ساعد في أن يكون متفهمًا لمسئولياتها كأديبة وكاتبة.
وكان لا بد أن نسألها السؤال المحرج عن غيرة الزوج من شهرتها الإعلامية أكثر من زوجها بالإضافة لشهرتها كأديبة، وهل كان يسبب ذلك له أي ضيق؟ فابتسمت قليلاً وقالت: الغيرة تتوقف على ذكاء الزوجة في تعاملها مع زوجها، فلا بد ألا يتحول نجاحها إلى عبء على حياتها الزوجية ولا تجعل الإحساس بهذا النجاح عاليًا، وأن تكون الزوجة المشهورة شديدة الحساسية والذكاء في التعامل مع زوجها.
هكذا وبدبلوماسية الأدباء لم تجب على سؤالنا. فسألنا الزوج الكاتب أحمد الجندي هل كان يغار من شهرة زوجته؟ فرد بثبات: لم أشعر للحظة بضيق أو غيرة من شهرة زوجتي، بل بالعكس أتفاخر بها، وعندما أسير معها ويشير لها الناس مرحبين بها أكون في قمة سعادتي وأدرك أن "سكينة" تفعل الكثير للبسطاء وتمس مشاكلهم اليومية، ولها العديد من الحملات الصحفية الشهيرة والناجحة فهي تؤدي رسالة اجتماعية عظيمة بجانب رسالتها كأم.
إنسان معقد
هناك نموذج مشابه، وهو "منى رجب" الكاتبة الصحفية بجريدة الأهرام وزوجها "عبد الحميد شعير" رئيس القسم العسكري بنفس الجريدة، فبحكم إشراف الزوجة على عدة صفحات فنية وثقافية جعلها في بؤرة الأضواء الإعلامية؛ لذلك سألنا الزوج مباشرة: هل تشعر بالغيرة؟ فأجاب بخفة ظل: إن الذي يشعر بالغيرة لنجاح زوجته إنسان "مليء بالعقد"، وأنا والحمد لله "سوي بلا عقد"، وفي رأيي أن نجاح أي فرد في الأسرة هو نجاح للأسرة بأكملها، وأنا أشفق على زوجتي للأعباء الكبيرة الملقاة على عاتقها في العمل، ورغم ذلك تحرص على أن تقوم بواجباتها الأسرية على أكمل وجه، ولأنني أحاول دفعها لمواصلة نجاحها أشعر براحة الضمير.
أخلعها على باب المنزل
الإعلامية المشهورة "سناء منصور" سألناها: هل شهرتها وعملها الإعلامي يلقيان بظلالهما على علاقتها الأسرية والزوجية؟ فأجابت: لا علاقة لهما بمنزلي فأنا أخلع كل مشاكل عملي على باب المنزل لأصبح داخله زوجة فقط وهو ما يجب أن تفعله أي زوجة مشهورة أو غير مشهورة، والسيدة التي يجعلها عملها مشهورة أو مشغولة لا بد أن تدقق عند اختيار الزوج الذي يقدر عملها، ويتحمل بعض التنازلات في سبيل نجاح زوجته، وأعتقد أنني فعلت ذلك وأحسنت الاختيار.
وأمام هذا الكلام الجميل سألنا زوجها الطبيب المعروف "الدكتور نبيل سالم": هل يضايقك انشغال زوجتك بالعمل؟ فأجاب بابتسامة رقيقة: أنا لا أشعر بهذا الانشغال؛ لأنها زوجة مثالية وربة منزل ناجحة في إدارة أسرتها، ولا يجب أن نجازيها بتعطيلها عن عملها.
سألناه: بصراحة، هل تشعر بالغيرة لشهرتها؟ وبدلاً من أن يجيبنا اندفعت الإعلامية سناء بالقول: "أنا التي أغير من شهرته فهو طبيب معروف وناجح في عمله ورئيس الاتحاد الأفريقي لكرة اليد ونائب رئيس الاتحاد الدولي سابقًا ورئيس اتحاد المعاقين بجانب مناصب دولية عديدة طبية ورياضية، وفي أوقات كثيرة جدًّا نخرج سويًّا أجد الناس يشيرون إليه".
البيت أهم من الفن
الفنانة "سعاد نصر" قالت: أنا أحب عملي الفني جدًّا ولم يكن ينازعه في وقتي وجهدي شيء إلى أن تزوجت فجاءت أسرتي قبله، وبدأت أعرف الإجازة الطويلة طوال دراسة الأبناء وحتى امتحاناتهم؛ لذلك يلاحظ الجميع أن أعمالي قلّت، ولكن الأهم أن ابني وابنتي من المتفوقين وما يعوضني أيضًا تقدير زوجي لعملي منذ بداية زواجنا.
وهنا يتدخل الزوج "محمد عبد المنعم" مهندس بترول، وقال بصراحة: في بداية الزواج لم أكن مقدرًا لعملها، وكنت أشعر بضيق لأي تقصير منها، وكنت أحس أن مهنتهم "هزار في هزار"، لكن عندما حضرت يوم تصوير ورأيت التعب الذي يعانون منه قررت إعادة النظر في موقفي.
ولأن المهندس "محمد" بحكم عمله بعيد تمامًا عن الأضواء سألناه عن شعوره تجاه شهرة زوجته، فأقسم أن أسعد لحظات حياته عندما يسير معها ويجد الناس تشير إليها تقديرًا لفنها، كما أن الجميع يشعر -كما يقول- أن سعاد أختهم وابنتهم؛ لأنها تؤدي بشكل محترم وبعيدًا عن الإسفاف.
غير صحيح
وسألنا الدكتور "أحمد أبو المجد" خبير علم الاجتماع فوجدنا له رأيا مختلفا تمامًا عما قيل، فهو يرى أن شهرة الزوجة لها تأثيرات سلبية على حياتها وأسرتها في كل المجتمعات، وتسبب غيرة شديدة وضيقا للأزواج لعدة أسباب؛ منها -أولاً- أن الرجل يكره دائمًا أن تتفوق المرأة عليه. وثانيًا عندما تشتهر تزداد غرورًا ويكون ذلك على حساب أسرتها (زوجًا وأبناء).
وعندما أخبرناه بآراء بعض الأزواج قال: لا أصدق معظمها؛ فعلميًّا ما قلته هو الثابت والمحقق، وضرب عدة أمثلة بوزيرة مصرية تركها زوجها بعد توليها الوزارة، وأديبة، وأساتذة جامعات طلقن بعد شهرتهن مباشرة، والمرأة الحديدية تاتشر التي وصفتها أسرتها بأنها لا تطاق بعد شهرتها، وأيضًا الفنانات معظمهن مطلق، والسبب الشهرة، لكنه استثنى حالات معدودة تعتمد على الذكاء الشديد للزوجة