ثمة صوت مفجع اقلق سكون الليل أشبه بالانفجااااار ..
انفجار رهيب أيقظ الظلام .. وأرعب سكون ليل هادئ .. و ارتعشت له الازقة النائمة بعيدا ..
و روع زهورا في مقتبل عمرها ..
بدى بالافق دخان يتصاعد .. أدخنة تتصاعد كصعود شر قادم اخنق السماء بلهب الشياطين
بدى الشارع كما لو انه ملجأ للمجانين .. الكل يتصرف كمجنون يحتضن رعب مفجوع بداخله ..
ركض ساخط صوب مصدر ذلك الانفجار .. صوب اللهب البعيد
الكل يهرول وغفوة الفجر تتمرجح باحداقهم .. واعناقهم تحملق نحو السماء :
(( اللهم سترك ..اللهم رحمتك )) ..
توقف الركض .. كان جمع غفير يتجمهر هناك والدهشة تعصر جباههم ..
كل الانظار تبحجر بدهشة في ركام من الفزع .. كومة من الصخور الممزقة تتهاوى كالدموع في مستنقع الموت !!
المكان لم يعد هو المكان .. لم يعد هناك مكان .. لم يعد هناك سوى احلاما بريئة متناثرة ..
واجساد تهاوت بأحلامها دونما سبب !!
تهاوت .. وتهاوت معها أحلامهم .. مدخراتهم .. ملابسهم .. كتبهم ..اقلامهم .. أسرة نومهم ..
ذهب معهم كل شئ .. ولم يتركوا سوى رائحة دم زكية .. وبقايا ذكريات رسموها بذلك المكان ..
الصرخات تخنق المكان ..تتبعثر كالصخور .. ( ارهابيون ... ارهابيون .. )
- ارهابيون فجروا المكان !
- اليس هذا المكان مجمع سكني
- فجروا انفسهم
- قتلوا حارس المبنى ..
- هل من احد نجا ؟
- قتلوا الجميع
- انه مكان سكن ..!! ما ذنب الابرياء ؟؟
- مجرمون .. مجرمون
- جبناء .. أنذال
- يقال انهم اقتحموا المجمع بسيارتين مليئتين بالمتفجرات
- ان حقدهم على الوطن اقوى من المتفجرات
-هل تسمع معي !!
- الا تسمع انينا تحت الصخور
-لا اعتقد !
- انه أنين المكان
- لم ينجو أحد
.................................................. ......................
.................................................. ..............................
...........................
رجال الأمن يطوقون المكان .. يلتفون حوله كحلقة الشمس
- " ابتعدوا .. المكان خطير .. ابتعدوا ........... "
كان ثمة شيخ عجوز هناك .. لم يستجب .. ظل واقفا .. يمد باصبع سبابته المنكسرة نحو المكان
وعيناه تذرف بحرقة المفجوع .. وشفتاه ترتجف : ( ام ياسر .. أحمد .. زينب .. ايمن .......
انتفضت روحه كزلزال خامل .. انكفأت ادمعه كالندى ..
ظلت سبابته المنكسرة معلقة بين الذهول والريبة
صرخت روحه بصوت حارق .. كان يهمس .. وسبابته المنكسرة تنادي .. تنادي .. تنادي
وشفتاه ترتجف : ( ام ياسر .. أحمد .. زينب .. ايمن .......
.................................................. .......
............................
.................................................. ..
.......................
......
كان لا يسمع سوى رفات نائم تحت انقاض الانفجار !!