العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-10-2002, 08:01 PM   رقم المشاركة : 1
العمدة الإجباري
ود مميز
 
الصورة الرمزية العمدة الإجباري
 






العمدة الإجباري غير متصل

صفحات من تاريخ المخابرات ( ربة البيت الوديعة )

المصدر- الأهرام
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

ذات صباح من ربيع 1941م وقف شرطيان أمام كوخ متوسط الحال قرب بلدة جامعة اكسفورد وطرق احدهما الباب وهما متأكدان من أنهما يطاردان قطا بريا له خطره.... لقد تسلما بلاغا من تلك البلاغات التي كانت شائعة في أيام الحرب عن وجود جواسيس اعداء . وكان المواطنون يقدمون هذه البلاغات عند أقل شبهة .

لم يكن الكوخ في شكل عرين الجواسيس . استأجره عريف في سلاح الطيران الملكي البريطاني اسمه "ليون بورتون " وزوجته "روث" ومعهما طفلان صغيران .

كان الجار قد أبلغ الشرطة أنه رأى راديو قصير الموجات في الكوخ . والقانون يحتم على أصحاب تلك الأجهزة تسجيلها رسميا لدى السلطات في زمن الحرب . لكن الشرطيان وجدا أن مثل هذا العريف ضئيل الأجر لا يمكن أن يمتلك مثل هذه القطعة التكنولوجية الثمينة . .

أجابت طرق الباب سيدة قصيرة , بدينة, ترتدي مريلة , وعلى إحدى ركبتيها طفل تهدهده , تحملق بعينين واسعتين في الشرطيين , وأدهش روث ما قاله الرجلان , فدعتهما إلى الدخول وعرضت عليهما راديو لعبة طفل قائلة:

" هل يمكن أن يكون ذلك الراديو ذا الموجه القصيرة الذي رآه الجار؟"

ابتسم الشرطيان وقالا:

" ربما.."!!!!.

قدما اعتذارا للسيدة وانصرفا ومر وقت طويل قبل أن يتذكرا أنهما تواجدا ذات مرة في مكان واحد مع أذكى جواسيس الاتحاد السوفيتي في بريطانيا .

وكالمعتاد لعبت " روث كوزينسكي" دورها كاملا . بمظهرها الرث كأم للأطفال صغار غفر الشرطيان لنفسيهما لعدم التدقيق في التفتيش .

ولم تكن المرة الأخيرة التي خدعت فيها هذه الممثلة أعدائها .

تحت مظهرها كانت روث تخفي شخصية كرست حياتها تماما للشيوعية , وكانت قد ولدت بين عائلة شيوعية جدا , أبوها "رين" اقتصادي مرموق من أوائل أعضاء الحزب الشيوعي الألماني وكذلك كان أخوها "جورجين" .

انضمت روث إلى حركة شباب الحزب عام 1917م عندما بلغت التاسعة من عمرها . وفي عام 1926م انضمت إلى الحزب يافعة , وفي السنة نفسها ذهبت إلى نيويورك لتدير مكتبه والتقت بــ"رودلف همبورجر " الذي كان يدرس الهندسة في الولايات المتحدة , وربط بينهما الحب فتزوجا ولحقت به إلى شنغهاي عام 1930م حيث اشتغل مهندسا .

لم يكن رودلف شيوعيا . تجاوز عن معتقدات زوجته السياسية لكنه أعلن اعتراضه على إفصاحها عن عزمها على مزاولة العمل الحزبي في المهجر .

لم يكن متأكدا من معنى ذلك , لكنه رفض فكرة قيام زوجة ألمانية تقدس واجبها بالمشي في المظاهرات والتحرش برجال الشرطة وإقامة المتاريس والهتاف بالشعارات ... تجاهلت روث اعتراضه وسرعان ما انشغلت بالعمل مع منظمة العمال الأجانب في المدينة .

ولم يمضي وقت طويل حتى صارت شخصية مرموقة في عالم الشيوعية الخفي واشتهرت بذكائها وامكانياتها اللغوية إذ كانت تتقن أربع لغات بطلاقة , كما كانت شجاعة جدا وكانت من ذلك النوع الذي لا تخطئه عيون مجندي الجواسيس . وفي أواخر عام 1933م رشحها " ريتشارد سورج" للمخابرات السوفيتية وكان آنذاك يقيم في الصين .

تنبأ لها سورج بمستقبل باهر في عالم الجاسوسية وأرسلها إلى موسكو للتدريب على الشفرة والاتصال اللاسلكي فأثبتت أنها تلميذة نجيبة ولما عادت إلى الصين بعد عام كلفها سورج بمسئوليات متزايدة وأسند إليها إدارة مختلف الخلايا

في عام 1935م تلقت روث أمرا من المخابرات السوفيتية بأن تطلق زوجها همبورجر أطاعت الأمر ونفذته . ثم تزوجت عميلا سوفيتيا اسمه "ألفريد شولتز" يعمل في الصين أيضا .

اختفى شولتز بعد عامين في حملة التطهير التي شنها ستالين , وأخطرت زوجته بأن زوجها الثاني كان خائنا فأجابت بهدوء أن إعدامه كان عدلا . وصارت بعدها أرملة تعول طفلا يتيما .

أصبح لروث رصيدا كبيرا من الإنجازات لدى المخابرات السوفيتية التي أعدت لها خططا مهمة .

كانت موسكو تنظم سلسلة من الشبكات في أوروبا موجهة نحو ألمانيا النازية سميت "الأوركسترا الحمراء" ورسمت المخابرات السوفيتية لروث أن تلعب فيها دورا رئيسيا . أرسلوها إلى "وانزيج" لتنشيط مهاراتها . وأرسلوها عام 1938م مكلفة بإيجاد عملاء بين الجنود البريطانيين الشيوعيين الذين حاربوا ضمن الحرب الأهلية الإسبانية . وهناك جندت "الكزاندر فوت " الذي قاتل في الحرب وأظهر مهارة ملحوظة في تشغيل اللاسلكي وانظم فيما بعد في المخابرات السوفيتية بسويسرا سماها الألمان " الثلاثة الحمر" .

مهمة روث التالية غاية في التحدي . تلقت أمرا بالذهاب إلى بريطانيا لإنشاء فرع بريطاني للأوركسترا الحمراء ولأنها مواطنة ألمانية لا تستطيع دخول بريطانيا بدون جواز سفر . لكن حكومة النازي لا تصرف جوازات لشيوعية .

حلت روث المشكلة بأن عرضت على عدد من الشيوعيين البريطانيين الزواج في سويسرا حتى تحصل على الجنسية البريطانية بالزواج . اعتذر فوت ووافق " ليون بورتون" وهو شاب شيوعي اشترك في الحرب الأهلية الإسبانية.

في عام 1940م استقرت مع زوجها في بلدة "كيدينجتون" قرب اكسفورد واستدعى بورتون لخدمة سلاح الطيران الملكي البريطاني . أمرتها المخابرات السوفيتية بالتزام الراحة إلى حين

كانت آنذاك تربي طفلا من زوجها السابق "شولتز" وأنجبت طفلا آخر لم تتوقعه من بورتون . وأصبح لديها طفلان صغيران يحتاجان إلى رعايتها .

فلما جاءتها الأوامر في مايو 1941م باستئناف الحركة , كان عليها أن تنفذ الأوامر بالإضافة إلى أعبائها الأسرية .ونجحت في ذلك عن جدارة وبدأت تنشىء شبكة جاسوسية من عائلها التي هربت إلى بريطانيا بعد أن استولى هتلر على الحكم .

كانت العائلة بأسرها مستعدة لتلبية نداء الواحب كشيوعيين مخلصين .

يعمل أبوها الآن مدرس اقتصاد في أكسفورد وأصبحت له علاقات كثيرة بالمجتمع البريطاني فبدأ يجمع معلومات سياسية عالية المستوى .

أخوها جيورجين يعمل محللا اقتصاديا في وزارة الطيران البريطانية كان يحصل على معلومات عسكرية بالغة الأهمية ولما دخلت الولايات المتحدة الامريكية الحرب التحق بمكتب الخدمات الاستراتيجية واستطاع الحصول على معلومات أكثر أهمية .

وقرب بيتها عرفها زوجها بضابط كبير في سلاح الطيران الملكي يعتنق الشيوعية سرا ويزودها من آخر تكنولوجيات الطيران البريطاني مشفوعة بتقارير فنية , رتبت روث أمر إرسالها إلى موسكو .

ومن بلدتها اتصلت روث بأعضاء الحزب الشيوعي الألماني المنفيين في بريطانيا . اكتشفت أنهم مخلصون لمبادئهم وأنهم يواصلون دفع التزاماتهم المالية للحزب ويعقدون اجتماعات الخلايا بانتظام .

بعد الهجوم الألماني على الاتحاد السوفيتي في يونيو 1941م أصبحوا متلهفين لمساعدة موسكو ونظمتهم روث في شبكة علماء ذات درجات تبعا لمقدار الفائدة فازداد عطائهم.

في أواخر عام 1941م قابلت روث عالما شابا هاجر من ألمانيا عام 1933م عندما استولى هتلر على الحكم . واصل الشاب حضور اجتماعات الحزب المنفي وأخبر روث بأنه شغوف بمساعدة الاتحاد السوفيتي بأي طريقة , ولم يكن في حالة تسمح له بتقديم الكثير .

بعد اعتقاله لمدة عام في معسكر اعتقال في بداية الحرب , جنده البريطانيون للعمل فيما يسمى " مشروع خلط الأنابيب " . لاحظ الشاب أن روث لم تهتم بقوله فأخبرها أن الاسم كان غطاء لأعظم سر فني تنجزه بريطانيا وأمريكا وهو صنع قنبلة ذرية وسألها عما إذا كان ذلك يهم روسيا ؟.

وهكذا اصبح "فوتشس" نجما لامعا في شبكة كوزينسكي وأصبحت هي وجها لوجه أمام مشكلة إرسال هذه المعلومات إلى محطة المخابرات السوفيتية الرئيسية في السفارة الروسية بلندن يمكن إرسال كثير من المعلومات التي تجمعها عن طريق وسيط , ولكن المعلومات العاجلة ينبغي إرسالها باللاسلكي . إذن فهي محتاجة إلى جهاز إرسال وهذا ليس أمرا سهلا في زمن الحرب .

كررت السفر بالقطار مع ابنها عدة مرات خلال أسابيع . ظهرت مع الطفل عدة مرات حتى صار منظرهما مألوفا والطفل يحتضن دميته الدب الكبير وفي إحدى المرات قابلت روث عميل المخابرات السوفيتية في لقاء خاطف وناولها لفافة أخرجت منها أجزاء الراديو وأخفتها في الدمية وعادت إلى بيتها في اكسفورد بالقطار .

بدأت روث بث المعلومات بحذر شديد وعمدت إلى تقصير الإشارات , عن علم بأن جهاز مقاومة الجاسوسية البريطاني يقظ بتصيد أي إشارة راديو وزيادة في التمويه طلبت من جارها مساعدتها في تثبيت حبل الغسيل الذي لم يكن سوى هوائي الراديو .

في ظل الحرص والحذر ظلت في مأمن من الانكشاف رغم كثرة المواد التي أرسلتها إلى موسكو خلال الحرب بل استطاعت أن تنجو من تطور كاد يودي بها .

ففي عام 1945م تم القبض على فوتشس في بريطانيا بتهمة التجسس واعترف،، لكنه تجنب الإشارة إلى روث في اعترافاته فنجت .

بعد عامين في عام 1947م أفشى سرها الكزاندر فوت الشيوعي البريطاني الذي ضمته فبل عشر سنوات . كشف للبريطانيين عن كل عملاء السوفيت الذين اتصل بهم بما فيهم كوزينسكي وزعم أنها كفت عن العمل للمخابرات السوفيتية منذ عام 1940م ولأسباب لم يوضحها ذكر ذلك ليحميها بطريقة ما وقد كان .

ظهر رجال مقاومة الجاسوسية البريطانية ببابها وبدءوا توجيه أسئلة عن علاقتها بالمخابرات السوفيتية فاستعرضت بعض ردود الفعل الساذجة فانصرفوا يتساءلون عما إذا كان فوت مخطئا . ولم يصدقوا أن مثل هذه السيدة البدينة القصيرة ذات العينين الواسعتين البريئتين يمكن أن تكون لديها أي فكرة عن أشياء شريرة مثل التجسس ولا حتى قبل عام 1940م.

قبل أن تفكر المخابرات البريطانية فيما عساها تكون الخطوة التالية , أدركت روث كوزينسكي أن دورها قد انتهى فرحلت مع زوجها وطفليها إلى ألمانيا فيما قالت أنها رحلة لزيارة أقاربها , لكنهم لم يعودوا ولم يرهم أحد . اختفوا في ألمانيا الشرقية ومن ورائهم العائلة .

لم تأسف المخابرات البريطانية على اختفاء روث معتقدين أنها- على الأكثر – عميلة متدنية المستوى لسنوات خلت , لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون قد خدشت أمن بريطانيا خصوصا وأنها لم تصل إلى بريطانيا إلا في عام 1939م وكانت الصدمة قاسية حينما اكتشفوا في عام 1959م أن سيلا لا ينقطع من المعلومات تدفق من السفارة الروسية في لندن إلى موسكو وأن رئيسة الشبكة التي كانت تجمع هذه المعلومات خلال سني الحرب تحمل اسما شفريا هو " سونيا" وسرعان ما أسفر البحث عن أن سونيا هي ذاتها روث كوزينسكي ربة البيت القصيرة البدينة ذات العيون الواسعة البريئة التي خدعتهم قبل سنوات .

استقرت كوزينسكي في ألمانيا الشرقية مواطنة ملتزمة تدين بالولاء للنظام القائم , عينوها بوظيفة لا علاقة لها بالجاسوسية , ولما تقاعدت عام 1982م تفرغت لكتابة مذكراتها التي صدرها مدير المخابرات السوفيتية بكلمة قال فيها " لو كان لدينا خمس نساء مثل روث كوزينسكي لانتهت الحرب في وقت أسرع.

انتهى







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


Some men, see things as they are, and say
"WHY"???

I dream things, that never were,, and say
"WHY NOT"!!!!







موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:16 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية