حينها نكست رأسي خجلا من الله

[ضحية صمت]

...


.... مررتُ به كعادتي نهاية كل أسبوع .. أبتاعُ منه بعض ما يلزمني ....


.. خرجتُ هذه المرّة وبين أصابعي بطاقةً هاتفية ... و بعض تمر ..و نجر!! .. لا أدري لم حادثني هذه المرة ... أحسستُ به كمن يعرفني منذ أمدٍ طويل .... قد يكون خواء بقالته من الزبائن سبباً لأريحيته .. أو قد يكون وجد متنفساً لكي يتحدث ... لكي يسمعه أحد ... فما من غربةٍ أشد من هذه الغربة .... غُربة دين .. و لسان .. و لون ..و نمط حياة ..


بدأ بمحادثتي عن دراسته و عن تعبه .. عن ساعات عمله الطويلة و مايتخللها من مذاكرة لإختبارات نهاية الفصل .... .. لم يقطع انتباهي لكلامه سوى رؤيتي لثلاثةٍ من أصابع يده اليمنى...مبتورة !! ... لم أشأ أن أسأله ... بعد فترة انتبه إلى أنه لم يسألني عن بلادي .. فأخبرته ... .. فتهلّلت سرائر وجه .... فسألته بدوري و أنا أعلم .. فلهجته أوضح من الشمس في رائعة النهار .. ... سكت هنيهة .. ثم قال : أنا من فلسطين ... ........ صدمتني طريقته في الإجابة ... و خفوت نبرة صوته ...... بادرته بقولي : أتمنى أن نصلي رمضان القادم معاً في المسجد الأقصى !! ...... فَغَرَ فاهُ .. و اتستعت حدقة عينه دهشةً ممّا تفوّهت به .... أحسستُ كأني نكأتُ جرحاً غائراً له .... لم يستطع إجابتي ... فأخذت حاجياتي وخرجت .....


.. لا أعلمُ أي طريق سلكتُ .... نكستُ راسي .. خجلاً من الله تعالى كيف خذلنا إخواننا وتركناهم تتلقفهم موحشة الدروب و شزر الأعين ... و نحن نبيتُ قريري العين كل ليلة ... اللهم هي نيّة في قلبي وإن ساء عملي ... اللهم فوفقني لها .. وثبتني فيها ...


عدتُ أدراجي إلى سكني و أنا أسترجع قصيدةً لبدر بن عبد المحسن ...





قُمْ و ارفعِ الأذان ..


لابُدّ أن نُصلّي ...


... في القدس .. أن نصلّي ...


... في المسجــــد القديم ..


... قُمْ وارفعِ الأذان ...


.... يا سيّدي لعلّي...


.. في لحظـــة التجلّي ..


... أعـــودُ من رمــيم ..


.. أعــودُ في السنابل ... و القطرِ .. و النســيم ..


..أعـــودُ بالقوافل ..


..... للمسجــــدِ القديم ..


..


قُمْ وارفعِ الأذان ... يا سيّدي لعلّي ..


... أُفيقُ من نُــواح ...


..كالحُلمِ ..


.. من مخاضِ الليلِ و الصباح ..


....أعودُ للرياضِ من رحلـــة الجراح ..


لو أننا أطعنا ..


.. الرشد ... و الصلاح ..


.. لربما زرعنا ..


في شعبنا ..


.. السلاح ..


..


..ينسابُ في عروقي ..


.. نهرٌ من النخيل ...


... يفيضُ في المآقي ...


.. حُزناً ... على الخلــيل ..


.. لو أننا سمعنا يا سيّدي الأذان ....


..قم .. و ارفعِ الأذان ..


ودمتم سالميــــــــــن
أخوكم ومحبكم
ضحيـــــــة صمـــــــــــــت
المملكه العربيه السعوديه
الـــــــــــرياض