الأشجــــــــار تمـــــوتُ واقفــــــة 00

[مــــــــودة]

تألمتُ كثيرا وأنا أقف هكذا 00 أمارس دور المشاهد 00
العاجز الذي تصلبت أطرافه وانشلت حواسه أمام أروع وأثمن تحفة يمتلكها بمفرده 00
تحفةٌ تحتضن بقلبها أغلى الورود 00 بأصناف نادرة الوجود 00 زاهية بأبهج الألوان 00
ينساب على جدرانها الناعمة بريق أخاذ لا يقوى النظر على التحديق إليه 00
كم كانت رائعة 00 براقة 00 صامدة أمام أي تيار 00 شاهقة بأنفة وكبرياء 00
واليوم أتألم لها كثيرا 00 لماذا ؟
لأنها غدت لا شئ حفنة من رماد مبعثر 00
كل ذرة منها تصرخ بألف آهة حزن 00 لماذا ؟ أيضا لماذا ؟
لأن العواصف العنيفة لم تدعها بسلام أبدا 00
كانت عندما تهدأ أي عاصفة 00 أهرع إليها بكل حواسي 00
أسرع إلى أوصالها المحطمة هنا وهناك 00 أجمعها بلهفة 00
أناجيها بحسرة : كيف وقعتِ أيتها الغالية ؟ لم تحطمتِ هكذا ؟
وهذه زهوركِ لماذا ذبلت وانحنت سيقانها ؟
أما أخبرتكِ أن الطقس معرضٌ للتقلب 00 أما توسلتُ إليكِ أن تصمدي 00
لابأس أعذركِ يا أغلى ما بقلبي وتعالي أضمد جراحكِ 00 تعالي أجبر كسورك 00
لا تحزني ستعودين كما كنتِ 00 سأحاول لا تتألمي 00
أما زهورك فسأسقيها بماء عيني علها ترتوي وتزهو 00
أناجيها وأنا أذوب حزنا 00
أعالج ما أصابها بصبر وأمل في أن تكون هذه نهاية رياح الشتاء وبداية الربيع السعيد 00
نعم تمكنتُ من إعادتها كما كانت 00 ولكن آثار الندب والجروح باقية 00
قد لا يراها غيري 00 ولا يحس جراحها سواي 00
أتلمس بريقها بأطرافي أرجوه أن لا يخبو 00

وتوالت عليها رياح ورياح 00 وفي كل مره أعاود الكره 00 لتبقى شاهقة 00
فبدونها لا أحيا ولا أقوى على الصمود 00
في كل مرة أيقظ الأمل بداخلي وأدعوه أن ينفذ ولو من ثقب إبرة 00
حتى حطامها أصبح يئن عندما أحاول إلصاق جزء بآخر 00
غدت تحفتي رقيقة لا تتحمل حتى الأنفاس الساخنة لا العواصف 00

واليوم ألمي لا حدود له 00 حسرتي لا نهاية ولا مرفأ لها 00 لأني عاجزة عن تضميد جراحها من جديد 00
رماداً يتناثر أمامي 00 لكن 00 حتى هذا الرماد أخاف عليه 00
أحتفظ به لأنه كياني 00

هل تعرف ما هذه التحفة وماذا تحوي ؟
تلك كانت مشاعري 00 عواطفي 00 كبريائي 00 إنسانيتي 00 هي المواد الخام التي صُنعت بها التحفة 00
أرأيت لماذا هي نادرة الوجود 00 غالية القيمة 00 ؟
أرأيت ماذا فعلتَ بها سيدي 00 ؟
أرأيت كم مرةٍ جاءت زوابعك العاتية بشراسة فسحقتها 00 ؟
أرأيت كم حاولتُ بضعفي أو بقوتي 00 بفرحي أو بيأسي أن أحافظ عليها 00
ليس من أجلي فقط 00 بل من أجلنا نحن الإثنين 00
هل تعرف ما تلك الورود والزهور 00 ؟
إنها الكم الهائل من الأحلام الجميلة 00 من القناعة المطلقة 00 من الأمل الخالد 00 من الحب الصامد 00
أرأيت ماذا حل بها ؟ ذبلت 00 ماتت 00 تفتت واختلطت بالرماد 00
كل شئ اتنهى ومات 00 لكني لا زلت أحتفظ بحفنة الرماد00 هل تعرف لماذا ؟
لأشعر بلذة الانتصار على ماضٍ ما ادخرتُ شيئا للاحتوائه 00
لأفتح نوافذي للشمس والهواء لأتنفس الحياة من جديد بكل صفائها 00