سِنِيْنُ العُمُر

[اميرالود]

سيدتي ... سنين العمر تمضي ونحن ننبشُ لحظاتُها بحثاً عن ابتسامة بين تفاصيلها .... احنتنا ... ومزّقتنا ... أدمتنا .. وقتلتنا ... عصرتنا .. وفككت عضامُنا ... فما وجدنا غير الأحزان .... وما زاد فينا إلا دموع ظهرت على العينان .... القلبُ مُحطّم ... وكأنه واجه زلازل .... دَمّرت اساساتهِ .... وبعثرت الحُطام في أرجاء صدرٍ قد ضربته البراكين ... أبخرة الحِمم متطايرة منه كأسراب طيورٍ تهمُ بالهجرة ... خيّمت على تفاصيله ... سحابةٌ سوداء ... تمطر الأحجار .... وتفتك بالأزهار ... أعاصير صاحبتها بالنهار .... اختبطت منها البحار .... وأطاحت بالأشجار ... سنين العمر سيدتي لحق بها الدمار ... وأنا أتعذب من الانتظار ... سيدتي ... أين أنتِ ... بربك أين أنتِ ... ألم اكن حقيقة أحببتكِ ... أم تراها أحلام وخيالات ... انسابت في ليلة دافئة على مخيلتي .... حلمتُ بكِ وأحببتُ حلماً راودني ... نسجتُ تفاصيل وجودكِ من ذلك الحلم ... سامرتكِ ... وغازلتكِ .... وقضيتُ اجمل أيامي في حضنكِ ... أبحرتُ في عينكِ ... وارتشفُ شفتيكِ .... أشم عطركِ الشذي ... الذي عبق بأرجاء المنزل ... سيدتي ... قد ننسج من أحلامنا آمال نتعلق بها ... قد يتخيل لنا في مناماتنا واقع عشناه ... وحياةٌ ألفناها ... وقد يتمثل لنا الحلم حقيقة ... وقد تتحول الحقيقة إلى حلم ... فهل تحولتِ سيدتي إلى حقيقة ... وهل تتحقق أحلامي بكِ ومعكِ ... وهل تنسابُ مخيلتي أمامي ... هل لطيفكِ سيدتي أن يتجرد أمامي ... هل لي أن أوقف الأحلام وامسكُ بيدكِ .... وابحرُ في سماء عينيكِ .... وفضاءات صدركِ .... هل لي أن أراكِ حقيقة أمامي ... سيدتي ... سنين العمر تسير بسرعة نحو النهاية ... وفراقنا يسير أسرع منها ... سنين العمر تمضي ... وأنتِ أدرتِ ظهركِ وودعتي ... سنين العمر مضت ... وأنت عن عيوني تواريتِ .... سنين العمر من دونكِ ضياع ... موتٌ بطيء ... دربٌ يقود للهاوية ... طريقٌ للقبرِ عامرة .... اصطفت البشر على جوانبها مودعه .... سيدتي ... قد كانت حياتي معكِ حقيقة ... قد كنتُ أحسُ بكِ قريبه ... رغم البعد الذي بيننا .... قد كنتُ انسجُ معكِ تفاصيل حياتنا ... ونرسم سوية طريقنا ... بنينا منزلنا ... واسمينا أبنائنا ... وخلقنا حياتنا ... والآن أرى أن لكلٍ منّا حياة منفردة ... وعيشة مستقلة ... فيا ليت السعادة تنساقُ لكِ .... ويا ليت الفرح يقفُ بدروبكِ ... ويا ليت حياتكِ بالنعيم تقترن ... فتعاستي من تعاستكِ ... وشقائي من شقاؤكِ ... وتعبي من تعبكِ ... وحزني من حزنكِ ... سيدتي ... لن ينفعنا النظر للخلف ... وتذكر الماضي ... والحنين إليه ... والانسياق إلى لحظات السعادة التي مرت ... فالعمر يمضي أسرع منّا ... والزمن لن يتوقف عند نقطة افتراقنا ... ولن ينتظرنا حتى نجتمع مرة أخرى ... تباعدنا ... والكل منا عرف قدر الآخر ومكانته من قبل أن نتباعد ... فبماذا خرجنا ؟؟ سيدتي ... ماذا حل بنا بربكِ ... أصبحتُ كالغريبِ لديكِ .... وأصبحتِ كالحلم عندي ... ابحثُ عنكِ في كل مكان .... وأنتِ تمسحي آثاركِ من الطرقات ... أتصيدُ أخباركِ في كل مكان ... وأنتِ تقطعي موارد الأخبار عني ... أيكون هناك من ملئ حياتكِ ... أو تراكِ تنازلتِ عن ممتلكاتكِ ... أوجدتِ ضالتكِ سيدتي ... وانتهى أمري ... أتكونِ قد نسيتِ الماضي ... أتكون صفحتنا قد طويت .... هل طويتِ صفحتنا سيدتي ؟؟؟ . . .......................................... امير الود....