الدكتورة رقية المحارب
هناك من يقول :إن الحساسية الاجتماعية من بعض الأمور هي السبب وراء تأخرنا وهي الشيء الذي يعوق تقدمنا الحضاري. وعند التعمق في المقصود بهذه الحساسية الاجتماعية وما هي هذه الأمور لا نجد تصريحاً بها , وكأن هناك تخوفاً من المجاهرة بها ؛ لأنها – فعلاً - تتنافى ليس مع حساسية اجتماعية ساذجة , وإنما مع مسائل شرعية واضحة. وتبرز مسألة المرأة ثرية بالأمثلة في هذا الموضوع خاصة، فرفض الاختلاط , وانتقاد التبرج , والتأكيد على البعد عن الفتنة وعدم التبسط في الكلام مع الأجانب , ومصافحة الرجال للنساء كل هذا يعد - عند بعض الناس - حساسية اجتماعية مبالغ فيها!!
ليس عيباً أن يكون ثمة حساسية اجتماعية ضد المخالفات الشرعية، بل إن المشكلة أن تزول النفرة مما يخالف المقاصد الشرعية. وليس تقدماً في المجتمعات أن يداس على المبادئ والقيم والأخلاق الرفيعة , كما أنه ليس تأخراً حماية الهوية , وتأكيد الخصوصية في جانبها الشرعي الصحيح. هناك من يدعو إلى ترك الكلام عن الخصوصية-خصوصية البلد وخصوصية المجتمع- بحجة أن هذا لا يناسب عصرنا الذي انفتحت فيه الثقافات على بعضها , وحان وقت التعايش الذي يضع المجتمع نفسه على قدر المساواة مع الآخرين. وهنا خلط واضح؛ فإذا كان المقصود مجرد ذكريات أدبية , أو تغنّ بتراب , أو حماية لعادات وتقاليد لا تتفق مع مراد الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بل ربما تتعارض معها , فقد يقبل أن توضع على قدم المساواة. وإن كان الهدف هو التخلي عن قيم شرعية ومبادئ إيمانية , ووضعها بالتساوي مع تيارات منحرفة فهذا لا يقول به إلا فئة معروف انتماؤها ومكشوفة راياتها.
هناك - فعلاً - طائفة تخجل من انتمائها أمام الآخرين , وتود لو أنها ولدت بعينين زرقاوين وشعر أشقر لكن هذه مشكلتها هي وليست مشكلة المجتمع، وكان أن قامت بصبغ أفكارها باللون الأشقر ؛ امتثالاً لقول القائل: فليسعد القول إن لم يسعد الحال!
إن تربية روح الاعتزاز بالدين أمر ينبغي أن نتبنّاه جميعاً في أحاديثنا مع أولادنا من حين لآخر، وبدلاً من سرد حكايات قبل النوم للأطفال لا تخدم أهدافاً تربوية فإن زرع هذه المفاهيم التي من أبرزها : التعريف بالانتماء الحقيقي , والاعتزاز بالهوية واللغة أمر مهم، ولا نمل من تكرار هذه المفاهيم وغيرها بمختلف الوسائل واغتنام الفرص المتاحة