(( الجثـــــــــــــــه ))

[رفيق قاسم]

..كنت ارقب جثتى الملقاه على الرصيف والغارقة فى الحبر والدم ، تجمع حولها المارة وتهامسوا(( ميت، مقتول..ميـ...مقتـ...)) ، ثبت أحدهم نظارتة الطبية جيداً وتفحص وجهى ووقف قائلاً (( أنا طبيب ومن ناحية طبية موتة ليس ظاهرة علمية )) ، تعلقت بة الوجوه ، أردف (( إن عيونة تتحرك والموت يعنى توقف كل الاعضاء عن ممارسة وظائفها الطبيعية ولاأستطيع ان أثبت العكس فهو ليس بالميت ولا بالحى )) . أقترح احدهم شق الصدر للبحث عن حياة فى الداخل وافق الجميع وتم فتح الصدر ، وتزاحمت الايدى تبحث داخل صدرى ، جثا رجل على عينية نظارة سوداء عند رأس جثتى وقرب وجهه من وجهى وهمس((أنت تعرف إنهم لن يجدوا شيئاً داخل صدرك )) وقال بصوت مرتفع ((كفوا عن هذا العبث ، هنا لن تجدوا شيئاً )) وطرق بسبابتة مابين عيناى وقال (( اذا كان يوجد شيء فهو هنا )) تسأل الطبيب (( وهل سنشق رأسة )).....((لا..لا..يكفى أن نحدث بة ثقباً لرؤية مايدور بداخلة ))..فتح الطبيب حقيبتة وأخرج عدسة صغيرة وادوات جراحية واحدث ثقباً على حجم العدسة وثبتها علية ،..تملكنى الرعب وانا أرى عين الطبيب كبيرة تتلصص من الكوه داخل رأسى ، همس الرجل صاحب النظارة السوداء للطبيب (( لاتبح بكل ماترى )) وتسأل الجمع حوله بلهفه ((ماذا ترى ؟ ماذا ترى ؟ )) تأوه الطبيب أكثر من مرة وفى كل مرة يتسأل الجمع ،..قال (( ثلج ، نار، هياكل ، عيون متسعة،قصاصات ، قبور ، حبر ...)) ...فكرت لوأننى أستطيع أن أفقأ عين الطبيب المتلصصة ، صفعنى الطبيب بقوة وهو يصرخ (( عينى أنا ياميت )) أندهش الجمع من حوله وتراجعوا للخلف وبعد نقاش طويل دار بين الطبيب والرجل ذو النظارة السوداء تم على أثره فصل رأسى عن جسدى وسد جميع ثقوبة بالقطن المعقم حتى عمنى الظلام من الداخل وحملوه وذهبوا وظلت جثتى ملقاه على الرصيف غارقة فى الحبر والدم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ رفيـــــــــــــــــق ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ