لم أنساك نسيان الفراق ... ولم أذكرك ذكرى الوفاء ... صحيح لم أشتاق إليك أشتياق الولهان ... ولكني اشتقت إليك بما فيه الكفاية .
إذ كنت حينها في سجن العذاب ... أُعذب ليل نهار ... بكل أنواع العذاب ... سيدي لاتجزع فلا تحسبنه سجن الحكومة ... إن هو إلا سجن عينين كان قلبي المظلوم يتمرغ بالنظر إليها وأنا الأن طليق منها .
سيدي جئنا إلى هذه الحياة غير مخيرين ... وسنرحل منها غير مخيرين . سيدي ليس بيني وبينك عداوة ... ولم يحصل منك أي سوء ... فأنا الآن أطلب منك الرحيل عن عالمي . والآن لاتسألني لماذا ? فلكل امرئ باطن لايشركه فيه إلا الغيب وحده ففي كل إنسان تعرف إنسان لاتعرفه .
ليس هو الخوف منك دفعني إلى هذا ... أو هو الخوف من علة المستقبل . إن أنت لم تحتمل الفراق فإن الألم مهما بلغ في عذاب إنسان فلن يتجاوز حالة معينة ثم يغمى على المتألم ويستريح ... كالماء تماماً مهما توقد عليه فلن يتعدى درجة معينة في الغليان ثم يقف عندها .
سيدي لم أقصد بهذه العبارات التجريح ... ولا أقصد بها قتل العواطف . ولكن
لكل إنسان خصوصيته .
لا أدري كلمات وجهها إليَّ صاحبي ... لست أدري مالمقصود منها فقد حسبته حينها أنه يريد أن يقطع بها مسافات الطريق كالمعتاد ثم تنتهي بكلمة آسف
وكأن شيئ لم يحدث .
وفي اليوم التالي ... رأيته ... ناديته ... لم يلتفت ... رجوته ... نظر إليَّ فاكتشفت أنه ليس هو ...
وإلى الآن لم أجده ..... !!