[MARQ=RIGHT]قبل اكتمال القمر [/MARQ]
مرَّةً..
قبلَ نصفِ شتاءٍ مضى،
وخريفٍ سيمضي،
تعلّقتُ بالنهرِ،
صرتُ له رافداً،
فاتحاً شرفةَ الليلِ،
أصطادُ أسرارَهُ النرجسيّةَ
بينَ الأصابعِ..
كانَ الزمانُ،
وكانت خيوطُ الأمانِ،
وكانت بلادي..
بحيرةَ ماءٍ،
وأحلامها سمكَهْ
قادني..
ضوءُ شاهدةٍ،
ذاتَ برقٍ،
قرأتُ على حزنِ جبهتها
حكمةً..
"ها هنا...
ترقدُ الفكرةُ القلقَهْ"
كنتُ طفلاً كبيراً،
تعلِّمهُ غيمةٌ،
وتؤدّبهُ شجرَهْ!
غارقاً في طلاسمِهِ،
أتحرَّى عن الموتِ
حتّى اكتشفتُ..
صباحاً جميلاً،
يحاولُ أن يسرقَ الشمسَ،
في لذّةٍ.. وسدىً
وسراباً..
يعضُّ على شفتيهِ،
عساهُ يصيرُ،
قليلاً من الماءِ،
لكنّهُ..
يتبدَّدُ خلفَ الهواءِ،
وتمضي به خطوةٍ،
من يَدِ الأفْقِ مرتبكَهْ.
أيُّها الساحلُ السرمديُّ اتّكِئْ.
عَتَبي..
أنّكَ الآنَ دونَ جناحْ.
كيفَ طرْتَ بلا أجنحَهْ؟
لا تقلْ:
إنّها الريحُ،
شالتْ عناءَكَ
في هودجِ العاصفَهْ
أيّ عاصفةٍ
كنتَ خبّأتَها
تحتَ وجهِ الجراحْ؟
وغداً..
كيفَ لكْ،
أيُّها المتكسّرُ كالموجِ،
أنْ تستدينَ لروحكَ
ما أقلقكْ؟
وتعيدَ إلى النهرِ
أسماكَهُ..
كي يجدِّدَ في ساعديهِ
صداهُ الذي أشرعَكْ؟
أيها "الفارسُ الشّهمُ"
أسرعْ إلى رمحكَ المتعثّرِ،
كي لا يضيعَ النداءُ الذي
يتفرّعُ بينَ شفاهكَ،
أنشودةً،
لاقتيادِ الصباحْ.
ما الذي يتبقّى..
إذا أثكلتْكَ الشواطئُ،
عن رملها،
ومحتْكَ..
عن الضفةِ الجامحَهْ؟
ما الذي..
يا مشرِّعَ هذا العناءِ،
ستحملهُ في مجيئكَ،
بعد سقوطِ القناعاتِ
والمدنِ السالفَهْ؟
كيفَ لكْ
أنْ تشجِّرَ
هذا الجمادَ الذي غلّفَكْ؟
أيّها الساحلُ السرمدي اتّكئْ..
ها هو القلبُ،
يطلعُ من خلف أغنية البحرِ،
من نفقِ الفجرِ،
خُذْ كتِفَيْهِ،
ليسلسَ بينَ يديكَ،
ويعبرَ نهرا.
ربّما غيَّرَ القلبُ لهجتَهُ،
وأضاعَ قليلاً من الدربِ،
هذي ضريبةُ عودتهِ للوراءْ!
ربّما..
حالَ بيني وبينَهُ
سَرْوٌ،
وأجفلَهُ..
ظلُّ نصفِ الشتاءْ!.
أيّها الساحل النرجسيُّ،
لِمَنْ ستغنّي،
وكيف سترحَلُ سرّاً؟
سيّدُ النبضِ،
في دمهِ،
كنتُ أبحثُ،
عن مدنِ اللونِ،
أنتشلُ الضوء،
حتّى يراني
ويتركَ لي لوحةً،
في جدار البلادِ التي
حرمتني
من الموتِ
قبل اكتمالِ القمرْ!.
سيّدُ النبضِ،
علَّمَهُ الحبُّ
كيف يمدُّ يديهِ
إلى غيمةِ القلبِ،
قبل امتثالِ العصافيرِ للشوقِ،
في كلْمتينِ،
وكيف يشدُّ،
إلى الحرف،
أحلامَهُ،
بالغناءِ،
ليزرعَ في الأرضِ
وَحْيَ المطرْ.
ها هو الآن يمضي،
ليرسمَ ظلّ البلادِ،
سأركضُ خَلْفَهُ،
قبل اكتمالِ القمرْ!.