أكتب إليكِ في هذه اللحظة التي أشعر فيها بالحزن الشديد و الأسى العميق لكنني أبدو نصف غاضب ، نصف فرح بتفريغ مافي القلب من حيرة و إضطراب وشجن ، ويحزنني كغصة في القلب أنني أجد في الكتابة إنشراحا أكثر من الحديث إليك وأنا الذي قضيت معكِ أياما أستطيع أن أعدها لكنها تساوي عمرا كاملا ، شعرت فيها أن الحياة كلها ملكي وأن العالم بمجملة في راحة يدي ، إنها أيام لم أكن أعتقد انها ستنتهي ، كانت عذبة ولفرط عذوبتها لازلت أشعر بطعمها في قلبي وفي كافة حواسي ، كانت لحظات كالربيع الدائم سماؤها صافية ، وأرجاءوها خضراء ، وشمسها دافئة ، تنثر الزهور في كل تفاصيل عمري الجاف قبل حضوركِ ، ولقد أحسست أيامها في داخلي ببهجة لم أعهدها منذ زمن .
إن وجهكِ هو آخر وجه يقع علية قلبي ، فقلبكِ يشبهني وعيونكِ تماثلني وروحك تؤم لروحي وجروحي لكن القدر كتب نهاية حلم العمر قبل آوانه .
إن الفراق حق والبين حق والتنائي حق وكل مجتمع مصيرة إلى إفتراق لكنني لم أتخيل أن ينتهي مابيننا بهذه الصورة المحزنة ، فهل حقا أن الحب العظيم والكبير ينتهي لأتفه الأسباب ؟
لا أدري من خذل الآخر .. أنا أم أنتي .. أم تراه الزمن ؟
لا أدري من جرح الآخر .. أنا أم أنتي .. أم تراه الزمن ؟
لا أدري من أهدى الحزن الى الآخر .. أنا أم أنتي .. أم تراه الزمن ؟
كل ما أعرفه أنني لم أعد أعرف شيئا
فانا عرفتكِ ولم أعرفكِ ، وفهمتك ولم أفهمكِ ، و أحببتك ولم أكرهكِ .
كلانا كان يرى في الآخر طوق النجاة من ظلم الناس وغدر الأيام وجرح السنين .. فإذا بنا نكتشف ذات لحظة صدق أن كلانا صورة مماثلة لخذلان البشر وغدر الزمن وجرح الأيام .
كلانا كان ينظر الى الآخر على انه الإنسان المثالي الكامل المتفرد الذي لا ينتمي لمتناقضات هذا العالم الذي نعيشه وكأنه قادم من كوكب آخر فإذا بالحقيقة تصعقنا بأن الملائكة لا تمشي على الأرض .
ثمة شئ في آنية الروح إنكسر ، وثمة ضوء في غرفة القلب إنطفأ ، وثمة إحساس بالأمان إختفى ورحل ولم يعود كما كان . حتى وجهي لم أعد أراه في المرآة .. فهل تراني حين إفترقت عنكِ نسيت وجهي بين يديكِ ؟
كلانا كان يحلق في فضاء الآخر مثل طائر نورس مغترب يبحث عن عش ووطن ، لكننا أضعنا العش وققدنا الوطن . فهل هناك ثمة بصيص من أمل لنبحث معا عن عش فوق شجرة الحب ووطن نسافر إليه يأوينا من غربة وترحال الروح ؟
كلانا كان يتوق من الآخر الى هدهدة الطفل النائم بأعماقة ، كان كل منا يقيم حوار ممتعا مع نفسه وهو يتحدث الى الآخر ، كلانا أحب الأخر بصدق وعمق وجنون ، لكن الحب كان أقوى و أعظم و أكبر منا جميعا ، إنتهى ونحن لم نبدأ بعد . فهل هناك فرصة لأن نحب بعضنا مرة أخرى بعد ان مزقنا الحب الى أشلاء ؟
إننا كتؤمين في رحم واحد نتشابه و نتكامل بطريقة مخيفة ونرى الأشياء بإحساس واحد وننظر الى الحياة بعين القلب .. وكل حب هو مشروع جرح ، وكل حب صادق لا بد أن يكون غارق بالدمع والشمع ويترك ندبة في الروح ودمعة في القلب وأثرا بليغا في النفس فمن نحبهم أكثر و أصدق و أعمق هم وحدهم القادرون على جرفنا في مداراتهم كما تجرف الشمس نجمة صغيرة معزولة وتحرقها بنورها المتوهج .
إننا نحتاج الى بعضنا البعض كمن يحتاج الى دمة ونبضته وخفقته ، إننا كغريبين وجدا نفسيهما ذات لحظة واقفان في ميناء الغربة بعد أن تعبا من السفر والترحال والركض في دروب الألم والحزن ..
فدعينا اليوم نلصق على كل جرح إبتسامة وعلى كل دمعة وردة شوق وعلى كل خيبة زهرة ياسمين .. دعي كل منا يضع عباءة حلمة على حزن الآخر وشجن الآخر ووجع الآخر ... فكم من لحظة تنفس احدنا هواء بعضة يعرف طريقة الى صدرالآخر .
أعدني الى أول يوم رأيتكِ فية .. حينما كان القلب سنبلة خضراء تطرح سبعين ألف قمحة وصال وقمر .
أعدني الى أول يوم خفق فيها القلب لكِ بعفوية كرفة عصفور .
أعدني الى أول يوم أغمضت فيها عيني وأنا أشعر أنني تذوقت طعم السعادة من قلبي وجوارحي .
أعدني الى أول يوم تعانقنا فيه ومال كل منا على الآخر يعتصم به من لحظات آتيه ستجرف ماكنا فيه ولايمكننا منعها . حيث كل منا مان بضرب الأخر على فخذيه .
أعدني الى أول يوم ضحكت فيه معكِ كما لم أضحك فيه من قبل ، وأشتقت فيه إليكي كما لم أعرف الشوق من قبل .
أعدني الى أول يوم أحسست فيه أنني أحب وأنني أقع في هوة الحب السحيقة ، كأجمل لحظة حب تمنيتها وتخيلتها وكما لم أحب من قبل .
أعدني الى أول يوم كنا نرقص في الهواء ، وبالهواء ، وللهواء ، ومع الهواء .
أعدني الى أول يوم خرجنا فيه من حدود الزمان ونسينا كل من حولنا من وجوه وأشياء وكأن كل منا يعتصم بالآخر من ظلم الزمن وغدر الناس وخيبة العمر .
إنتهى كل شئ .. ولم ينتهي اي شئ ..
إننا مثل حبتين في مسبحة الزمن والحزن .
فمن سيأخذ طيفك مني ؟
من سيسرق عطركِ من حواسي ؟
من سيمحي من ذاكرتي ملامحكِ وآثاركِ الباقية ؟
إن كل شئ زائف مالم نتشارك فية معا ..
وإن الفراغ الحقيقي هو أن لا يبقى لك من تحبه ، ويحبك ..
وإننا نرحل غالبا دون أن نعرف لماذا كان الرحيل والى أين منتهاه ...؟؟
وما أستطيع قوله اليوم ..
أنني أحبكِ والشئ الأندر من حبي أني أحب تعلقكِ بي ولن أتخلى عنك مالم تتخلي أنتِ عني ، حتى في لحظات الخيبة والحزن والألم والندم كلما نظرت الى قلبي لم أجد فيه لكِ مساحة أخرى ولو صغيرة يمكن أن يتسلل منها شئ آخر غير ؟ الحب .
أطبع قبلة على عينيكي اللتين أحبهما ..
واللتين تخافين من تعلقي الشديد بهما وتقولين دائما بصوت نصف مازح نصف جارح :
" إن رموشي تتساقط من عيني كلما قلت .. أنك تحب عيوني "
فهل ياترى مازالت رموشكِ فاتنة وساحرة وجميلة كما هي أم فتك بها الزمن والحزن وعيون الخلق
الاول : ألست ( انت ) ايضآ : الكتب التي قرأتها ، والاغاني والخطب التي
سمعتها ، والافلام والاماكن التي شاهدتها ، والعطور التي شممتها ، والكفوف
التي صافحتها ، والافكار التي آمنت بها ، والكلمات التي قلتها .. وستقولها؟
الثاني : نعم .. انا كل هذا .. وذاك ...
*
*
*
تــــــــــوأم روحي